أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع المعارضة وتكريس استقطاب الشمال- الجنوب
الانتخابات السودانية 2010 -(44)
نشر في الصحافة يوم 12 - 12 - 2010

صدرت هذه الدراسه فى سلسلة كراسات استراتيجية الصادرة عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام تحت رقم 211 لسنة 2010 .
حظيت الانتخابات السودانية التي أجريت في أبريل 2010 باهتمام واسع النطاق على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن الاهتمام الداخلي غير المسبوق، حيث كانت بمثابة الشغل الشاغل لكل المواطنين وللقوى السياسية على اختلاف انتماءاتها وتوجهاتها، سواء في الشمال أو في الجنوب. هذا الاهتمام الخاص لم يكن مستغربا، إذ تعد هذه الانتخابات أول انتخابات تعددية ديمقراطية خلال أكثر من عشرين عاما، منذ وصول نظام الإنقاذ إلى السلطة عبر انقلاب 30 يونيو 1989، بالإضافة إلى الطبيعة الاستثنائية لهذه الانتخابات من حيث الاتساع والشمول، ومن حيث التوقيت، وكذلك من حيث الآثار المترتبة عليها، مما جعلها الأكثر أهمية في تاريخ الحياة السياسية في السودان منذ حصوله على الاستقلال في الأول من يناير عام 1956. فقد جرت هذه الانتخابات في لحظة حرجة وفاصلة فيما يتعلق ببنية الدولة السودانية وبحدود ترابها الوطني، وبطبيعة النظام السياسي القائم وآلياته ومصدر شرعيته، كما تأتى قبل بضعة أشهر فقط من استفتاء جنوب السودان على حق تقرير المصير.
4- تبني حزب المؤتمر الوطني خطابا إقصائيا للمعارضة
على الجانب الآخر، أصر حزب المؤتمر الوطني على أن النتائج مبررة ومعقولة. واعتمد في تبرير هذه النتائج على ضعف أحزاب المعارضة، حيث ذهب المؤتمر في هذا الإطار إلى أن الأحزاب التقليدية - ويقصد بها حزبي الأمة والاتحادى- يجب أن تعترف بأن الأوضاع في السودان قد تغيرت بفعل «الثورة» التي شهدها السودان في مجالات التعليم والاتصالات والبنية الأساسية، وأن الحزبين الكبيرين لم يعودا كذلك، بسبب الانشقاقات العديدة التي تعصف بهما، وغياب الفاعلية التنظيمية، وأنهما بحاجة إلى إعادة النظر في خطابهما السياسي، إن أرادا الاستمرار في الوجود على الساحة السياسية. ويقول أنصار حزب المؤتمر أيضا إن الجماهير التي خرجت لاستقبال الميرغنى لم تصوت له، بسبب وجود فارق كبير بين الولاء الصوفي والانتماء السياسي، فضلا عن أن نسبة كبيرة من هؤلاء لم يكونوا مسجلين في قوائم الناخبين.
وفى الوقت نفسه، أفصح بعض قادة الحزب عن مواقف متشددة، رداً على مواقف المعارضة ورفضها للنتائج؛ فمع صدور التقارير الأولية للمراقبين والتي حملت تقييما أقل مما أوحت به التصريحات التي توالت خلال أيام الاقتراع الأولى، انبرى الدكتور نافع على نافع، نائب رئيس الحزب لشئون التنظيم، مدافعا عن النتائج وموجهًا اتهامات قاسية لأحزاب المعارضة. ومن المعروف أن نافع هو الرجل القوى الذي هندس الترتيبات الانتخابية للحزب، والذي عُرف عنه دائما اتخاذ المواقف الطرفية التي لا تعرف الجنوح إلى بناء التفاهمات أو الحلول الوسط. وخلافا لتصريحات سابقة كان قد أدلى بها المستشار الرئاسي ومسئول ملف دارفور، د. غازى صلاح الدين، بأن حزب المؤتمر يتجه إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تشمل الأحزاب التي شاركت وتلك التي قاطعت الانتخابات، من أجل مواجهة التحديات المصيرية التي يواجهها السودان في المرحلة القريبة القادمة، أكد نافع أن أحزاب المعارضة التي قاطعت الانتخابات سيتم استبعادها من الحكومة الجديدة، وأنه «لا ترضية لشخص أو كيان على حساب إرادة الشعب» وفق تعبيره. واتهم المعارضة بالسعي إلى إثارة البلبلة للضغط من أجل تغيير النظام، واعتبر أن «هذه الانتخابات أخرست الألسن وفتحت العيون العمشاء ويكفيها الحضور الكبير والمشاركة الكبيرة»(17).
