بسم الله الرحمن الرحيم عبدالغني بريش اللايمى/الولاياتالمتحدةالأمريكية في السودان هذه الأيام لا شيئ سوى الحديث عن استفتاء " جنوب السودان " المقبل ، ولا شيئ سوى البكاء على الوحدة الوهمية المزيفة لسودان الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، ولا شيئ سوى المطالبات المتزايدة من قبل الشماليين بتأجيل موعد استفتاء جنوب السودان المقرر اجراءه في التاسع من يناير 2011 ، ولا شيئ سوى تهديدات حزب المؤتمر الوطني لشريكه الحركة الشعبية بعدم اعلان " استقلال " جنوب السودان من جانب واحد ، لان ذلك سيكون خرقا لاتفاقية السلام وسيترتب عليه عواقب وخيمة وخطيرة 0 وفي هذه الأثناء دخل رئيس مفوضية الاستفتاء على خط معارضة قيام الاستفتاء في موعده ، وفي يوم الاثنين الموافق 16 اغسطس 2010 اتهم محمد ابراهيم خليل رئيس مفوضية الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان الاعضاء الجنوبيين فيها بمحاولة اقصاء نظرائهم الشماليين 0 وقال خليل في تصريحات لوكالة رويترز إن الاستفتاء المقرر إجراؤه في يناير/ كانون الثاني المقبل ربما يأجل بسبب الخلافات داخل المفوضية ، وهدد خليل بالاستقالة من منصبه إذا استمر الخلاف داخل المفوضية المكونة من تسعة أعضاء خمسة منهم جنوبيون ، واضاف ان الاعضاء الجنوبيين الخمسة في المفوضية المكونة من تسعة أعضاء يصوتون ككتلة واحدة لاعاقة السماح لاي شمالي بشغل منصب الامين العام 0 موقف رئيس مفوضية الاستفتاء من الجنوبيين الأعضاء في مفوضيته ، حقيقةً يعكس العقلية " الجلابية " الاستهبالية التآمرية ، ويكشف للعالم أجمع النظرة الدونية لسُود الشمال لأخوتهم السُود في جنوب السودان ، ومثل هذه المواقف السلبية تجاه الجنوبيون حتماً سبب ومبرر أكثر من كافي لإسراع عملية فصل الجنوب عن شماله حتى يتسنى لهم بناء دولتهم في جو عدلي مساواتي وحقوق انساني ، وجو مؤسساتي فيه الجميع سواسية في الحقوق والواجبات 0 السؤال الملح الذي يطرح نفسه الآن -هو - ما الفائدة من مطالبات الشماليين بتأجيل استفتاء جنوب السودان عن موعده المقرر في اتفاقية السلام ؟ هل هي مناورة سياسية أخرى من سود الشمال لقتل وذبح الاستفتاء قبل ولادته ؟ أم يخططون لإنقلاب ما ، لتعطيل الاستفتاء وسلب حقوق الجنوبيين التي نص عليها اتفاقية نيفاشا للسلام ؟ 0 في الحقيقة - ليس هناك جدوى من تأجيل استفتاء جنوب السودان ولو لدقيقة واحدة ، لأن قيادة الحركة الشعبية قالت في أكثر من مناسبة بانها مستعدة للقيام بحملات مكثفة في الولاياتالجنوبية لاقناع الشعب الجنوبي للتصويت لصالح الوحدة إذا اتخذ حزب المؤتمر الوطني الحاكم في شمال السودان خطوات عملية جدية لإلغاء الشريعة الإسلامية والقوانين الملحقة بها ، وأقام دولة " المواطنة " بنظام ديمقراطي دستوري مؤسساتي فيها الجميع سواسية بغض النظر عن الديانة والقومية واللغة 00 الخ 0 لكن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في شمال السودان رد سريعا برفضه مطالب قادة الحركة الشعبية بخصوص الخطوات الواجب اتخاذها للحفاظ على وحدة السودان 0 إذ صرح كبار اعضاء حزب المؤتمر الوطني بتصريحات منددة بمطالب الحركة الشعبية ، رافضين فيها التخلي عن تطبيق الشريعة الاسلامية لأي سبب من الأسباب 0 وطالما رفض المؤتمر الوطني مناقشة مطالب الحركة الشعبية بجعل السودان يسع لأهله جميعا ، فما الجدوى من تأجيل الاستفتاء لشهر او ستة اشهر او حتى عشر سنوات ؟ ألآ يعد مثل هذا الرفض مراوغة مقصودة والضحك على الذقون ؟ 0 وبينما يراوغ أهل الشمال على استفتاء جنوب السودان ، والتباكي على وحدة دولة الإبادة الجماعية وقتل الأطفال والنساء الحوامل والشيوخ في دارفور وجبال النوبة 00 خرج أهل الجنوب في الآونة الأخيرة ، بشيبهم وشبانهم ، نسائهم ورجالهم ، في مظاهرات شعبية عارمة في كل مدن الولاياتالجنوبية لتأييد الانفصال واستقلال الجنوب 0 خمس سنوات مرت على اتفاقية نيفاشا للسلام كانت كفيلة أن يخطو اهل الشمال خطوات عملية جادة لإقناع الجنوبيين بالتصويت لصالح الوحدة ، وكانت ايضا كفيلة ان يُعاد من خلالها هيكلة وبناء السودان بناءاً يستوعب الجميع 00 خمس سنوةات كانت كافية ان يخطو الشماليين خطوات تُنسي الجنوبيين ذكرياتهم الأليمة في شمال السودان 0 ولكن كل سنة مرت من تلك السنوات الخمس العجاف ، ازداد فيها الجنوبيين ايماناً بأن التعايش مع الشماليين في دولة واحدة أصبح أمراً مستحيلا 0 لقد انتظر الجنوبيين طويلاً ، وهم يحلمون بيوم الاستقلال والحرية ( تاريخ التاسع من يناير 2011) ، اليوم الذي يتخلصون فيه من هواجس الخوف والتردد 00 اليوم الذي يضعون فيه حدا للأيدي الشمالية المخربة التي استباحت تراب الجنوب 00 اليوم الذي سيجددون فيه الولاء والوفاء لأرض الجنوب المباركة 00 اليوم الذي يكرس منطق انتصار دولة جنوب السودان وتحقيق العدالة 00 اليوم الذي سيعد نقطة تحول هامة في بسط الحرية والاستقلال ، ورفض الارهاب 00 يوم رد الإعتبار للجنوب وأهله أجمعين 0 لقد راهن أهل الشمال وبسوء نية على إرجاء موعد الاستفتاء حتى يتمكنوا من تفريغها من مضمونها بشتى الوسائل ، وأخذوا يتوعدون الجنوبيين بالقتل تارة ، وتارة أخرى يلاحقونهم بالاشاعات والفبركة ، ومرة بنسج خيوط الفتن ، لكنهم لم ينجحوا في اختراق صفوف الجنوبيين ، بل ما قاموا به من تهريج وحذلقة زادت من أواصر اهل الجنوب ، وزادتهم ايمانا بقضية الاستقلال 00 وما المظاهرات الجماهيرية العارمة إلآ تكريس لمفهوم التعبئة الشعبية ، من خلال دعواتها لبرلمان الجنوب لإعلان الاستقلال من جانب واحد إذا تقاعست حكومة الخرطوم عن تنفيذ التزاماتها تجاه اتفاقية السلام ، وهي أيضاً رسالة قوية للمليشيات الجنوبية التي تدعمها حكومة الخرظوم ، وتعزف على أوتار المعارضة ان تتخلى عن عبثيتها وتدعم الجهود الرامية إلى اعلان استقلال الجنوب 0 محور مثلث حمدي يائسا ، وبعد أن فقد جنوب السودان الذي كان تحت وصايته لأكثر من خمسين سنة ، سيخرج ليبحث عن ولايات أخرى للترويج لبضاعته المزيفة المضروبة " وحدة السودان " ، فيبدوا هذه المرة انه سيتجه نحو دارفور الذي مشى فيه على اشلاء جثث أطفاله وشيوخه