أيها السادة: لم يبق أختيار سقط المهر من الأعياء، وانحلت سيور العربة، ضاقت الدائرة السوداء حول الرقبة صدرنا تلمسه السيوف وفي الظهر: الجدار «أمل دنقل» «1» تمتد يا وطني في الشرايين عشقاً نديا، يا مترع النفس، وضيء الروح، تزهو أبيا، زكي الفؤاد، كريم الخصال، سيد السوح: غني الحضور على أكف النيران والبرق والأنواء والحلم المحال، شددت عنان الجياد، شدوت للمجد، توسدت الربى وتوشحت النصال سجلت في قلب الزمان النداء كيف تبدو وقد تعريت حين تناءى «الجنوب» «هل ينكس الرمح في لمح البصر: هكذا»، يتراخى الوعد، يتوارى النهار، يتمدد الحزن في قلبي جراحاً ونواحا تستكين الروح والموت يشل كل أسباب السؤال والدم على غير ما ندري يستعيد في وجهه جوهر الماء الأصيل، «يذبحني في ذلكاليوم تاريخي» «وأذبح في ذات اليوم تاريخي من اليمين الى اليسار: وتقتلني بلا غرابة، بعد مرور السنين، تجار الموت والنخاسين وسفراء المنون وادفع في لحظة الوجع المرير فاتورة الخزي، وخدر الزهو البليد: «أغلقي المذياع» هذا زمان السكتة «سالومي» تغني: من ترى يحمل رأس المعمدان!! «2» حين أبتدر الله الخلق كان الانسان سويا فالحرب لعنة، وكل مداد لا يكتب غير الحب لغته وزاد الناس في رحلة العمر كلمة تعلو السماء، فالبنادق لعنة والسجون لعنة والجوع لعنة وكل ما عدا السلام والحب لعنة.. فكيف نهين الكبرياء وكيف نغتال قاموس الله وناموس الانبياء، يدمر الشر حنايا الصحو الخصيب، ويسكن محل الحب العداء، وفي مساء الشوق يختال النحيب «3» التاريخ في بلادنا خجول، يستحي أن يقول، والشهادة حبلى بكل انواع الزور بالبهتان فالقاتل يبكي فراق المقتول: والشاهد ينعي للناس كيف الموت.. تدلى بالصدفة وكيف.. انهار المسكين: فالسيف يستدل رقاب المارقين والرماح تقطر بالمنايا، تنذر بالوجوم: «لو زمان فجأة» كان في كفي ما ضيعته في وعود الكلمات المزجاة كان في جنبي، لم أدر به أو يدري البحر قدر اللؤلؤة»: ما بال العشب تحرقه نار الحروب.. وصرخات الجنون ما بال الطفل تسرقه أيدي العتاة المجرمين ما بال الموت.. يحف الأمنكة؟! مددت كفي للساحر وللكجور، استذلا ضراعاتي.. همهموا بالسؤال.. كيف نراك في لوح الموت تبحر وانت بلا شراع كيف نراك في النبوءات تنقر الاوتار.. وانت بلا ذراع وكيف ترحل من الانا.. الى الأنا بخاتم الدولة الرسمي، يحملك الدوار الى دوار «3» أستطلع الكهان، والمجان والليل والقمرا، .. كيف يشهد الجهل من عداوته، يرمي الدمار والبؤرا .. واراك يا وطني، كما النيران تستعر حزنك الصخاب ينتشر وقوسك الوضاء، بين الحلم والدهشة، يثخنه الذهول يجتاحه المللا.. تنتضي «الروح» قمم الوعيد، وهدير التوقع.. وكل لعنات «الأسى» ويشهدني الزمان على تحديقه ان يرحل القلب منه اليه بتأشيرة السفر يشهدني الزمان يا وجعي، على سفر مريع من دمي الى دمي، ويطلعني اللوح القديم على نعش يمحق «الشهدا» وعنواني القديم يظل.. بلا مصير دوزنة قبل أخير علينا ان ندفع ثمن ما خسرنا بالتخلي القديم: الطفل يجسر ان يؤجج اللهيب فيما اوقد ابوه وفي وهلة التلهب الجاحم ينكمش ميراث مستقبل محموم وولى سيونكا ترجمة محمد عبد الحي في «أقنعة القبيلة» دوزنة أخيرة: تغوص مقابض الكلمات في لحمي مظاريف الرصاص هي ما سمعت وانما قال المسيح عن الخلاص النهر: فاغتسلوا من الآثام حين يفكر التعساء منكم في القصاص «مصطفى سند البحر القديم» ملاحظات: 1 - بين الأقواس من شعر أمل دنقل 2 - اذا فات زمن التحليل والعقل فلتنفلت «العواطف»..