5- نتائج الانتخابات مؤشر أولي لحدوث سيناريو الانفصال
من بين النتائج ذات الدلالة أن ياسر عرمان، مرشح الحركة الشعبية في انتخابات الرئاسة، قد جاء في الترتيب الثاني بنسبة 22% من إجمالي الأصوات الصحيحة، وجاء مرشح حزب المؤتمر الشعبي، عبد لله دينق نيال في الترتيب الثالث بنسبة 4% تقريبا، ثم حاتم السر على، مرشح الحزب الاتحادي في الترتيب الرابع (2% تقريبا)، ثم الصادق المهدي في الترتيب الخامس (1% تقريبا)، ثم باقي المرشحين بنسب تقل عن 1% لكل منهم.
وهنا يجب الأخذ في الاعتبار عددا من الملاحظات، الأولى أن هناك عدد من المرشحين كانوا قد أعلنوا انسحابهم من الانتخابات ومقاطعتها، مثل ياسر عرمان، والصادق المهدي، ومبارك الفاضل، ومحمد إبراهيم نقد، إلا أن انسحابهم جاء متأخرا عن المواعيد المقررة قانونا، لذلك اعتبرت المفوضية القومية للانتخابات أن ترشيحهم بقى قائما وبقيت أسماؤهم على بطاقات الاقتراع. ومن ثم يمكن القول إن الأصوات التي حصلوا عليها لا تعبر عن وزنهم الانتخابي بشكل صحيح، حيث كانوا قد أوقفوا حملاتهم الانتخابية، وأصبح معروفا للكافة أنهم لم يعودوا مرشحين.
الملاحظة الثانية أن الحركة الشعبية كانت قد أعلنت عن سحب مرشحها من السباق الرئاسي قبل بدء الاقتراع، إلا أنه حصل على معظم أصوات المقترعين في إقليم الجنوب بنسبة تتجاوز 86%، في الوقت الذي حصل فيه البشير في الجنوب على حوالى13% فقط من الأصوات رغم الاستقبالات الحاشدة التي ُقوبل بها في جولاته الانتخابية في ثماني ولايات من إجمالي الولايات العشرة التي يتكون منها الجنوب. وإذا قارنا أصوات البشير قياسا إلى الأصوات التى حصل عليها عرمان في الولايات الشمالية فقط، نجد أن نسبة الأصوات التي حصل عليها الرئيس البشير تبلغ 90% من نسبة المصوتين في الشمال، في حين لم يحصل ياسر عرمان سوى على 3% فقط.
تكمن أهمية النقطة السابقة في أنها تعكس بشكل تقريبي نسب التصويت في الاستفتاء المقبل على حق تقرير المصير في جنوب السودان، فمن صوتوا لياسر عرمان سيصوتون في الأغلب لصالح الانفصال، أما من صوتوا لعمر البشير، فسيكون موقفهم هو تأييد الوحدة، حيث يرجح الكثير من المراقبين أن الحركة قد تعمدت إظهار هذه النسبة العالية لمرشحها المنسحب، سواء بالعمل الجاد أو بالتزوير لقطع الطريق على أي أوهام وحدوية قد يتحدث عنها البشير، لاسيما بعد تصريحاته أثناء الحملة الانتخابية، بأنه سوف يقيم في الجنوب بعد الانتخابات من أجل العمل لصالح الوحدة. ومن ثم، فإن هذه النتائج هي بمثابة رسالة سياسية واضحة فحواها أن الجنوب يريد الانفصال وأنه قد حسم أمره على مستوى القيادة والقواعد الجماهيرية بالعزم على إنشاء دولة أفريقية جديدة تحمل الملامح الأفريقية والثقافة الأفريقية والتوجه الأفريقي، ويعيش فيها العنصر الأفريقي غير العربي مواطناً من الدرجة الأولى، وأن الجنوب لا يفصله عن ذلك الهدف الكبير سوى شهور معدودة، فلا ينبغي لأحد أن يحاول العبث بإرادة شعب الجنوب التي ستتجلى في استفتاء يناير 2011 بنسبة سوف تفوق ما حصل عليها ياسر عرمان وقد تتجاوز 90%.
6- التقييم الدولي المسيس لنتائج الانتخابات
حملت العديد من تقارير القوى التي راقبت الانتخابات قدرًا من التشكك في نزاهتها، حيث أشارت بعثتا الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي إلى وجود بعض أوجه النقص والتقصير، إلا إنهما اعتبرتا الانتخابات خطوة مهمة على طريق التحول الديمقراطي بالنظر إلى الظروف التي يمر بها السودان. أما البعثتان الأكثر أهمية وتأثيرا، وهما بعثتا الاتحاد الأوروبي ومركز كارتر، فقد أشارتا إلى أن الانتخابات لم تستوف المعايير الدولية ولم ترق إلى ما وعدت به الخرطوم من انتخابات حقيقية، وإن كانت - حسب اعتقاد الرئيس كارتر- سوف تحظى باعتراف المجتمع الدولي.
