تري هل يمكن توصيف وتنصيف تسيير المواكب والمظاهرات الجماهيرية عقد المؤتمرات الصحفية كعمل دعوي له سنده الشرعي ومسوغاته الفقية. أم هو نشاط سياسي أو قل عمل عام تقوم به القوي السياسية؟ بالطبع تصعب الإجابة على هذا السؤال نظراً لتداخل القضايا وتشابكها فالإسلاميون يؤكدون أنه لا سياسة بلا دين ولا دين بلا سياسة وأن الفصل بينهما هو توجه علماني. ربما، لكن دعونا من هذا كله الآن ولندخل في صلب الوضوع مباشرة وبلا مواربة فقبل أيام خلت تنامى نشاط الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة ونزلت إلى الشارع العام بصورة لأفتة للأنظار والانتباه وحاولت فرض نفسها ووجودها إعلاميا وسياسيا مستفيدة من الأوضاع والظروف الراهنة التى تمر بها البلاد، ومحاولة التغطية على الفراغ في الساحة الإسلامية في أعقاب إنكماش أو غياب المجموعات الإسلامية الأخري عن الثأثير في مجريات الأحداث أو إبداء مواقف حيالها مثل أنصار السنة والأخوان المسلمين والحركة الإسلامية وأصبحت المساجد والمنابر التى يتقدم فيها دعاة الرابطة الشرعية بالإمامة والخطابة مثل المجمع الإسلامي بالجريف غرب الذي يعتلي منبره الشيخ محمد عبدالكريم ومجمع الغفران بالمهندسين في أم درمان الذي يؤدي الصلاة فيه الشيخ عمادالدين البكري ابوحراز ومجمع جبر آل ثاني بحي كافوري بالخرطوم بحري الذي يصلي فيه الشيخ مدثر أحمد إسماعيل بجانب مسجد رئيس الرابطة الشرعية الشيخ الأمين الحاج بحي المعمورة ومسجد أمينها العام الدكتور علاء الدين الزاكي أصبحت هذه المساجد لا حديث لها هذه الأيام سوي المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل السودان وعدم التذرع بحجج تعدد الاثنيات والأعراق والديانات وتكثيف الهجوم على القوي العلمانية بل تبع ذلك تنظيم مظاهرات جماهيرية تطالب بحظر نشاط الحركة الشعبية في الشمال وهدد بعض قادة الرابطة الشرعية وخطبائها بالتصدي بكل ما أوتوا من قوة لمنع الحركة الشعبية في الشمال حال إعلان تطبيق الشريعة الاسلامية. ٭ حسنا، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو تساؤل بشان نشاط الرابطة الشرعية وهل هو عمل سياسي تمارسه الرابطة مثل ما تقوم بذلك كثير من الأحزاب السياسية أم أن كل هذا الحراك شئيا آخرا في هذا الوقت بالتحديد بمحاولة الطرق بسخونة على قضايا قديمة يعمل دعاة الرابطة الشرعية على استدعئها من جديد؟ فاتفاقية نيفاشا للسلام مثلاً والتى تؤكد الرابطة الشرعية بطلانها لم توقع اليوم بل اُبرمت منذ العام 5002م وبند تقرير المصير أو الاستفتاء على الجنوب الذي تنص عليه الاتفاقية وتري الرابطة إن المشاركة فيه تدخل في دائرة الحرام والمحاذير الشرعية قضية مضت عليها «5» سنوات هي الاخري وأن اردنا الدقة فإن مؤتمر القضايا المصيرية في اسمرا والذي نص هو الأخر على تقرير مصير الجنوب أصبح عمره الآن «خمسه أعوم». ٭ ولأن الشئ بالشئ يذكر ومثل ما استدعت الرابطة الشرعية القضايا القديمة لإثبات بطلانها حاليا فإن الذاكرة تحتفظ بكثير من المواقف السياسية المحضة التى قأمت بها الرابطة الشرعية ومن ضمن ذلك المطالبة بمقاطعة الباضائع الإسرائلية ومنتجات بعض الدول الاوربية مثل الدينمارك وحظر تناول مشروبات البيبسي وكوكاكو لا بمعني أن الرابطة الشرعية تريد من الجماهير ممارسة ضرب حصار اقتصادي وتجاري وسياسي على دول الغرب وهذا قطعا يشكل موقفاً سياسياً حتي وأن حاول البعض تبرير ذلك بأنه رد على الإساءة للمعتقدات الإسلامية لكن القضية في ذات الوقت لا تخلو من تأسيس واضح وبالطبع فان أقرب حدث هو مطالبة الرابطة الشرعية للحكومة بحظر نشاط المستشارية الثقافية الإيرانية وإغلاق مكاتبها بالخرطوم وحرق وإعدام كتب الجناح الإيراني بمعرض الخرطوم الدولي بل والاتجاه لفتح بلاغات جنائية وتقديم من سرب بعض كتب المذهب الشيعي لساحات العدالة والمحاكم وهذا بالتاكيد يمكن أن يؤثر ويلغي بظلاله على العلاقات الدبلوماسية بين السودان وايران. ٭ فالرابطة الشرعية للعلماء والدعاة كما عرفت هي هيئة دعوية علمية وفقهية وليست كيانا سياسيا أو جماعة كما يؤكد محدثي الشيخ الأمين الحاج محمد أحمد الذي يشغل منصب رئيس الرابطة لكنها تصدر فتاوي شرعية والنظر في النوازل والمستجدات التى تطرأ على الساحة، وحول نشاط الرابطة الشرعية وحراكها الكثيف الذي شهدته الساحة مؤخرا وانتهي بعقد مؤتمر صحفي بدار الرابطة بالخرطوم بحري وتنظيم موكب جاب شوارع العاصمة الخرطوم ظهيرة يوم الجمعة الماضية يقول الأمين الحاج «اُتهم الإسلام من بعض جهات فدافعنا عنه» ٭ ربما، لكن دعوني أقول إن الرابطة الشرعية وبالرغم من تشديد رئيسها بانها هيئة دعوية وعلمية وفقهية وليست حزبا سياسيا أو جماعة لكنها في الواقع تبدو على غير ما يؤكده رئيسها العام فالرابطة الشرعية من ناحية شكلية لها هيكل وتسلسل تنظمي أشبه بوضعية الحزب السياسي يبدا من قمة الهرم بالرئيس فنائبه ثم الأمين العام وووو وهلم جرا فالرئيس هو الشيخ الأمين الحاج منذ عام حيث ميلاد الرابطة ونائبه هو الشيخ سليمان عثمان أبونارو وأمينها العام هو الدكتور علاء الدين الزاكي وأمين مكتب الدعوة هو الشيخ محمد عبدالكريم و للرابطة مقرأو دار تنظم فيها اجتماعاتها وتعقد لقاءاتها الخاصة ولها علاقات خارجية وتصدر البيانات وتنظم الندوات والمؤتمرات الصحفية كما ان هناك واجهات تتقارب نعها في ذات الاهداف ومع ذلك دعونا نتساءل مجددا وختاما : هل هذه الرابطة كيان دعوي أم حزب سياسي؟