٭ أثار صحفيون وبرلمانيون، نقاطاً سالبة ، حول رحلة الحج لهذا العام (والنهر بطبعه ملئ بالحصى.. لمن أراد البحث عن حصاة). قالوا : الهيئة العامة للحج قصّرت ، قلت: هذا حديث طيب، فكلما قال أناس إن هيئة الحج قصّرت، فرحت كثيراً، وازددت فرحاً. فلحكمة يعلمها الله، (هيئة الحج) واحدة من مؤسساتنا (إن لم تكن الوحيدة)، التي تبحث عن أخطائها في عيون الآخرين، و(تقوِّمها)، إن كان ثمة ما يحتاج للتقويم في لمح البصر، رأيتها بأم عيني (اللتين سيأكلهما الدود)، في حج العام قبل الذي انصرم، تتكبد الحجاج في مظانهم، وتلاحق الهفوات والملاحظات، ورأيتها بأم عيني (اللتين سيأكلهما الدود)، بعد انقضاء المناسك والعودة إلى الخرطوم، تقيم الورش والسمنارات واللقاءات التفاكرية، من أجل سد الثغرات، ومزيد من تعزيز وتطوير تقديم الخدمة للحجيج. ٭ وغني عن القول إن الحاج السوداني، قطع المسافة، من النوم (تحت الكباري)، إلى استخدام الهاتف الجوال، في فترة زمنية وجيزة. ٭ كلنا يعلم كيف كان حال الحاج السوداني: وجبة واحدة ب(قرقوش) يحمله على ظهره، ولحاف تحت كبري في أطراف مكة، ومشي على الأقدام من مزدلفة إلى مِنى، وسؤال في (المدينة) عن أقرب الطرق إلى القبة الخضراء، وانتظار في الموانئ ساعات بعدد حبات (السّبح) التي يحملها هدايا. ٭الحاج السوداني ما كان يحلم بحبة اسبرين، ولا اتصال بذويه، ولا شارة مميزة، ولا أمير يميّز بين القارن والمتمتع وأن الوقوف بعرفة لا يعني عدم الجلوس على حجارتها . ٭ الحاج السوداني قطع المسافة من النوم تحت الكباري الي الحديث بالجوال في لمح البصر ، وما كان هذا سيحدث، لولا أن قيض الله لهم نفراً، حببهم في الحج، وحبب خدمة الحجاج إليهم، يسمعون كل عام (أطناناً) من الحديث عن التقصير، وهم ماضون في المسيرة، وفي كل عام يحققون طفرة مقدرة في خدمة الحجاج..(ترفُ أثواب السماء بخيط من نور ، وتحيك ملابس الإحرام عباءات لمسح الذنوب). ٭ وجهود هيئة الحج، تجد متابعة دقيقة من الجهاز التنفيذي.. الجهاز التنفيذي، على أعلى مستوياته، يتابع أمر الحج، يوليه فائق اهتمامه، لكونه الركن الركين في الدين، فضلاً عن أنه رحلة لعدد ليس بالقليل، علاوة على أنه يضم المسن والعاجز والنساء. ولعل متابعة قطاع الخدمات الاجتماعية بمجلس الوزراء، ممثلة في لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية، كانت واضحة، إذ أنها كانت متابعة لرحلة الحجيج من أول فوج، غادر إلى الأراضي المقدسة، ولم تنقطع هذه المتابعة، بل تحولت إلى معايشة يومية، والتصاق بالتفاصيل. ٭ لا أحد يتوقع ألا تحدث بعض الاخفاقات، في تنفيذ رحلة الحج، بل ليس من المستبعد أن يلاقي حجاج العام القادم، بعضاً من الشدة، ويظل المطلوب مزيداً من التجويد لتجاوز الصعاب، وفي تقديري أن فكرة إطعام الحجاج، والتي طرحت قبيل رحلة هذا العام، ولكنها لم تنفذ، تظل فكرة من الأفكار التي يمكن بها تجنب الكثير من المشاكل، على الأقل تضمن للحاج وقتاً أوفر للتفرغ للعبادة، وتجنبه خطر التجوال بحثاً عن الطعام، وتقيه شر (التوهان).. وبالقطع هناك الكثير من الأفكار التي يمكن أن تأخذ بها الهيئة لتعزيز الخدمات، وتقديمها بصورة أفضل. ٭ والأهم من كل ذلك، أن الحاج السوداني، يؤدي - الآن - مناسكه على الوجه المطلوب، وهي المهمة الأساسية لهيئة الحج، وهي المهمة الأعظم، يهون بجانبها، ولا يسوى جناح بعوضة، فقدان شنطة سامسونيات في مطار، أو تأخر سفرية لنصف يوم، أو ما إلى ذلك، مما أغضب بعضهم . ٭ هيئة الحج اعتنت بأمر المناسك ، لدرجة عظيمة مما يدفعنا إلى تقديم التهنئة لحجاجنا بحجة مبرورة، (والحج المبرور لا جزاء له إلا الجنة). ٭ مبروك.