وقد أثار الحديث عن مسألة المعايير الدولية وعدم الوفاء بها، وماهية هذه المعايير، قدرا كبيرا من الجدل. ووفقا للكثير فإن المعايير الدولية للانتخابات تنصرف إلى مدى توافر ضمانات حريات الرأي والتعبير، وحرية تنظيم الأحزاب السياسية، وحرية الترشح وحرية الانتخاب، ثم سيادة حكم القانون والالتزام بالقواعد الخاصة بالدعاية والحملات الانتخابية. ومن الناحية الدستورية والقانونية، فقد توافرت هذه المعايير في حالة الانتخابات السودانية، ولكن تظل هناك فجوة بين الواقع الدستوري والقانوني من ناحية، والواقع السياسي من ناحية أخرى، في كل دول العالم الثالث. وقد استند أنصار حزب المؤتمر إلى هذا التمييز، ورأوا أن القول بأن الانتخابات لم تلب المعايير الدولية ليس خطأ في حد ذاته، لكنه غير دقيق. ودعوا في هذا الإطار إلى التمييز بين المخالفات والتجاوزات التي تطعن في الشرعية القانونية والدستورية لهذه الانتخابات، حيث يتم رفعها إلى المفوضية أو المحكمة الدستورية، والأخطاء الإدارية والفنية، التي يمكن تصحيحها أو تداركها كما فعلت مفوضية الانتخابات. وينتهي أنصار الحزب إلى أن الحكم على تطبيق المعايير الدولية من عدمه في حالة الانتخابات السودانية يجب أن يأخذ في الاعتبار هذا التمييز المهم، والظروف الخاصة في السودان الذي غابت عنه الممارسة الديمقراطية لأكثر من 20 عاماً، وظروف الحرب الأهلية التي أثرت على موارده المالية والبشرية.
ويحتج أصحاب هذا الموقف الذي يقلل من قيمة تقارير المراقبين الغربيين ويصفها بأنها مسيسة، بما أشار إليه المتحدث باسم البيت الأبيض(18) من أن هناك شكوكا أحاطت بهذه الانتخابات إلا أنها خطوه على طريق تطبيق اتفاقية السلام الشامل، وأن الولايات المتحدة سوف تتعامل مع النتائج المترتبة عليها، بما يوضح أن الهدف الأمريكي من العملية برمتها كان ينحصر في كونها خطوة ضرورية على طريق التقدم نحو الاستفتاء على حق تقرير المصير وفصل جنوب السودان. وقد تأكد هذا الفهم بعد التصريحات التفصيلية التي أدلى بها الجنرال ٍسكوت جريشن، المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى السودان، والتي قال فيها في وقت لاحق إن واشنطن تعلم بأن هناك تزويرًا قد حدث ولكنها ستتعامل مع النتائج ومع الحكومة التي سوف تنجم عنها، لأن الانتخابات خطوة أساسية باتجاه الاستفتاء وانفصال الجنوب، وعدم العود للحرب. وعندما سُئل كيف يمكن أن تمنح الولايات المتحدة المصداقية أو الشرعية لانتخابات غير نزيهة، رد بالقول إن الشرعية يجرى اكتسابها عبر إقرار السلام، وإن الانتخابات لن توقف الجنائية الدولية أو المحاكمات وإن كانت الولايات المتحدة تعطى الأولوية للسلام، وعدم العودة إلى الحرب مرة أخرى، الأمر الذي أوضح بجلاء أن الشعارات الغربية عن التحول الديمقراطي والحريات ليست سوى أداة سياسية لتحقيق أهداف معينة، فيتم الحديث عنها حينا، وغض الطرف في أحيان أخرى حسب مقتضى الحال واتجاهات المصالح.
خاتمة
المحصلة النهائية، أن نتائج الانتخابات السودانية قد أعادت إنتاج الهيمنة والسيطرة الكاملة لشريكي اتفاقية نيفاشا. هذه النتائج وإن كانت تصب في صالح الاستمرار في تطبيقات الاتفاقية كما هو مرسوم لها، إلا أنها تعنى أيضا أنها لم تغير ولم تضف شيئا إلى الساحة السياسية السودانية، سوى المزيد من الاستقطاب حيث بقى كل في مكانه بنفس الخطاب ونفس التوجهات ونفس المعالجات مع المزيد من الاحتقان. لقد سادت حالة من الاضطراب والتضارب في التصريحات والمواقف لقادة حزب المؤتمر من مسألة تشكيل حكومة قومية، وإمكانية الوصول إلى تفاهمات مع أحزاب المعارضة سواء التي قاطعت، أو تلك التي شاركت في الانتخابات وخرجت بخفي حنين. وانتهى ذلك إلى تشكيل حكومة تتكون من حزب المؤتمر الوطني والأحزاب المتحالفة معه ( وهى مجموعة الأحزاب الصغيرة المعروفة باسم أحزاب التوالى ) بالإضافة إلى الحركة الشعبية بطبيعة الحال، الأمر الذي أشار إلى استمرار حالة الاستقطاب التي أُهدرت معها آخر فرصة حقيقية لإحداث نوع من التحول في مسار العملية السياسية في السودان من الصراع المسلح إلى الصراع السلمي عبر قواعد محددة متفق عليها استنادا إلى عملية التحول الديمقراطي التي قبل بها الجميع.
