بعد أن أدمنت الغياب عن المنابر السياسية واضحت شبه صائمة عن التصريح فى الشأن السياسى لفترة ليست بالقصيرة ،بكامل اناقتها وقامتها الفارعة وقفت ربيكا قرنق الاسبوع الماضى اما م حفل تنصيب (مس مليكا) اوملكة جمال الجنوب الذى اصبح تقليدا رائجا فى جوبا عقب توقيع اتفاقية نيفاشا ، ريبيكا وظفت كلمتها فى الاحتفال لتنتقد بحدة ما اطلقت عليه تنامى القبلية وانتشارها بعد توقيع اتفاقية نيفاشا وطالبت ريبيكا بسن تشريع للحد من القبلية فى جنوب السودان وحذرت فى كلمتها من ان تصبح القبلية عائقا امام مسيرة الجنوب الى الحرية قائلة بانه:(اذا لم تتم مواجهة هذا الواقع فسنشهد المزيد من الانقسامات بين المجتمعات وانتشار الكراهية) . ارملة زعيم الحركة الشعبية كانت قد اشارت فى اكثر من منا سبة الى ضرورة محاربة القبلية شأنها فى ذلك شأن اوساط جنوبية عديدة ومراقبون تخوفوا من ان تتزايد حدة الصراع القبلى ما قد يعصف بوحدته مستقبلا ويمنع استقراره على المدى القريب، وبينما تقترب انفاس الانفصال المتوقع للجنوب مع اقتراب موعد الاستفتاء فى التاسع من يناير القادم فان الخلفيات العرقية والإثنية التى يشملها الجنوب قد تمثل فتيلا قابلا للاشتعال فى أية لحظة وقد مثل تمرد قبيلتى الفرتيت وجور شول ببحر الغزال خلال الايام القليلة الماضية فصلا جديدا يشى باتساع رقعة العنف القبلى التى بدأت فى عدة مناطق بالجنوب، فوفقا لتقرير اصدرته منظمة دولية تعمل فى مجال الاغاثة فإن العام 2009 شهد تشريد اكثر من 35 الفا بينما قضى على حوالى 2500 من المدنيين وكانت تقارير اخرى قد كشفت ان هناك اكثر من ثلاثة ملايين قطعة سلاح بأيدى المدنيين من مختلف الاثنيات بالجنوب مايجعل الاوضاع مهيأة لانفجار فى حالة استمرار الاحتقان القبلى فى بعض المناطق التى يتهم اهلها قبيلة الدينكا صراحة بانها تستخدم الجيش الشعبى لحسم خلافاتها القبلية معهم، حيث يذكر بعض افراد قبيلتى الفرتيت والجور ان الجيش الشعبى اتهمهما بموالاة المؤتمر الوطنى ما ادى الى اعتقاله لاعداد ضخمة من الشباب والمعارضين من القبيلتين بينما لايتورع ابناء النوير (احدى القبائل الكبرى) بتوجيه الاتهام علانية للدينكا بانهم يعمدون الى تمزيق القبيلة واقصاء قادتها فى مختلف المناطق بالجنوب رابطين ذلك بوجود معظم البترول فى مناطق انتشار القبيلة حيث يسعى الدينكا للسيطرة على الموارد بعد الانفصال، وكانت مصادر صحفية قد نسبت الى نائب الرئيس على عثمان محمد طه فى تصريحات سابقة ظاهرة تفشى العنف القبلى بالجنوب الى ضعف الاجهزة الامنية بالاقليم (وهو مارأى فيه مراقبون انه استبطن نقدا للحركة انها عقب توقيع الاتفاقية لم تتجه لتقوية الشرطة والاجهزة الامنية بالجنوب ) بينما ترى قيادات اخرى بالمؤتمر الوطنى ان العنف يعتبر مهددا للجنوب حال الانفصال لعدة اسباب أجملتها الاستاذة سامية احمد محمد رئيسة هيئة البرلمانيات ونائبة امين التعبئة السياسية الى ثلاثة اسباب رئيسية على رأسها مايتم من كبت للمواطن الجنوبى واملاء الحركة الشعبية لارادتها السياسية على الاطراف الاخرى بالجنوب رغم عدم قيامها بانجازات مقنعة للمواطنين. فى ذات الوقت اتجاهها لادارة الجنوب عن طريق الجيش الشعبى والاستخبارات مع تعطيل المؤسسات