وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمكان إعادة ترتيب الأوراق السياسية بعد 55 عاماً
الإجماع الوطني 19 ديسمبر 1955م
نشر في الصحافة يوم 25 - 12 - 2010


«النبقى حزمة» «كفانا المهازل» غناء وطني
مدخل «2»
«من مفارقات علم التاريخ ان درجة تقدمه ونضجه انما تعبر عن نضج درجة الحاضار اكثر مما تعبر عن درجة عظمة الماضي»
د. سليمان العكسري مقدمة كتاب إعادة قراءة التاريخ
«1»
يشهد العقد الاخير من القرن الواحد والعشرين الميلادي، في بلادنا، صراعا شرسا بين النخب السياسية والحاكمة، والنخب السياسية المعارضة، وسط متغيرات محلية واقليمية ودولية، تكاد تكتم، من سرعة خطواتها العاجلة، وجيب قلوب اهل البلاد، وتداعيات امرها. ولقد يبدو من المهم جدا، ان نستعيد في مثل هذا الوقت تماما، عبقرية الاجماع الوطني في 91 ديسمبر 5591م، اذ فرض عقل وثقافة الجماعة آنذاك، تجاوز احتمالات «مجرد احتمالات» حرب اهلية طاحنة بين من نادوا «بالاستقلال» ومن ارادوا «الوحدة او الاتحاد» مع «مصر». وكانت المقدمات والدلائل تشير الى ذلك في وضوح، دون لبس فكان سيناريو اعلان استقلال الوطن من داخل البرلمان في يوم الإثنين 91 ديسمبر 5591، عنوانا لعبقرية الوعي، وصفاء العقل وشفافية الضمير «كما سوف نرى» اما واقع حال الوطن، بعد 55 عاما، من تجربة تقتضي النضج، فانها، تثير القلق، وتدعو للخوف، وتنادي اهل العقول والحكمة، في اي من «تيارات الصراع» الى التوقف هنيهة والنظر بعيدا الى ما حولنا: ذئاب المجتمع الدولي بكل آلياته، ووفق برامج محددة، وخطط جاهزة، تنتظر الانقضاض على انسان وتاريخ وحضارة السودان، تفتيتا وتشتيتا وتحريضا على كل ما يمكن ان يؤدي للفرقة والتمزق «بؤر دارفور وابيي وجنوب كردفان والنيل الازرق» وقبل كل ذلك فان تيارات الصراع مطالبة، باسم «مستقبل الوطن» بأن ترد «خطاباتها» الى «اصولها» لكي «نعرف» عن اي «مصلحة عامة تدافع، وما هي منطلقات ومرجعية ذلك الخطاب، أهو خطاب «مفتوح» تماما ام ان ثمة ما هو مسكوت عنه وما هو فحوى الخطاب بالضبط Impensable ان مجتمع المعرفة الدولي Knowledge Society يفرض على كل تلك الخطابات «شفافية الطرح» اهي خطابات مغلقة لا تقبل التوثيق.
٭ في سياق القراءة التاريخية المتاحة يبدو «خطابي الصراع» في طرح كل من «السيد الامام الصادق المهدي» رئيس حزب الامة القومي، يوم تدشين كتابه الموسوم «ميزان المصير الوطني» واستعراض «الفريق اول محمد عطا» رئيس جهاز الامن الوطني في ندوة السلم والامن في السودان، المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ضحى الاحد 91 ديسمبر 0102 ذات المكان الذي شهد عبقرية الاجماع الوطني قبل 55 عاما.
خلص «الامام الصادق» المهدي بعد تقديم اسبابه الى «طريق ثالث» خلاصته تشكيل حكومة قومية لمواجهة «التحديات الماثلة» وهو ما لا يختلف عن بعض طروحات تيارات المعارضة الاخرى، واعتبره «عرضا» قائما حتى 62 يناير 1102 «لاحظ انه ذات تاريخ استعادة الخرطوم 5881 ولاحظ انه يأتي بعد حوالى اسبوعين من تاريخ الاستفتاء في 9 يناير 1102، ودون القبول بذلك فانه اما ان ينضم لصف الاطاحة او ان يتخلى نهائيا عن العمل السياسي وينتخب مؤتمر الحزب قياديه.