كل ذلك يصب في نهاية المطاف في إضعاف قدرة السودان على مواجهة التحديات الجسام التي سوف تواجهه خلال الشهور والسنوات القادمة، وعلى رأس هذه التحديات الاستفتاء، والانفصال الذي يبدو الآن أمرا واقعا، وما سوف يترتب على ذلك من تحديات بالنسبة لترسيم الحدود وقضايا البترول، فضلا عن تقسيم المياه وكيفية احتساب الديون والأصول المشتركة، وأوضاع الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب، وأوضاع ومصير مناطق التخوم. وهل ستنتهي تلك العملية بتحقيق الاستقرار أم ستفتح المجال أمام فصل جديد من الحرب والاقتتال المحلي.
ملاحق
ملحق رقم (1)
ملخص بيان مركز كارتر حول المخالفات في تجميع الأصوات وعدها
أصدر مركز كارتر بيانا تفصيليا، حول وجود مخالفات واسعة النطاق في تجميع الأصوات في الانتخابات(19). وقد أفاد البيان بأن مراحل العد والتجميع في الانتخابات السودانية كانت فوضوية للغاية، وغير شفافة، وقابلة للتلاعب الانتخابي، وأن تطبيق نظام المفوضية القومية للانتخابات لمراحل العد والتجميع تم بصورة غير منتظمة، وضاعف هذه المشكلة الموظفون غير المدربين بشكل كاف، وقلة الموارد، وانعدام الشفافية، والمشاكل اللوجستية في العديد من ولايات السودان. وأشار إلى أنه رغم أن المفوضية القومية للانتخابات صممت نظام تجميع إلكتروني يحتوي على العديد من الضمانات في إدخال البيانات، إلا أن العملية لم يتم اتباعها كما هو مقرر، مما حال دون تطبيق خطوات التحقق والفحص الرئيسية، الأمر الذي أضعف من دقة النتائج. وأن المسئولين قد لجأوا في بعض الحالات إلى التجميع اليدوي متجاهلين التدابير الخاصة بحماية البيانات والمقررة من قبل المفوضية القومية للانتخابات. كما دعا مركز كارتر المفوضية القومية للانتخابات للتحقق، بشكل شامل، من النتائج التي تتلقاها من اللجان الولائية العليا للانتخابات لضمان ألا تتعرض نزاهة الانتخابات للمزيد من التقويض.
* عد الأصوات: وفيما يتعلق بعملية عد الأصوات، أشار البيان إلى أن مراقبي مركز كارتر ظلوا متواجدين في كل ولايات السودان، لمراقبة عملية العد والتجميع بمحطات ومراكز الاقتراع، ومراكز البيانات بالولايات، ومركز البيانات القومي بالخرطوم، وأن مركز كارتر قد لاحظ عجز مسئولي الانتخابات عن اتباع الإجراءات الإدارية السليمة، وموافقة عدد بطاقات الاقتراع التي تم استلامها مع العدد الذي تم إحصاؤه، الأمر الذي نجم عنه إكمال عدد كبير من استمارات النتائج بصورة غير دقيقة. وأن الفشل في التوفيق السليم بين عدد الأصوات المدلى بها في محطات الاقتراع قد أوجد عبئا كبيرا على اللجان الولائية العليا، وجعل عملية فرز النتائج عرضة للتلاعب في المراحل اللاحقة.
أشار البيان أيضا إلى أن عملية العد قد بدأت مباشرة بعد إغلاق قفل باب الاقتراع في كل من النيل الأزرق والقضارف وأعالي النيل، بالمخالفة للقواعد التي وضعتها المفوضية القومية بأن يبدأ العد في اليوم التالى لانتهاء العملية الانتخابية، الشيء الذي أظهر أن بعض المناطق لم تتلق التوجيهات الكافية ولم يحصل العاملون في محطات الاقتراع على فترة الراحة المقررة لهم. وقد شهد مركز كارتر في كل من ولايات شرق الاستوائية وجونقلي، والبحيرات، وأعالي النيل التي تقع في الجنوب، وولاية جنوب كردفان التي تقع في الإقليم الشمالي، قيام وكلاء الأحزاب السياسية بمساعدة مسئولي الاقتراع في عد البطاقات. كما شارك أفراد الأمن في غرب دارفور وشرق الاستوائية في عملية العد مما يتنافى والإجراءات الانتخابية.
