يعذبني هذا الصوت الإلهي الأنيق.!! ينساب في رفق الضوء الوليد دفقة، دفقة في الدم، في الشعور، في الروح يحيل لحظات الحياة خضراء ورواء وحياة. يا أيتها القلوب الخفيفة في قلب العاصمة: إن بلبلاً يأوي إلى أعشاشكم العاشقة ينثر بين جنباتها السكرى أجمل ما يهب إنسان لقلب يحمل الحب. انتظروه علي خشبة المسرح واسكتوا، اسكتوا إن الروح الملحنة الدافئة تدغدغ أنبل المشاعر في بلد أنبل المشاعر، في أم درمان البقعة التي تسح فناً وحباً وضوءاً. أجل اسكتوا ودعوه يشجيكم بصوته الملائكي، أعظم ما تسقي روح ويحتضن قلب وتعانق الأحاسيس. إن «ابا عركي» يفرش أمامكم دنيا تذخر بالدفء والجمال والرقة، إنه يصنع للوردة الخضيلة قطرات نداها، ويهب نسمة الفجر اللاهية هذا الشباب الروي الشفيف. ويتمادي فيطرز للمقل حلماً أزرقاً، تنبع بين جداوله الرقراقة هذه اللحظة الإسطورية الملونة التي تتأطر في أفق، مموسق بلا نهاية، إن «الخليل» يبعث من جديد، أجل من قلب هذه الجزيرة المعطاءة الوفية الجزيرة التي تهب بلادي حيالتها قطناً وسكراً وفناً ورجالاً، تقدم لكم في تواضعها المعهود درة غالية من أغلى ما أنبتت أرضها الطيبة الواهية. إن الجوهرة التي تتهادى في هالة لحن للمسرح العملاق تزرع الضياء في الدروب المظلمة، فتحيلها إلى واحات فجر ربيعي أخضر، الماً روحياً متصوفاً يدخل القلوب بلا إستئذان. إن أبو عركي لا زال صغيراً كوردة رابية متمردة تشق التربة الطيبة لتعانق الحياة من خلال الضوء المنحسر عليها من عل. وكما تحيط قطرات الندى الصافية بجيد الزهرة الوليدة ترعاها وترضع أغصانها الطفولية اليانعة باسرار البقاء المتعلقة بأجمل مافي حياة القلوب فإن المهج الشاعرة بجمال هذا الكون وروائع لوحات فنانها الأعظم ستظل ترعى «الخليل الصغير» بأغلى ما تمتلكه القلوب وما أعظم القلوب حيث تخط مصائر فنان يرتدي الروح ملبساً والفن رداء والمشاعر الحلوة البسيطة متكأ ومرقداً. إن الفنان الصغير العملاق ولد ليزرع في القلوب حباً ويوم تنطلق حنجرته الملائكية في رئة المها المقدس سيحس الناس ان قلوبهم تتحرك، تغني، تبكي، تلعب، لا تعرف راحة ولا مستقراً وهى في أتون النار الالهية المشعة من محراب فن الروح الشابة، يومها سيحس الناس بأن قلوبهم سرقت، رقصت، شيء ما لا يعرف كنهه قد حدثو شيء ما. إنني اصلي لهذا الصوت، إن الفنان الأعظم الذي أبدع الكون رسماً، ولوناً وحباً والذي خلق للربيع انضر أغصانه وأنبل وروده، والذي غسل شفة المغرب بهذا السائل الشاعري الشفيف، لا يمكن أن يتخلى عن قلب يهب القلوب أجمل عطايا الله، ويخط بريشته الملهمة الشاعرة أنبل لوحات عاطفة الإنسان الشاعر. ليكن الله معه وليرعاه، إن «أبو عركي»نحيل كالسيف، رقيق كالوردة، عزمه حياة فنان ومشاعره صلوات نبي، يغني فتحس ولا تحس، تضيع في موجة عطر، تستحيل أنت بكل كيانك الحسي الملموس إلى معنى، إلى فكرة إلى لحن، إلى إعتقاد، إلى لا شيء، ولحظتها تتفتح أمام عينيك عوالم طال اشتياقك إليها، وتتهادى روحك بعد أن أضناها الإغتراب والتيتم في دروب الحياة، تتهادى في حقول الشعر والنور والربيع. إن الجزيرة تقدم إليكم هدية أعظم وأغلى من كل ما قدمته وتقدم وما أعظم ما قدمت وتقدم، هذه البقعة الفنية الباهرة. أتركوا شيئاً للقادم العملاق في قلوبكم، خبئوه في أعماقكم وتنسموا نفحات الفن الأصيل من خلال صوته المسحور المبهور ولتكونوا بعدها رعاة هذا القادم العملاق، واوفي حراس حقله الفني، يا تاريخ اسمع: إن بلادنا تتفتح للحياة والسلام وتصنع مجدها كل يوم كل لحظة بعناد وإصرار، وتتأهب للمسير في الدروب الخضراء، حداتها هذه البلابل وحماتها شباب عنيد مومن، ورسالتها السلم والحب والجمال. وشكراً للجزيرة الفيحاء أعظم هداياها للوطن الكبير ويا جماهير العاصمة ميعادنا معكم 71 نوفمبر. ابو آمنة حامد السودان الجديد 12/11/2691م