رأى السيد الصادق في الذي يجري «وقد تابع تطور الازمة تاريخيا» انه يؤدي بالوطن الى ان يوسع ويعمق المواجهات في البلاد وان الانفصال سيحدث تغييرا نوعيا مما يجعل المواصلة مستحيلة.
اما الفريق اول «محمد عطا» فقد ذهب الى ان «المعالجات السياسية من خلال «ما هو مطروح» عبر آليات التوافق والتراضي الوطني وآليات السلام والتحول الديمقراطي يصب في تقوية البعد السياسي للدولة وفي التنمية السياسية الشاملة وتقوية الجبهة الداخلية «المهمة في حسابات الامن القومي.»
وفي هذا السياق فان تقييمه «لاداء الاحزاب السياسية المعارضة» تجاه القضايا الوطنية هو:
اهتمام الاحزاب بسياسة «الحزب» «واحيانا تصبح اجندة «البيت والاسرة».
لم تعمل الاحزاب على ارض «الواقع» لتحقيق وحدة السودان «رغم كلامها عن ذلك وسقوفاتها في ذلك متدنية».
تقاصر الاحزاب السياسية عن حجم التحدي.
تربصها وتمنياتها «بانفصال الجنوب» وتداعيات ذلك بما يقود الى «اسقاط النظام» ووصفه لذلك «بالاماني والاحلام».
وان «الانقاذ ظلت تؤمن بالتوافق والسلام والتراضي الوطني».
وان السودان مستهدف اكثر من اي وقت مضى.
ويدفع د. نافع بالرد: لا للحكومة القومية.. على «الصادق» ان يعتزل اذا اراد».
ولكن ويظل للامام الصادق وغيره خياراتهم.
«2»
٭ اين الصراع فيما اطلق عليه الفكر السياسي «الانساق الفكرية المفتوحة» Open System بديلا «للانساق الفكرية المغلقة Closed System حيث لا بديل الا المطروح. ويقوم «النسق المفتوح على «تركيب» Synthese بين عناصر متضادة» اي فيما يورد الدكتور السيد يس «المستقبل العربي سبتمبر 5002 ص 13»
محاولات للتوفيق بين الفردية والجماعية على الصعيد الآيديولوجي والاقتصادي والسياسي.. محاولة للتوفيق بين عمومية مقولة الديمقراطية وخصوصية التطبيق في ضوء التاريخ الاجتماعي الفريد في كل قطر بين القطاع العام والقطاع الخاص، صور مستحدثة في المكتبة: التوفيق بين الاستقلال الوطني والاعتماد المبادل بين المصلحة القطرية والمصلحة الاقليمية.
وان ذلك النموذج التوفيقي سيتسم بالسمات:
التسامح الثقافي، في مواجهة الصراع الاثني والجهوي باطلاق الطاقات الخلاقة للانسان.
النسبية الفكرية «تجربة الصين تجربة تركيا في المزج بين مكونات مختلفة.
المزيد من «تقليص» مركزية الدولة من خلال الحكم الذاتي للولايات.
الانفتاح للمزيد من الشراكة والمؤسسية بديلا للشخصنة القابضة.
التوازن بين القيم الروحية والمادية.
«3»
٭ هل ستبقى القوى السياسية في صراع ما قبل اعلان الاستقلال في 91 ديسمبر 5591 «النظرية التوفيقية باعتماد النسق المفتوح او هي مارست ثقافة موروثة باسم «تركشة الباب» دون جغمسة او الاجاويد.
ان استعادة المشهد التاريخي تتيح السيناريو التالي «راجع د. بركات موسى الحواتي قراءة جديدة في العلاقات السودانية المصرية مدبولي القاهرة 7991 ص: 581 102»
٭ كان الصراع السياسي ومنذ بدايته عند نشأة مؤتمر الخريجين، يشير من واقع الممارسة الى «الذرائعية» و«التبرير» وهي جينات «الكيد والكيد المضاد» وبدا ذلك واضحا عندما انقسم المؤتمر الى اتحاديين «على تيارات شتى» واستقلاليين «على تيارات شتى» رعى الاول السيد علي الميرغني ورعى الثاني الامام عبد الرحمن المهدي وهما قطبي الصراع، وشكلا فيما بعد، الحزبين السياسيين الاقوى نفوذا وتأثيرا «بنفوذ خارجي معنوي على اسوأ تقدير.
