«كلنا قطر » هكذا كان الشعار العربي العام في معركة الصراع من اجل الفوز باستضافة كأس العالم 2022 في مواجهة مجموعة من الملفات الاخري وعلي رأسها بالطبع الملف الامريكي الذي خسر لصالح الملف القطري الذي جاء اولا وبحسب المعايير التي تحددها الفيفا لمثل هذه الملفات اذا كأس العالم 2022 سيكون في ضيافة قطر بعد ان حققت الانتصار العربي علي حساب الولاياتالمتحدةالامريكية انتصار يأخذ مجموعة من الاتجاهات بعيدا عن المونديال وكرة القدم التي لم تعد خالية من شبهة السياسة ومسار حراكها العالمي في فترة الاحادية القطبية والسيطرة الامريكية علي مسار الاحداث العالمية مما يفرز بدوره سؤالا محوريا هل يمكن ان تخسر الولاياتالمتحدة ملفا مع كل ما تمتلكه من ادوات القدرة علي الكسب وطوال صراعاتها في المنطقة وما هي المعايير التي تجعل دولة بحجم قطر تحقق انتصارا باهرا علي الولاياتالمتحدةالامريكية حتي ان كان ذلك في مضمار كرة القدم، ام ان الامر يتعلق بالفيفا المنظومة المسؤولة عن كرة القدم في العالم وحياديتها وان كرة القدم تمر بعيدا عن ملاعب السياسة وهل يمكن ان تخسر امريكا ملفا يأتي بعد ان كسبت روسيا قبلها وفي نفس المضمار والسياسة لا تمر بعيدا عن مجري التاريخ القريب وفترة الثنائية القطبية مما يجعل لفوز روسيا وخسارة امريكا اكثر من معني ويضع مجموعة من التساؤلات حاول الاجابة عليها اولا رئيس الفيفا جوزيف بلاتر بعد اعلانه عن فوز الملف القطري علي حساب الملفات الاخري، وأعلن رئيس الفيفا جوزيف بلاتر عن نتيجة التصويت لتصبح قطر أول دولة عربية وكذلك أول دولة في الشرق الأوسط تنال هذا الشرف من خلال ما قدمته من عرض مبهر ومتميز من اجل استضافة الحدث الاكبر في كرة القدم العالمية، مؤكدا علي ان كرة القدم بدأت تلعب ادوارا مهمة في عملية التواصل ما بين الشعوب، وبحسب التقارير الواردة في وصف الملف القطري للاستضافة فانه انبنى علي عدة محاور جعلته يتفوق علي الملفات الاخري المقدمة الا ان نقطة اساسية جديرة بالاهتمام تتعلق بحضور أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وحرمه الشيخة موزة بنت ناصر المسند ورئيس الوزراء وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. داعمين لملف بلادهم والتي لا يتعدي عدد سكانها المليون نسمة في مقابل الولاياتالمتحدةالامريكية ، وتميز ملف قطر 2022 باستخدام تقنيات حديثة وصديقة للبيئة لتبريد الملاعب ومناطق التدريب ومناطق المتفرجين، حيث سيكون بمقدرة اللاعبين والاداريين والجماهير التمتع ببيئة باردة ومكيفة في الهواء الطلق لا تتجاوز حرارتها 27 درجة مئوية. ووعد ملف قطر بالتخلي عن 170 ألف كرسي في مختلف الملاعب التي تستضيف المباريات بعد انتهاء البطولة ومنحها إلى البلدان النامية. وتملك دولة قطر خبرة كبيرة في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى حيث نظمت كأس العالم للشباب عام 1995، وإحدى أفضل دورات الألعاب الآسيوية في التاريخ عام 2006، كما أنها ستحتضن كأس آسيا لكرة القدم ودورة الألعاب العربية عام 2011، إضافة إلى استضافة بطولات عالمية في التنس والدراجات النارية وبطولة العالم لألعاب القوى داخل القاعات. وتشير وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن قطر تعتبر أحد أكبر خمسة أنظمة اقتصادية متزايدة النمو في العالم، ونتيجة لذلك تقوم الدوحة ببناء مرافق أساسية قيمتها أكثر من مائة مليار دولار أميركي ينتهي العمل فيها عام 2012م. وتخطط الدوحة لأن تكون المركز الأكاديمي والمركز الرياضي وكذلك المركز السياحي الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط، ولتحقيق هذه الرؤية تقوم بزيادة مرافقها السكنية والفندقية بطريقة ملحوظة. الا ان التحرك في اطار الرياضة سبقته تحركات اخري لقطر في مسارح اخري علي المستوي السياسي والسعي لايجاد قدر من التأثير في المنطقة مما يعني ان اختيار الملف المونديالي لا يبعد عن ملفات منطقة الخليج الاخري ومنطقة الشرق الاوسط بشكل عام تحرك ربما يطيح بلاعبين اخرين في هذا الجانب بدأت ادوارهم تتراجع لصالح الدور القطري، فيما يري اخرون ان ذهاب الملف الي قطر هو