أورد مراقبو مركز كارتر أيضا أن عدم استكمال الاستمارات على النحو الصحيح قد حدث بشكل متكرر، كما لم يتم عرضها خارج مراكز الاقتراع كما تقتضي دواعي الشفافية. وكان هناك قدر من انعدام الاتساق في إعلان النتائج في محطات الاقتراع، حيث تباينت الممارسة من ولاية إلى أخرى. لقد ساعد الإعلان الفوري للنتائج، على مستوى محطات الاقتراع، مباشرة بعد اكتمال العد، ساعد على زيادة شفافية العملية. هذا ويمثل الفشل في إعلان النتائج في كل المواقع فرصة مهدرة لتحسين الثقة في نزاهة نتائج الانتخابات على مستوى المجتمع المحلي.
* المشاكل اللوجستية: تطرق البيان أيضا إلى أن المشاكل اللوجستية التي أخرت توزيع بطاقات الاقتراع على الدوائر الانتخابية على مستوى البلاد عند بدء الاقتراع ، قد أعاقت كذلك استعادة صناديق الاقتراع، واستمارات النتائج، والشكاوى الرسمية، والمواد الحساسة الأخرى بنهاية العد، وفي جنوب كردفان وعلى امتداد جنوب السودان، تأخرت استعادة هذه المواد من المناطق الريفية لعدة أيام بسبب مشاكل النقل، وزاد هذا الأمر من قابلية التلاعب وأدى إلى تأخير بدء مرحلة التجميع في بعض الولايات. لقد كانت مساعدة بعثة الأمم المتحدة في السودان في نقل المواد الانتخابية من المواقع النائية إلى عواصم الولايات غاية في الحيوية.
* تجميع الأصوات: أفاد مراقبو مركز كارتر أن عملية التجميع كانت فوضوية تعوزها الشفافية في كل البلاد، مما أثار أسئلة جدية حول دقة نتائج الانتخابات. إن نزاهة العملية قوضت عبر مسيرة من المشكلات، ويشمل ذلك التدريب غير الكافي لموظفي إدخال البيانات، والفشل في استخدام الضمانات المرساة ضد تزوير النتائج أو الإخلال بها، وأوجه القصور في تصميم برامج التجميع الإلكترونية، وتعديل النتائج المخالفة للإجراءات القياسية. وبينما كان تعديل النتائج، في أحيان كثيرة. محاولة لتصويب أخطاء رياضية، إلا أنه تم تغيير الأرقام جزافا في بعض الحالات دون توضيح شاف. كما لاحظ مراقبو مركز كارتر في مراكز التجميع الولائية مشكلات واسعة النطاق في الغالبية العظمى من استمارات النتائج التي عالجها موظفو إدخال البيانات. وشملت المشكلات الشائعة أخطاء الموظفين، والحسابات الرياضية الخاطئة، والتباين في توافق البيانات في استمارات النتائج.
لاحظ مراقبو مركز كارتر، بشكل مباشر، وجود عدد من الاستمارات ذات الأخطاء الفادحة، بما في ذلك استمارات أعيدت فارغة، أو تنقصها معلومات ضرورية مثل (مركز الاقتراع، محطة الاقتراع، معلومات عن الدائرة الانتخابية، أو نتائجها) وأن هذا الأمر مثًل مشكلة روتينية لوحظ وقوعها في مراكز بيانات في 16 ولاية. وأورد المراقبون تكرر خلو الاستمارات من الختم، أو من التوقيعات الكاملة لرئيس المركز الانتخابي أو وكلاء الأحزاب السياسية.
* مصاعب الوصول إلى مراكز التجميع: واجه وكلاء الأحزاب السياسية، وكذلك المراقبون المحليون والدوليون مصاعب في الوصول إلى ومراقبة عملية التجميع. وفي سبع ولايات تم منع مراقبي مركز كارتر منعا كاملا أو منحوا فرصة محدودة جدا للوصول إلى عملية التجميع، في تعارض مع مذكرة التفاهم الموقعة مع المفوضية القومية للانتخابات. لقد منع مراقبو مركز كارتر في الفاشر، شمال دارفور، وعلى نحو متكرر، من مراقبة التجميع، ليتضح أن اللجنة الولائية العليا كانت تعقد جلسات ليلية للتجميع رغم إعلامها من قبل العاملين في إدخال البيانات أن مركز البيانات الولائي قد تم إغلاقه في السادسة مساء، هذا وقد وجد المراقبون في كل من الخرطوم وجنوب دارفور أن عمليات تجميع موازية كانت تتم في عدة مواقع. وأورد مراقبو المركز في أعالي النيل أن عمليات تجميع الاستمارات برمتها كانت تتم، كما يبدو، بطريقة يدوية، في غرفة مغلقة، كان وصول المراقبين إليها محدودا، وغاب عنها بوضوح وكلاء الأحزاب السياسية والمراقبون.
