يرى أو قل يروج البعض أن يوم التاسع من يناير المقبل سيكون يوماً مختلفاً لكل أيام في السودان، حيث سترتفع الأسعار أشد مما هو عليه الآن، وستنعدم الضروريات، ومن جديد تعود صفوف الخبز والبنزين، وربما دارت المعارك في المدن قبل الحدود، وذهب أصحاب الخيل الخصب إلى ابعد من ذلك عندما أوصلوا بنفخهم الأجوف بعض الجشعين من التجار لتخزين السلع الغذائية إنتظاراً لهذا اليوم الموعد، الذي لم يبقَ لمروجي الإشاعات، إلا أن يقولوا لأهل السودان أن يوم التاسع من يناير لن تشرق فيه شمس!. ومما زاد الطين بله أن خرج علينا «شيوخ أحزابنا العتيقة» وهم دائما لايتأخرون في مثل هذه المناسبات و«الملمات» خرجوا عبر مؤتمر صحافي في الخرطوم، تعهدوا فيه باساقاط الحكومة «الفاقدة للشرعية» بعد التاسع من يناير بذهاب الحركة الشعبية، ولوحوا بضرورة عقد مؤتمر دستوري، وحكومة قومية، ومن ثم إبرام المزيد من المعاهدات مع الحركة الشعبية التى ستنفرد بحكم الجنوب عبر استفتاء بات سيفرز انفصالا مؤكدا، وهم عندما يفعلون ذلك أي أحزاب قوى جوبا إنما يقولون للشعب السوداني إنتظر المزيد من الأذى والعنت، وهم يعدون العدة لزيادة أزمات الوطن وكان الأجدى لهم أن ينتظروا المواسم الانتخابية ليستلوا سيوفهم وهم يحاسبون الحزب الحاكم. المهم أن جشع التجار يحتاج للضرب بيد من حديد، بحيث لاتكتفي الحكومة بتفريغ مخازن الخرطوم من السلع التي تكدست بها ومن بينها السكر، بل يجب أن يشمل الأمر جميع ولايات السودان، التى بها مخازن ومستودعات أضخم من التى ضبطت في الخرطوم، ويجب أن يتم سحب الرخص التجارية من كبار الجشعين الذين أصبحوا يتفننون في تعذيب الشعب برفع الأسعار بصورة غير مقبولة، وأن لايكون هناك كبيرا أو محترما من بين الجشعين الذين لايهتمون الا بزيادة أرصدتهم في البنوك. أما التاسع من يناير فاحسب أن الشمس ستشرق، وأن الناس سيتناولون الفول والبوش، وسيذهب الزراع إلى حقولهم، وستقام الصلوات في المساجد، ولن يكون هناك جديدا غير إنتظار ساعات قادمات لإعلان دولة جديدة في جنوب السودان، يتوجب أن تكون صديقة للشمال مهما بلغت درجة المرارات من قبل الطرفين، فشعب الجنوب، عاش سنوات طويلة في الشمال، وهو يدرك أكثر من السياسيين أن التعايش أمر لايحتاج لقرارات أنما هو أمر طبيعي، وأن ضاق الجنوب سيكون الشمال أفسح مكان للجنوبيين، الذين لا احسب بأنهم سيكون في مقدرتهم مبارحة الخرطوم ومدن الشمال. دعونا ننتظر كيف سيفجع مروجي الإشاعات، وكيف يغدو الحال أمام مستقبل أحزاب تحالف جوبا، التى نخشى أن تجر المؤتمر الوطني إلى مرحلة تجعلهم يفكرون في «الهجرة» وهو أمر لانتمناه، خشية على شعب السودان الذي أضاع سنوات طويلة وهو يحلم باستقرار الوطن، المعافى من أمراض الماضي، وايضا لانتمناه من أجل استمرار التجربة الديمقراطية، وإصلاح «ثقوبها» بالصبر والمصابرة. وانتظروا معشر المغتربين الذين سيرفعون أرباح شركات الاتصالات في التاسع من يناير باتصالاتهم التي لن تنقطع حتى تجئهم التضمينات من هناك بأن الشمس أشرقت، وأن التلاميذ ذهبوا ألى المدارس، وأن الكنائس أيضا علت أجراسها، أليس التاسع من يناير سيصادف يوم الأحد.؟