٭ كانت اهم محطات الصراع بين التيار الاستقلالي والتيار الاتحادي اولا الجمعية التشريعية 8491م وهي لا تبعد كثيرا عن نفوذ التيار الاستقلالي خلال دورة او رئاسة المهندس ابراهيم احمد لمؤتمر الخريجين «2491» فقد طالبت المذكرة التي قدمت «للحاكم العام» «حق تقرير المصير» الذي اختلف تيارا الحركة الوطنية في تفسيره.
كون «الحاكم العام» لجنة لدراسة مطلب الاستقلاليين بقيام مجلس تشريعي منتخب برئاسة السكرتير الاداري وعضوية كل من السكرتير المالي والقضائي، وعضوية كل من محمد علي شوقي، عبد الله خليل، مكي عباس، بابو نمر، الزبير حمد الملك، عبد الله بكر، الصديق عبد الرحمن المهدي، محمد محمود الشايقي، الدرديري محمد عثمان، نصر الحاج علي، محمد صالح الشنقيطي، احمد حسن خليفة، محمد احمد محجوب، مكاوي سليمان اكرت، حمد الخليفة شريف، محمد عثمان الميرغني، عبد الرحمن عبدون، يوسف بدري، محمد حمد النيل.
«4»
حارب الاتحاديون والجبهة المعادلة للاستعمار والى حد ما الاخوان المسلمين «صادق عبد الله عبد الماجد» انتخابات هذه الجمعية الى درجة الصدام الدامي، وارتفع شعار حربها حتى ولو كانت مبرأة نوفمبر 8491.
رغم ذلك اجريت الانتخابات وكانت نسبة التصويت في المناطق ا لحضرية لا تزيد عن 3% وفاز حزب الامة «الاستقلاليين بالاغلبية والمفارقة انهم ومن داخل الجمعية فقد طالبوا من خلال اقتراح قدمه العضو محمد حاج الامين ان تتبنى الجمعية رأيا بأن السودان قد وصل مرحلة الحكم الذاتي وترجو الجمعية من الحاكم العام تبليغ دولتي الحكم الثنائي لاصدار قرار مشترك بذلك وللغرابة اجيز الاقتراح باغلبية صوت واحد 93 - 83 وكان السير «روبرت هاو» قد وافق على ذلك. ووجد لوما من قبل دولتي الحكم الثنائي حيث انه لم يستشرهما في تلك الموافقة.
راقبت «مصرش تطرف في الاتفاقية يجد نفوذا ودعما محليا من خلال التيارات الاتحادية، ولم تكن راضية عن التحركات البريطانية وتدعم معارضة الاتحاديين للجمعية التشريعية فاصدرت في سياق موقفها ذلك من خلال حكومة الوفد برئاسة النحاس باشا قرارا من جانب واحد لالغاء اتفاقيتي 9981 و6391 واعلنت «فاروق» ملكا على مصر والسودان. ولم يعجب ذلك القرار «التيار الاتحادي» بحكم مزاجه السوداني بل اثار قلقه «راجع مذكرات البريطاني «قوين بل».
«5»
ثانيا اتفاقية 21 فبراير 3591 وتم التوقيع عليها من قبل طرفي الحكم الثنائي، اللواء محمد نجيب عن مصر ورالف سكرين ستيفنس عن المملكة المتحدة وسبق ذلك من قبل مصر خطوتين تهدئة الوضع مع الجانب المناوي لهم من الاستقلاليين «الامام عبد الرحمن المهدي تحديدا» وتوحيد التيارات الاتحادية، باولوية استراتيجية لمواجهة الانتخابات وتقرير المصير المنصوص عليه وعالجت الاتفاقية التي تكونت من 51 مادة
انهاء الحكم البريطاني/ المصري
حق اهل السودان في تقرير مصيرهم
قيام جمعية تأسيسية منتخبة لتقرير المصير
ممارسة ا هل السودان لشؤون الحكم اثناء الفترة الانتقالية
الاحتفاظ بوحدة السودان كاقليم
سودنة الوظائف
في مساء الجمعة 13 اكتوبر 2591 وبرعاية مباشرة من اللواء محمد نجيب استطاعت لجنة مكونة من عدد من قيادات التيار الاتحادي ان تصل الى ان تنضوي تلك التيارات تحت حزب واحد برئاسة اسماعيل الازهري هو الحزب الوطني الاتحادي وهي الصيغة التي خاض بها الاتحاديون انتخابات المرحلة الانتقالية نوفمبر 4591 وليفوز ب 15 مقعدا مقابل 22 لحزب الامة والاستقلاليين و11 مقعدا للمستقلين و9 مقاعد للجنوبيين و3 مقاعد للحزب الاشتراكي الجمهوري وواحد للجبهة المعادية للاستعمار وكان طبيعيا الا يعترف حزب الامة بتلك الانتخابات وان يتهم مصر بالتدخل لمصلحة الحزب الاتحادي.