ونسائه ، لإقناعهم بالوحدة التي لم تجلب لهم سوى العذاب والقهر والإضطهاد 00 غير ان كل الدلائل تشير إلى ان وحدة السودان بمفهومها القديم - التعذيبي الإقصائي الإستئصالي ، قد ذهبت إلى الأبد دون رجعة 0 ولذا لن يعيش النوبة في دولة تهين كرامتهم وآدميتهم ، ولن يعيش أهل دارفور ايضا في دولة لا تفهم معنى المواطنة واحترام حقوق الإنسان ، ولن يكن أهل أنقسنا درعاً وذراعاً لتحقيق الأهداف القذرة " للجلابة " 0 وتكرارا ، المظاهرات الجنوبية جاءت لتترجم عن حالة الفرحة التي يعيشها شعب الجنوب ، وهو في انتظار يوم التاسع من يناير 2011 ، ليعلن استقلاله وتحريره من دولة الجلابة ، ويبدو ان نتائج الاستفتاء القادم سيرعب مثلث حمدي ، ولذا لم يخف منذ الآن غضبه وامتعاضه ، فبدأ يتفوه بعبارات قذرة تنم عن طبيعة تربيته الصحراوية 00 وسيصاب بحالة من الهذيان السياسي والهلوسة وعدم التركيز ، سيما بُعيد الساعات الأولى من اعلان الاستقلال ورفع العلم الجنوبي 0 سيكون التاسع من يناير 2011، اشارة قوية لتُجار الوحدة المزيفة بأن القوميات التالية ( النوبة شمالا وجنوبا ، الفور ، الزغاوة ، المساليت ، شعب الأنقسنا ، البجا ، 00 الخ ) ، لن يحافظوا على وحدة وهمية ، بل سيبحثون عن تقرير مصيرهم وفقاً للقانون الدولي الذي يشير في عديد من مواثيقه واحكامه إلى هذا الحق الأساسي ، وعلى هذه القوميات ترجمة هذا الحق على أرض الواقع في السنوات القادمة 0 ونكرر للمرة الألف - ونقول لا لتأجيل استفتاء جنوب السودان عن موعده المقرر في التاسع من يناير 2011 ، لأن موضوع التأجيل هو هروب من أمر حدوثه محتوم ، كما أوضح مصدر اعلامي سوداني مطلع طلب عدم ذكر اسمه يوم الأربعاء 18 اغسطس 2010 عندما قال : (( أن المشكلة هي أن الاجتماعات والمشاورات التي يجريها الشماليين حول الإستفتاء تأتي في الوقت الضائع تماما ، وهي مشاورات لا معنى لها على الأرض ، ذلك أن الانفصال أصبح أمرا واقعا ، ولم يبق منه إلا الإعلان عنه رسميا 0 والمشاورات التي ستجري هي للاستهلاك السياسي لا أكثر ولا أقل ، ذلك أن الحركة الشعبية تعتبر الطرف الفاعل في الجنوب ، ولا تستطيع بعوضة واحدة أن تتحرك في الجنوب من دون علمها ، والحركة الشعبية مع الانفصال ، والرئيس عمر البشير نفسه لا يستطيع محاسبة حاكم واحد في الجنوب 0 وأكد بقوله : لو أنفقت حكومة الخرطوم كل أموال النفط على الجنوب لن تستطيع أن تجعل من الوحدة خيارا جاذبا، حيث أن الجنوبيين يحملون الشمال السوداني مسؤولية تخلف الجنوب وضعف بنيته التحتية ثم إن الخلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ليس فقط خلاف حول المصالح السياسية والاقتصادية وإنما هو خلاف فكري وعقائدي وحتى عرقي )) 0 ونقول وبكلمات واضحات ، وبصوت عالي ، يا أيها الشماليون - خلوكم في قوانينكم الإسلامية ، وفي دولتكم الفوضوية الإقصائية الظالمة ، وهنيئا لشعب الجنوب لدولته المستقلة 00 وفي انتظار الشعوب السودانية الأخرى لنيل حريتها واستقلالها من دولة الإبادة الجماعية والقتل على الهوية 0 والسلام عليكم