من جهة أخرى كانت شارات اعتماد المراقبين المحليين التي تم إصدارها لبعض المنظمات صالحة لتغطي الفترة من 11 حتى 18 أبريل فقط، الأمر الذي حد من قدرة هذه المنظمات على مراقبة كامل عملية التجميع. وفي بعض الحالات لم يسمح مسئولو اللجان الولائية العليا للمراقبين السودانيين ووكلاء الأحزاب السياسية بالوصول إلى مراكز التجميع. ذلك بينما كانت غرف مراكز البيانات في 4 لجان ولائية عليا مكتظة، الأمر الذي حد من عدد المراقبين الذين يمكنهم التواجد في وقت واحد. إن نقص وعي المراقبين المحليين ووكلاء الأحزاب السياسية بأنه من المسموح لهم الوصول إلى مراكز التجميع ساهم في أن يكون تواجدهم محدوداً.
* تحضيرات غير كافية لتجميع الأصوات: لاحظ مراقبو مركز كارتر في تسع ولايات أن المسئولين لم يقوموا بالتحضيرات الكافية لإجراء التجميع. في إحدى هذه الولايات المتأثرة نقل المراقبون أن ست لجان ولائية عليا لم تبدأ في تعيين وتدريب العاملين الضروريين للعملية إلا بنهاية العد. تم إكمال كتيب العمل في 21 أبريل، ولم توفر اللجان الولائية العليا نسخا منه إلا قبل أيام فقط من بداية التجميع، الأمر الذي لم يترك إلا وقتا محدودا للتعود على النظام المعقد. وقد أدى ذلك إلى التأخير في، أو عدم كفاية، تدريب العاملين في إدخال وإدارة البيانات. كما أدى التأخير في دفع حقوق العاملين إلى إيقاف عملية التجميع بصورة مؤقتة في ولايات الاستوائية الوسطى، وشرق الاستوائية، وشمال بحر الغزال، وجونقلي، والبحيرات، كما حدثت مشاجرات ومواجهات عدة على مقربة من مكاتب اللجان الولائية العليا.
* الانتقاص من ضمانات التجميع اللازمة لضمان كشف الأخطاء الحسابية الفعلية وتحديد الحالات التي تكون فيها النتائج موضعا للشك: فقد طورت المفوضية القومية للانتخابات نظاما مزدوجا لإدارة إدخال البيانات. ويمكن القول بأنه فقط عند استخدام النظامين تكون الضمانات الملائمة لعزل النتائج التي تتطلب مزيدا من التقصي والتصويب قد تم إنفاذها. ومع ذلك، فقد أفاد مراقبو مركز كارتر في أكثر من نصف الولايات التي تمت مراقبتها، أن اللجان الولائية العليا لم توظف إلا مكونا واحدا فقط من مكونات النظام الإلكتروني، مما حال دون تطبيق ضمانات إدارة النتائج بصورة ملائمة وفتح الباب أمام أفعال قد تنتقص من نزاهة العملية.
ملحق رقم (2)
بيان الترابي بخصوص تبديل صناديق الاقتراع(20)
«بسم الله الرحمن الرحيم
1- لأول عهد الانتخابات كنا نرى أنها ستجري في إطار معلول دستورياً، غير عادل تنافساً سياسياً، ذلك أن البيئة التي يفرضها النظام الحاكم لا يستوي فيها المتنافسون، أولاً لأنه إذ لا حرية للمجادلة والنقد والمناظرة بل تسود القوانين الاستثنائية التي تضيق حرية التغبير العام، إلا للحاكمين فيتمتع هؤلاء بكل الإعلام المرئي والمسموع الرسمي، ويملكون إعلاماً مكتوباً واسعاً. إذ يحتكر، ثانياً، النظام موارد الخزينة للمال العام، يصرفها لصالح حركته في أساطيل الدولة بموظفيها السياسيين كلهم. ولئن وقعت الرقابة على الصحف وأُذن بالندوات لموسم الانتخابات المباشر فقد ظل النظام يستغل الإعلام العام بغير عدل، وينفق الأموال العامة بمظاهر فاضحة، ولا يبالى بزهادة إمكانيات المنافسين، وقد أصدر قانوناً للانتخابات لا يراعي عدالة التنافس وحريته الأعدل، وأخر تسوية أزمة دارفور بما يعسر مشاركة أهلها بعدل.