«6»
بحكم حسابات «الاستقلاليين»ي فان الموقف السياسي وصل الى نقطة التشبع الحرج، فقرر المواجهة والصدام فسير موكبا الى المطار ليهتف ضد حضور اللواء محمد نجيب للمشاركة في افتتاح البرلمان والذي كان محددا له اول مارس 4591 «كانت مصر تعاني من صراع نجيب/ ناصر، وكان «خضر حمد» قد اوفد لتوجيه الدعوة للواء نجيب «ومسائل اخرى» وزاد من استفزاز حزب الامة والاستقلاليين حركة الصاغ صلاح سالم «والواقع ان الحزب الوطني الاتحادي كان غير راض عن ذلك كما لم يكن جمال عبد الناصر راضيا وفي كل الاحوال فان الصدام الدامي بين الانصار والشرطة كان اشارة لتداعيات قد تقود الى الحرب الاهلية، وكانت رسالة الاستقلاليين قد «وصلت تماما» لمصر وللحزب الوطني الاتحادي: هتفوا «لا مصري ولا بريطاني، السودان للسودانيين.
٭ في وعي ومسؤولية وصل الحزب الوطني الاتحادي الى استنتاجين هما:
٭ انه لا يملك وحدة ولو كان حزبا حاكما ان ينفرد بالقرارات المصيرية.
٭ ان الوحدة او الاتحاد مع مصر لا تؤدي لاستقرار الوطنييي.
وهكذا توالت القراءة المسؤولة في سياق مفهوم «الشراكة» والاستقرار والتحليل الناضج فلم يأت اعلان الاستقلال من داخل البرلمان في 91 ديسمبر 5591 عفوا، كما رأى البعض بل انه قام على تقييم دقيق للموقف التاريخي وضرورته وتداعياته وكانت اشارت ذلك في داخل الحزب الحاكم واضحة.
تململ ثلاثة من قيادات الحزب مما ادى لفصلهم «ميرغني حمزة، احمد جلي، خلف الله خالد.
- مشروع الاتحاد الكونفدرالي الذي وجه اسماعيل الازهري باعداده (امتصاصاً لردود الفعل الحاصلة في الخرطوم وفي القاهرة، وكان مجلس قيادة الثورة المصري قد اجازه في أغسطس 1954.
- عزل محمد نجيب في 14 نوفمبر 1954 أدى لأن يعيد الحزب الوطني الاتحادي حساباته تجاه القيادة المصرية (الحذر والشك).
- تداعت (فكرة الاستقلال) - كمعادل موضوعي - لأزمة التوتر اللاهب بين الاستقلالين في الداخل من ناحية وبين حسابات الضمير ومساءلة التاريخ للقيادة الاتحادية اذا مست السيادة السودانية وفي ذلك السياق بدأ «التسخين» باتجاه «الاجماع الوطني».
- أعلن (اسماعيل الازهري) في (لندن) عند لقائه باتحاد الطلاب هناك في 5 نوفمبر 1954 «ان ميول السودان باتت أقرب للاستقلال من الاتحاد مع مصر». وكان لذلك ردود فعل قاسية في مصر وبداية لانفراج الازمة السياسية في الداخل.
٭ أصدرت الهيئة البرلمانية العليا للحزب الوطني الاتحادي قراراً نصه كالآتي: «ان الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الاتحادي وبعد ان استمعت لوجهات نظر اعضائها في مستقبل السودان وسيادته التامة على أن تتحدد هذه العلاقة بين السودان المستقل الكامل السيادة وبين مصر بطريقة لا تمس سيادته».
٭ كانت القيادة المصرية (جمال عبد الناصر) ترقب الموقف، وتدير حواراً سرياً ومكشوفاً انتهى إلى ابعاد (صلاح سالم) من ملف السودان، واحترام رأي السودانيين. فقد اعلن (جمال عبد الناصر) في 22 يوليو 1952 «ان السودان سوف يكون حراً في الشهر القادم لن يكون فيه جندي أجنبي وسوف يعود لابنائه لتكون لهم الكلمة في تحقيق مستقبلهم».
