(قطار الشوق متين ترحل تودينا نزور بلدا حنان اهلا) ..(القطار المره وفيه مر حبيبى ) .. ( من بف نفسك يا القطار ورزيم عجلك قلبي طار وينو الحبيب ؟ ) هكذا كان القطار متجسدا في حياة اهل السودان .. لم يكن القطار مجرد ماعون نقل للناس ومتاعهم وانما كان احد اهم العناصر المادية في الحياة العامة فكم من اسر تمازجت واختلط فيها الدم اثر رحلة على متن القطار وكم عاشقاً كابد اسباب الوله عندما ذهب القطار بمحبوبته بعيدا . وبالرغم من كون القطار ظل وسيله النقل الرئيسة التى كانت تنقل الركاب ومتاعهم الى جميع انحاء السودان يوثق العلاقات بين قبائل السودان المختلفه فقد جاء عليه زمان صار فيه نسيا منسيا ( الصحافة ) التقت مجموعة من المواطنين الذين كان حظهم اوفر ونالوا شرف السفر عبر القطار ومن اولئك النفر الحاجة ست البنات العوض ذات السبعين عاما وتحدثت الينا عن ذلك الزمن الذى يشكل القطار محوره. وبعد ان زفرت بتنهيده توحى على تحسرها بضياع ذلك الزمن الجميل فقالت ( حليل زمن السفر بالقطر .. لم تكن هنالك حوادث ولاخوف الفرحه لم تكن تسع الناس بسبب متعة السفر بالقطار كانت الرحلات متاحة لخلق صداقات جديدة ثم أن اكثر وسائل المواصلات الحديثه تستغرق عدة ايام ... كان الوقت متاحا لخلق صداقات وكانت الوسيله الاخرى للسفر اللورى الذى كان يقطع الوديان والفيافى دون مسار واضح و الشوارع غير مسفلته واحيانا يتوه اللورى من مساره حتى ينهك الركاب من البحث وراء الطريق الصحيح لذلك يفضل الجميع السفر بالقطار لانه وسيله آمنه ) .وتمضى الحاجه ست البنات بالحكى عن سفر القطار وقالت كانت القطارات التى تعمل فى خط الشماليه تسمى على مدنها وهى قطر (حلفا ،كريمه ،والوحدة ) وكل قطر له يوم محدد متعارف لدى الناس وعندما يقف القطارفى المحطات له شنة ورنة حيث تسمع اصوات الباعة وهم فى قمة السعادة و القطار يمثل مصدر رزق الى مجموعة كبيرة من المواطنين الذين يستوطنون على شريط النيل اضافه الى انه ماعون اجتماعى حيث يخلق علاقات حميمة بين المسافرين. والغريب فى الامر معظم علاقات القطار تبدأ بمشكله سببها الجلوس على المقاعد والممرات وبعدها تغلب طيبة وكرم الانسان السودانى وتزول الخلافات فى لمحة حيث يتبادلون الزاد ولكل قبيله وجبه معينة وخاصة القطار الذى يأتى من كريمة اكثر ركابه من قبيلة الشايقيه ولهم وجبه يتلذذ الجميع بمذاقها ويقوموا بتوزيعها على اغلبية المسافرين ،ثم يأتى بائعو الشاى والقهوة يعبرون العربات من حين الى آخر واضافت الحاجة ست البنات يوجد فى القطار مايسمى (بالقمرة ) وهى حجرة صغيرة مفصولة عن بقية العربة وكانت دائما تقوم بحجزها الاسر المقتدرة اما بقية المسافرين يركبون العربات العامة والممرات ونجد الشباب يركبون على ظهر القطار هروبا من التذكرة وعلى الرغم من المتاعب التي تلقاها المسافرون لكنها فى نفس الوقت ممتعة للغايه بالمواقف التى تمر اثناء الرحله وفى بعض الاحيان العلاقة تستمر بين المسافرين ،لكن بعد ظهور وسائل المواصلات المختلفة والقيام بسفلتة الشوارع بدا المواطنون يفضلونها اكثر من القطار نسبة الى اختصار الزمن حتى انتهى عهده وتتمنى الحاجه ست البنات ان تعود وسيلة القطار مرة اخرى التى لم يحظَ بسفرها جيلنا الحالى ووصفت السفر بالقطار انه يعلم الصبر وخلق العلاقات الطيبة اضافة الى الالمام بثقافات قبائل السودان المختلفة .