الناظر للساحة السياسية لا يرى سوى حركة الاستعدادات والتدشينات والليالي السياسية والندوات والطرق الرئيسية والكباري قد ملئت بالملصقات وصور المرشحين، وتظهر بوضوح الامكانيات الهائلة لحزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، خاصة في التنافس على رئاسة الجمهورية بظهور صور مرشح المؤتمر الوطني ومرشح الحركة الشعبية، إلا أن المؤتمر الوطني أكثر انتشاراً، حيث كمية الصور الملونة المثبتة على اللوحات على طول اكبر الطرق الرئيسية، وكذلك على الشاشات التلفزيونية الفخمة وسيارات الاعلان المتحرك مع مكبر صوت. أما بقية الاحزاب فاعلامها ضعيف ويعزى ذلك لضعف التمويل. أتيحت للمترشحين لرئاسة الجمهورية فرصة عبر التلفزيون القومي مدتها عشرون دقيقة لعرض البرامج والرؤى والخطط والافكار في الشأن السوداني، الذي يشمل الجانب السياسي والاقتصادي، والتعليم والصحة، والعلاقات الخارجية. وفي تقديري هذه واحدة من ثمار التحول الديمقراطي وبسط الحريات التي جاءت بها نيفاشا 5002م. وكان لازماً سماع واحترام الرأي الآخر. السؤال هل الأجواء مواتية لاجراء انتخابات حرة ونزيهة ليتم بعدها التحول الديمقراطي المنشود؟ فيجيب البعض بأن الانتخابات تعقد في بيئة لا تنطبق عليها المعايير التي تكفل عدالتها بسبب غياب حرية التعبير وعدم حيدة الأجهزة الاعلامية الحكومية وسيطرة الحكومة على الصحف سواء بالاغراء او الترهيب، وسريان قانون الامن الوطني والسيطرة على أجهزة الخدمة المدنية. وان المؤتمر الوطني لا يقبل ان ينتهي حكمه بالانتخابات. وآخرون يرون أن قانون الانتخابات معيب والتسجيل فيه والسجل كذلك، ولكن يقولون «ما ابوك لكن بربيك». وحتى الآن لم نسمع بأن حزباً قاطع سوى حزب البعث العربي الاشتراكي، لا ادري اي فرع منه لأن داء الانشطار قد اصابه. الحراك السياسي: يتجه صوب الاحزاب الكبيرة كما حدث في عام 6891م مع فارق بسيط نبينه، ان الاحزاب في عام 6891م كانت ستة احزاب وفي 0102م هذه المسجلة لدى سجل الاحزاب 48 حزباً. ولكن الأحزاب الكبيرة ذات الاوزان هي المؤتمر الوطني حزب الامة القومي، الاتحادي الديمقراطي، المؤتمر الشعبي الحزب الشيوعي، الحركة الشعبية، اما الاحزاب الصغيرة ربما تلجأ الى التنسيق والتحالفات، كما بدأت بعض الاحزاب تعيد وحدتها كحزب الامة. اما ظاهرة المستقلين تدل على دور القبيلة الذي عاد بقوة لتلعب دوراً في الساحة السياسية فمن لا يرشحه حزبه يلجأ لقبيلته وينزل مستقلاً واكثر الاحزاب تضرراً المؤتمر الوطني، الحركة الشعبية وحزب الأمة القومي. هذا الوضع لا يعطي اي حزب اغلبية مريحة بمفرده ولكن ربما يلجأ الحزب الحائز على نسبة اعلى ان يبحث عن حزب شريك لتكوين حكومة ائتلافية وفي هذه الحالة تنتهي النسبة التي جاءت بها نيفاشا 5002م «25%» للمؤتمر الوطني «82%» للحركة الشعبية، «41%» للقوى السياسية «6%» للقوى الجنوبية. ثانياً: النظام القادم نظام رئاسي حيث ينفرد الرئيس بقرار تكوين الحكومة دون النظر الى مقاعد البرلمان واوزان الاحزاب. والدستور والقانون لا يلزمان الرئيس الحائز على «05%» من أصوات الناخبين لا قانون يلزمه بقانون نيفاشا 5002م فالرئيس المنتخب له مطلق الحرية في تكوين حكومته واختيار وزرائه ومستشاريه وربما يستعين بحزب او حزبين داخل البرلمان حتى لا تعاق القوانين التي يطرحها بالبرلمان عند عرضها في حالة اتفاق أحزاب تحالف جوبا والتنسيق فيما بينهم على مستوى رئاسة الجمهورية والبرلمان. والسوابق بعمل بها في الاستقلال كما يقول بذلك اهل القانون دائرة الصحافة في انتخابات 6891م عندما تواثق الجميع ضد د. حسن الترابي ففاز عليه الاستاذ شبو مثل هذه اذا حدثت ربما تحدث ارتباكاً وتغير الموازين والنتائج.. ولكن الناظر لكل الاحزاب الكبيرة قد قدمت مرشحيها لرئاسة الجمهورية والولاة والبرلمان ربما يكون ذلك تكتيكاً لتشتيت الاصوات في المرحلة الاولى لرئاسة الجمهورية والمرحلة الثانية يتم الاتفاق على مرشح واحد. وحتماً ستكون النتيجة كدائرة الصحافة التي فسرها د. الترابي علماً بانه نال أصواتاً تؤهله للفوز لولا الاتفاق الذي تم بين الاحزاب بدعم مرشح واحد يفوز على د. حسن مع سبق الاصرار. ان فكرة تأجيل الانتخابات فرصة للاحزاب لترتيب حالها وكذا المؤتمر الوطني لضمان فوز مرشحه وكذلك لتلحق حركة السلام بدارفور المولد. كنا نتوقع توفر معلومات وثيقة لقياس اتجاهات الرأي من المراكز العديدة بالبلاد على اقلها في رئاسة الجمهورية وحظوظ المرشحين للفوز كما تفعل كل الدول وآخرها الانتخابات الاميركية والتي اتضح منذ زمن مبكر من خلال استطلاعات الرأي فوز باراك اوباما. أختم بما خلصت اليه الندوة التي نظمها مركز دراسات الاسلام والعالم المعاصر بمركز الشهيد الزبير تحدث فيها بعض الخبراء الذين اتفقوا على حظوظ الفوز في البشير، الصادق، عرمان، مؤكدين ان السباق الانتخابي سيفرز واقعاً جديداً، ويرى آخرون ان عبد الله دينق نيال سينافس مع انه سيكون خصماً على عرمان الذي سينال اصوات أعلى في الجنوب كما له حظ في الشمال خاصة الشمال العاصمة وجنوب النيل الازرق وجبال النوبة وجنوب كردفان. وعبد الله دينق سينال اصواتاً مقدرة في الجنوب بحكم انتمائه وانه من كبرى القبائل الدينكا كما انه سينافس في الشمال ويجد تعاطفاً من المسلمين ومن خلفه حزب المؤتمر الشعبي الذي دفع به. عموماً كما ادلى بذلك بروفيسور حسن مكي ان الانتخابات سوف تكون حبلى بالمفاجآت غير المتوقعة خاصة على مقاعد البرلمان والولاة والمجالس التشريعية وانها ستأتي بواقع جديد بحيث تتجاذب القوى المختلفة داخل البرلمان ومن متغيراتها ابتعاد الجيش عن السياسة «وكل حركة فيها بركة إني رأيت وقوف الماء يفسده.»