٭ عرض السيد (اسماعيل الازهري) لقيادة حزبه بتاريخ 24 يوليو 1955 أسباب ومبررت التحول السياسي باتجاه الاجماع الوطني على الاستقلال وفي ذلك السياق.
- طرحت (المعارضة) فكرة الحكومة القومية بديلاً لحكومة الحزب الوطني الاتحادي (حزب الاغلبية) لمواجهة تحديات تقرير المصير الماثلة.
- أسقطت حكومة الازهري في 10 نوفمبر 1954.
- عادت حكومة الازهري في 15 نوفمبر 1954.
- أصدر السيدان (الامام عبد الرحمن والسيد علي الميرغني) بياناً في 3 ديسمبر 1954 يؤيدان تشكيل حكومة قومية، ولم يعارض الازهري (اتجاه الرأي العام الغالب) ولكن اشترط اعلان الاستقلال في أقصر وقت ممكن (تحسباً لأي متغيرات ممكنة).
٭ أعلن في 6 ديسمبر 1956 ان دولتي الحكم الثنائي قد اتفقتا على لجنة دولية للاشراف على (تقرير المصير) وكانت قد منحت سلطة اصدار قرارات بتأجيل (الاجراء) اذا وجدت ان الظروف تقتضي ذلك.
تبلور الموقف عاجلاً - حين استفاد اسماعيل الازهري من سؤال وجهه النائب البرلماني (يعقوب حامد بابكر) (حزب الأمة - دائرة السوكي)، وكان السؤال عن شائعات تقول ان (حكومتكم) قد وعدت (الحكومة البريطانية بمنحها قاعدة جوية في السودان؟! فكانت الاجابة القاطعة ان كلا وكلا. واشبع الازهري في اجابته على (بلين الير) ان مهمة حكومتة محددة ب:
- اتمام السودنة وقد تمت.
- الجلاء وقد تم.
- وجمع كلمة السودانيين على الاستقلال. وقد تم (لاحظ قد تم مما يتيح الاستنتاج بأن اجتماعات خلف الكواليس قد تمت) وسوف يعلن في داخل هذا المجلس يوم الاثنين القادم إن شاء الله...
وفي يوم 19 ديسمبر 1954 وفي داخل قاعة البرلمان اقترح النائب (محمد ابراهيم دبكة) اقتراحاً مدروساً وتم الاتفاق عليه سلفاً: نحن اعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعاً نعلن باسم الشعب السوداني ان السودان قد أصبح دولة مستقلة ونرجو من معاليكم (الحاكم العام) أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بذلك الاعلان فوراً» وثنى الاقتراح عن الحزب الوطني الاتحادي (مشاورجمعة سهل) ففاز الاقتراح بالاجماع - ولتتخذ تدابير ذلك في 1956/1/1.
ملاحظات
هذا السيناريو قبل 55 عاماً - ماذا يثير في عقل - من يشهد موقف القوى السياسية اليوم (حكومة ومعارضة).
- ما هو موقف القوى السياسية (حكومة ومعارضة) من استهداف النظام الدولي؟
- ماذا تثير التصريحات المتبادلة بين القوى السياسية المعارضة والنخبة الحاكمة.. هل ليس هناك (نقطة مقاربة يُبنى عليها موقف توفيقي).
- إذا قرأت الحكومة احتمالات الموقف الناتج عن ما بعد نتائج الاستفتاء... فما هو دور المشاركة والوحدة الوطنية كسياج أقوى.. والسؤال.. بذات البعد موجه للمعارضة - في حالة أية فوضى مفترضة.. هل يستساغ أي فراغ دستوري.
- هل تعيد القوى السياسية قراءة سيناريو 19 ديسمبر 1955.
- ما هي حسابات (تكلفة النزاع) مالياً ومعنوياً على مستوى النسيج الاجتماعي محلياً - وبالضرورة - ما هي تكلفة ذلك النزاع على المستوى الاقليمي والدولي.
- إذا لم يكن كل ذلك وارداً.. (في بعض القراءات - هل يبدو للتقارب والتوفيق أي ضرر مادي أو نفسي (لطرفي النزاع في الشمال).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.