السياسية الاخرى (مجلس التحريروالمكتب السياسى ) وبحسب الاستاذة سامية فإن الجيش الشعبى لايستطيع التعامل مع القضايا بصورة سياسية (اكثر من 60% من قياداته من قبيلة الدينكا بينما الجنود من قبائل واقليات اخرى اضافة الى ابناء جبال النوبة ) وهو مايهدد بانشقاقات عسكرية تأخذ طابع المليشيات ما يجعل من الاستحالة السيطرة عليها اذا ما وقعت والامر الثالث والاخير بحسب سامية هو سيطرة مجموعة محددة من الافراد على موارد الجنوب ما يجعل تلك الاسباب مجتمعة وقودا معدا لاشتعال العنف. الحركة الشعبية من جانبها توزعت اتهاماتها لاسباب اندلاع العنف فى الاقليم الى (مؤامرات للوطنى) من جهة متهمة اياه بتسليح واحتضان بعض المليشيات بينما عزت هجمات فى منا طق اخرى الى قوات جيش الرب ،غيرانه بعيدا عن اسباب العنف فان وجوده على مسرح الاحداث واحتمالات تفاقمه المتزايدة بعض الاستفتاء القادم يجعل الابواب مشرعة لتساؤلات مختلفة حول رؤية الحركة الشعبية لاحتوائه مستقبلا ،وهى قد كانت بدأت مجهودات لجمع السلاح من المدنيين كما انها ابتدرت حملة مصالحات مع عدد من المجموعات المنشقة فى مؤتمر الحوار الجنوبى -الجنوبى الذى عقد مؤخرا بجوبا حيث اعلن رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت عفوا عمن حملوا السلاح ضد الحركة الشعبية فى الانشقاقات التى حدثت فى الجيش الشعبى عقب الانتخابات بقيادة (اطور-قلواك-ياوياو)وآخرين ،غير ان مدير مركز السلام والتنمية بجامعة جوبا دكتور ابينقو اكوك اشار فى سرد تاريخى للعنف القبلى فى الجنوب قائلا انه بدأ من قبل الاستعمار لطبيعة المجتمعات الافريقية التى تطغى عليها القبلية واستمر فى شكل نزاعات بين القبائل الى مابعد الاستقلال وقيام نظام الادارة الاهلية التى استطاعت التحكم فى العنف والسيطرة على الاوضاع ماساهم فى تراجع النزاعات القبلية ذاكرا انه حتى عند حل الادارة الاهلية ابان حكم الرئيس النميرى فى الشمال فقد ظلت الادارة الاهلية بالجنوب ممسكة بزمام الصراعات القبلية ومنعتها من الانتشار، غير ان الدكتور ابينقو اشار الى انه بعد توقيع نيفاشا ظهر الصراع القبلى على السطح بقوة من جديد ومن ضمن اسباب اشتعاله انتشار السلاح بصورة كثيفة بين المدنيين ما تعذر مجهودات جمعه منهم ووصف ولايات (جونقلى - أعالى النيل - البحيرات وواراب) بانها كان لها النصيب الاكبر فى العنف القبلى غير انه ذكر ان جهود الحركة لاحتواء الصراعات القبلية مابعد الانفصال يجب ان تتضمن رؤية واضحة فى الادارة القوية التى تستند على القانون كما انها مطالبة بحسب اكوك باعادة تقسيم الموارد وتخصيص نسب للولايات المستخرج فيها البترول وان تؤسس حكمها على الامن والسلام وهى مهمة الداخلية والامن اضافة الى توعية المجتمع الجنوبى وحسم الصراعات بين القبائل بالقانون. يذكر انه عقب اكتمال التسجيل للاستفتاء تقدمت مجموعات من منظمات المجتمع المدنى الجنوبية بدعوى قضائية لوقف اجراءات الاستفتاء على حق تقرير المصير وقد اشتملت الدعوى على اتهامات للحركة بمنع عدد من القبائل الجنوبية من تسجيل أسمائهم للاستفتاء بجانب عمليات الترهيب ووالاعتقال لاقاربهم فى الجنوب الامر الذى يزيد بحسب مصادر جنوبية من الغبن القبلى تجاه الحركة الشعبية .