انتصار للاستراتيجية الامريكية اكثر منه خسارة وهو ما يقلل من مدي صدق التصريحات التي اطلقها الرئيس الامريكي اوباما في اعقاب النتيجة وهو ما يعبر عنه للصحافة في اتصال هاتفي الخبير في العلاقات الدولية والمتخصص في العلاقات الامريكية واستراتيجاتها في الشرق الاوسط البروفيسور واستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية صلاح الدومة الذي وصف الامر بانه قضي بليل وان الولاياتالمتحدة تنازلت عن الملف لقطر، ووصف الامور التي حدثت بانها امور مفبركة ومخطط لها من زمن، واصفا ما حدث بانه عبارة عن مسرحية سيئة الصنع ، واصفا ما يحدث علي الساحة الان هو فقط الجزء البارز من جبل الجليد الذي يخفي خلفه بقية الحقائق علي مستوي الساحة الدولية واصفا ما حدث بانه لم يكن منافسة وانما هبة امريكية لقطر نظير ما تقدمه لها هي من خدمات، وقال ان قطر تفتح ابوابها للوجود الامريكي داخل اراضيها وبالمجان وتوفر محطة متقدمة للتمويل لامريكا من علي اراضيها ، مشيرا الي ان علاقة صداقة وطيدة تجمع ما بين قطر وامريكا يمثل المونديال احد افرازاتها الانية، الا انه اشار الي ان منحة المونديال باعتباره مكسبا ظاهريا ستترتب عليه تأثيرات وتراجع في قضايا جوهرية فالسياسة الامريكية لا تعطي باليسار الا ما تستعيده باليمين مضاعفا، واشار الي ان المخفي من السياسات الخارجية تشيب له الولدان كما حدث في وثائق كيوبكس الاخيرة ، مشيرا الي ان الدافع الاساسي لتلك الخطوة هو المصلحة الامريكية المحسوبة وبدقة، واضاف ان ملف المونديال سيكون مقابل ملفات اخري سيكشف النقاب عنها في مقبل الايام ، مشيرا الي ما اسماه بالتغيير في السياسة الامريكية في المنطقة بعد حرب الخليج الثانية وتداعياتها وفي تحليله النهائي للموضوع يذهب الدومة في اتجاه ان الامر كله مصالح سياسية بحتة وامريكية في المقام الاول. في حين يذهب الكثير من المراقبين ان عملية الاختيار للملف القطري تمت في اطار الخيارات الاساسية التي تتبعها الفيفا في مثل هذه المسائل وان الملف القطري وامكانياته هو الذي دفع باللجنة التنفيذية لاختياره وهو امر يسعد شبهة تأثرها بالعوامل السياسية في اختيار الملفات لاستضافة المونديال والا لكانت امريكا هي الخيار الاول للاستضافة، واشاروا الا ان عامل اخر دعم الملف القطري يتعلق باستضافة الولاياتالمتحدة للحدث في العام 1994 وهو تاريخ ليس بالبعيد نسبيا وهو ما يعني حيادية الفيفا واستقلاليتها . ويمضي استاذ العلوم السياسية المتخصص في المنظمات الدولية الدكتور محمد حمدنا الله عبد الحافظ في نفس الاتجاه الداعم لحيادية الفيفا والقائل بان قطر استحقت الفوز من خلال امكانياتها الاقتصادية المتطورة ودبلوماسيتها الجيدة في التعاطي مع الملف، واستطاعت ان تحشد الكثير من الداعمين لها ساعدتها في ذلك الولاياتالمتحدة نفسها فيما يتعلق بكرة القدم التي لا تجد الاهتمام الكبير هناك كما ان الخوف من اندلاع حالات عنف تكون مصدرها القاعدة هي التي مهدت لفوز قطر ويضاف لذلك حالة العداء التي ينظر من خلالها الكثيرون للولايات المتحدة في العالم وهو امر بحسب وجهة نظر حمدنا الله يعني ان الولاياتالمتحدة كغيرها من الدول يمكن ان تخسر في المضمار الدولي في حال سعي الاخرون لتحقيق انتصاراتهم الخاصة لدولهم ، ولكن اخرين يرون عكس ذلك خصوصا فيما يتعلق بالخوف والهواجس الامنية التي يمكن ان تقابل المونديال القطري خصوصا في ظل قراءة المشهد المكاني المحتقن بالصراعات في وجود اسرائيل داخل المنطقة تضاف لذلك مشاهد اخري هي المشهد الايراني والمشهد الكوري وهي امور انية الان ربما تتغير الخارطة خلال السنوات القادمة في المنطقة ككل وربما تلعب كرة القدم هذا الدور وهو مشهد كان مرافقا لمشهد اعلان الفوز القطري باستضافة المونديال وهو مشهد انتصار المنتخب الكويتي علي نظيره العراقي في اليمن في خليجي عشرين مشهدا اعاد للاذهان ملفات الولاياتالمتحدة في المنطقة في العام 1990 وحرب الخليج في اوج اشتعالها المعركة التي انتهت بانتصار الملف الامريكي المدعوم من منتصري الامس في الخليج الكويت علي العراق وقطر علي امريكا مشهدا يضج بتقلبات السياسة العالمية.