ورغم ذلك آثرنا مع سائر قوى المعارضة أن نشارك، إذ يحكمنا دستور ثنائي قائم ولا بديل لنا إلا الثورة الخطرة على وحدة السودان، وقدرنا أنه يمكن أن نجد حضوراً نيابيا مقدرا مهما قل يضبط الدكتاتورية شيئاً ما خطوة في سبيل التحول الحق نحو الديمقراطية والحكومة النيابية.
2- بعض القوى السياسية استيأست حين مضى النظام يشتد في جنوحه ضد عدالة الانتخابات ولئن مضوا يسجلون الناخبين ويقدمون المرشحين ويحتملون تكاليف حملة الانتخابات فقد كفوا عن سيرة ميئوسة، فانسحب بعضهم أو قاطعوا الانتخابات قبل الاقتراع وبذلك أرهق باحتمال التكاليف التي أنفقوها سدى.
كنا نحن نصدر أحكامنا بصدق في كل مرحلة حسب تطور الحيثيات، فإن ذكرنا بعلل الإطار الدستوري العام الذي لا يحقق تمثيلاً صادقاً سوياً مضينا عازمين أن نحتمل الظلم في ذلك القانون والنظام العام للانتخابات، ثم في مرحلة التسجيل ذكرنا بالقصور لاسيما في المناطق المتأزمة ومناطق القوات النظامية وشاهدنا استغلال الإمكانات الرسمية كلها للحزب الحاكم في حملة تسجيله. ورغم ذلك مضينا.
3- وفي مرحلة أداء الأصوات رأينا المشاهد داخل المراكز الانتخابية وخارجها. وقلنا إننا في الداخل لا نجد بينة على تعويق حركة أداء التصويت من السلطة الحاكمة وإنما وردت الأخطاء الفادحة من المفوضية التي تثير الريبة لا بالكفاءة وحسب بل بالأمانة لاسيما في رسم الدوائر، وترتيب أوراق التسجيل المرتبك بين المواقع، وطباعة المرشحين في نماذج مختلفة بوجوه عجيبة. واحتملنا ذلك، بل غضضنا الطرف عن الفساد في نشاط اللجان الشعبية خارج المراكز وهي ذات ولاء رسمي تقيم وتطعم وتنقل الناخبين وتحرر أوراق السكن والهوية كيفما تشاء لمن ينعطف إليها بنماذج معدة خاصة لذلك فيها كثير من التزوير وقليل من الصدق.
4- أما في مرحلة الاقتراع فقد ظهرت لها خروقات منكرة للقانون والعدالة:
- فهو قانوناً في يوم واحد يمكن لحيثية طارئة في موقع أن يمد، فإذا هو يمتد عموماً إلى ثلاثة أيام في كل المواقع ثم إلى خمسة أيام بلياليها وذلك تكليف هين من الإنفاق لمن ترد إليه الأموال السهلة من المصادر العامة وشاق على المنافسين الآخرين.
- وظهر لنا حضور كثيف من ممثلي المؤتمر الوطني ورجال أمنه بأزياء المراقبين النظاميين أو بإدعاءات تمثيل منظمات طوعية.
- والأخطر من ذلك أن قد أهُمل القانون المادة (76): أن يكون بت الفرز فوراً بعد انتهاء الاقتراع ويستمر كذلك بغير انقطاع حتى انتهاء عدَ الأصوات ولا يجوز التوقف، وباتت الصناديق دون الفتح والفرز لليال.
- الشرطة ومن يحمل زيها تولت مسئولية حفظ الصناديق أثناء المبيت. وغالباً أبعدوا المراقبين وبعض المرشحين الذي سمحت لهم القواعد بالدخول والمبيت والوجود في مراكز الاقتراع ولو امتد نشاطها ليلا، وأحياناً صدر أمر الإبعاد كتابةً بإذن المفوضية وأحياناً قليلة أعيد المراقبون ليصحبوا الشرطة ليلاً في الأبواب الخارجية لحوش المركز.
- لكن الغرف التي أُودعت فيها الصناديق كانت داخل حوش المركز المنفتح على سائر الشوارع ? التي كانت يتيسر الدخول إليها حيثما أراد معتد بالليل. والصناديق يمكن فتحها وإغلاقها دون قطع أو حملها وتبديلها. وقد وردت إلينا بلاغات بوقائع مشهودة ليلاً من التصرف في الصناديق بسيارات طافت على المراكز من ورائها.
- ولقد وردت إلينا أنباء متواترة من ساسة كبار في النظام وعناصر في الأمن الرسمي الخاص كلهم ناجونا ونحن على بقية صلة بهم لأنهم بين البقاء في النظام واستبقاء الولاء القديم للحركة الأصل، ناجونا بأن النظام قد أعد عدته لكسح الانتخابات بمشروع تبديل الصناديق وأوراقها بما يريد من حساب في حظوظ المنسوبين إليهم.
- عند الاقتراع كثير من ضباط المراكز رفضوا مقارنة عد الناخبين عند تمام التصويت السابق مع عد الأوراق الموجودة في الصندوق بعداً وبعضهم وافقوا ووجدوا فروقات بين عشرات وأكثر من مائة وفي حالة ورد بلاغها ضعفا للضعف.
- عند حساب نتائج الانتخابات ظهرت الفوارق بين حظوظ الحزب الحاكم ومنافسيه ذات مدى لا يعقله أحد مهما يكن تقدير التنافس بين من يليه الإعلام والمال الرسمي ومن لا يعمل إلا بجهده المستقل أو جهد حزبه الفقير؛ فالرئيس المرشح والمرشحون ولاة من الحزب الحاكم يحصلون على نحو 90% باضطراد حيثما حسب الاقتراع حتى في ولايات ذات توجه سالب على الحزب الحاكم أو حيث لم يظهر المرشحون للولاية إلا عرضاً بينما المنافسون الذين طافوا واجتهدوا ونشروا أوراقهم الدعائية لا يحصلون إلا على 1%، لكل منهم ليبلغ كلهم نحو 10%. وكذلك المرشحون للنيابة المضطرد ألا يجد المنافسون من غير الحزب الحاكم كلهم جملة إلا على نحو 15% أو أقل. وبعض كسب المرشحين حسبناه نسبة إلى المرشح وزوجه فقط أو هو وأسرته أو أهله وطائفته المباشرة أو هو ومن جاء بهم إلى التصويت وقد عهد فيهم كره النظام والميل إليه بحماس، لكن مثل أولائك أحياناً لا يجدون رقماً قريباً من ذلك المأمون بل أقرب إلى الصفر. لكن الحساب في بعض المراكز الريفية، حيث حرسها بعضهم المراقبين بالسلاح، هنالك انقلب الميزان تماماً وبلغنا في مواقع من دارفور وشرق النيل وحلفا أن الذين عبثوا بالصناديق وأوراقها وأمانة الانتخاب ما كانوا اذكيا ليكفيهم ضمان أكثرية مقدرة فائزة لكنها مستورة ذهبوا إلى إبعاد الزيف المستبين الفاضح.
إننا قد تبين لنا بالشهادة والتجربة من داخل أروقة المشاركة بالانتخابات أنها إن كانت معلولة أساسا لانعدام الحرية السوية العادلة وللتمويل الحرام من خزينة الدولة وأنها من بعد كانت معيبة في إدارة المفوضية الخرقاء وفي التسجيل ومراكز التسجيل العسيرة البلوغ أحياناً إلا لذي المال الوارد من الدولة ? كل ذلك احتملناه ومضينا.
لكن تبين لنا أنها انتهت بعد الاقتراع عند ضرورة حفظ أوراقها وحسابها إلى زور شين وزيف فاضح وسنرفع الأمر للقضاء لكن من العسير في السودان أن يحاكم السلطان الجاني بحكم القانون وضمير القضاء الحر، ولذلك سنعتزل كل ما ترتب على هذه الانتخابات من النيابة إلا في مواقع متأزمة بل سيعتزل مرشحونا أيما إعادة للانتخابات في دائرة. ذلك فضلاً عن إنا لن نشارك في أي سلطة يسود فيها هؤلاء المتحكمون بالقوة والمكر الباطل.»
مراجع:
1 راجع: هانئ رسلان، «السودان: مشهد ما قبل الانتخابات»، مجلة السياسة الدولية، عدد أبريل 2010.
2 انظر جريدة الرأي العام السودانية، 11 أبريل 2010.
3 انظر: الطيب زين العابدين، جريدة الصحافة السودانية، 18 ابريل 2010.
4 انظر جريدة الشرق الأوسط،31 مارس 2010
5 انظر: موقع سودانايل الالكتروني، 1 ابريل 2010. www.sudanile.com
6 موقع سودانايل الالكتروني ، 2 ابريل 2010.
7 جريدة الشرق الأوسط، 2 أبريل 2010.
8 جريدة الشرق الأوسط ، 2 أبريل 2010.
9 الجزيرة نت، 3 أبريل 2010.
10 موقع العربية نت، 8 أبريل 2010.
11 الجزيرة نت، 6 إبريل 2010.
12 الجزيرة نت، 9ابريل 2010.
13 الشرق الأوسط ، 2 ابريل 2010.
14 راجع الموقع الالكتروني لمفوضية الانتخابات السودانية www.nec.sd
15 جُمعت البيانات من موقع المفوضية القومية للانتخابات السودانية.
16 جريدة الصحافة السودانية، 18 أبريل 2010.
17 جريدة الحياة، 19 ابريل 2010.
18 وكالة الإنباء الفرنسية،20 ابريل 2010.
19 انظر جريدة الصحافة السودانية، 12 مايو 2010.
}{}


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.