يستعد نحو أربعة ملايين من سكان جنوب السودان لكتابة صفحة جديدة من تاريخهم عندما يتوجهون اليوم الأحد إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء تقرير مصير إقليمهم على خياري الوحدة أو الانفصال، الذي بات راجحا، ويتوقع أن تكون آثاره «زلزالا متعدد الجوانب» في شطري البلاد،وتمتد إلى دول المنطقة. وبلغ العدد الاجمالي للمسجلين الذين يحق لهم التصويت من أبناء الجنوب «3»ملايين و 930 ألف ناخب ، منهم 3753815 سجلوا في ولايات الجنوب العشر، وأقل من 120 ألفا في الشمال، ونحو 60 ألفا في 8 من دول المهجر، و 52 % من الناخبين المسجلين نساء و يلزم مشاركة 60 بالمئة من الناخبين المسجلين في الاستفتاء كي يكون صحيحا. ويراقب الاستفتاء أكثر من 400 مراقب دولي و2100 مراقب محلى يمثلون منظمات مجتمع مدني دولية وإقليمية وسودانية، بالإضافة إلى مشاركة 18 ألف مراقب سياسي من الأحزاب السودانية،بينما تعلن النتيجة في الاسبوع الاول من فبراير المقبل. وبينما اعرب الرئيس عمر البشير عن أمله أن يكون الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان ناجحا ، وأن يعكس إرادة المواطنين في الجنوب ورغبتهم بصورة حقيقية وعادلة، تعهد رئيس حكومة الجنوب سلفاكير باجواء من الهدوء والامن خلال الاستفتاء ،معلناً انه «لا بديل عن التعايش السلمي» بين الشمال والجنوب. واكد البشير، لدى لقائه امس، الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، حرص الحكومة على اكمال تنفيذ كل بنود اتفاقية السلام الشامل. وقال كارتر ،في تصريحات صحفية ، ان البشير أكد انه يتطلع لحوار مستمر مع القادة في جنوب السودان في سبيل تجاوز أية عقبات يمكن أن تحدث مستقبلاً واوضح انه اجرى محادثات بناءه مع رئيس الجمهورية، الذي جدد تأكيد دعمه الكامل لحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم ومستقبلهم عبر الاستفتاء. وأبان كارتر أن البشير يتطلع إلى علاقة مستقبلية بين الشمال والجنوب يسودها السلام والتجانس والتوافق ،وذلك إذا اختار الجنوبيون خيارالانفصال. من ناحيته اعلن رئيس حكومة الجنوب، سلفاكير امس، ان «لا بديل عن التعايش السلمي» بين شمال وجنوب السودان، وذلك عشية الاستفتاء الذي يرجح ان يؤدي الى الانفصال. وقال سلفاكير امام المقر الرئاسي وقد وقف السناتورالاميركي جون كيري الى جانبه «اليوم لا عودة الى الحرب»، واضاف «ان الاستفتاء ليس نهاية المطاف بل هو بداية مرحلة جديدة»، وتابع مخاطبا الجنوبيين «لم يبق لدينا سوى بضع ساعات لنأخذ اهم قرار في حياتنا والاكثر حيوية،واناشدكم جميعا ان تأخذوا قراركم بشكل سلمي لاننا على وشك الانتهاء من تنفيذ المسيرة الطويلة لاتفاق السلام». وتعهد سلفاكير بأجواء من الهدوء والامن خلال الاستفتاء «وانتم تحددون مصيركم استنادا الى خيار حر»، وختم قائلا «لا بديل عن التعايش السلمي» بين الشمال والجنوب. من جهته اكد كيري ان الرئيس الامريكي اوباما تعهد في حال اجراء استفتاء سلمي وتنفيذ اتفاق نيفاشا سينظر في كل الاجراءات المتخذة في مواجهة السودان وعلى راسها قضية العقوبات وهنأ كير بانجاز الاستفتاء، واكد في تصريحات صحفية بأن الاستفتاء يمثل انجاز للشعب السوداني وقادته، من جانبه قال المبعوث الاميركي سكوت غرايشن ان الرئيس اوباما استثمر بشكل شخصي في قضية السودان . واشار الى انه يتلقى اخبار السودان بشكل يومي واعتبر عملية انطلاقة الاقتراع بمثابة اليوم التريخي للسودان وافريقيا والعالم،وتمنى للشمال والجنوب خلق علاقات جيدة واشار الى الحدود الممتدة التي تربطهما وليعيشهم سويا لفترات طويلة. و دعا الأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي مون ،كل الأطراف السودانية إلى التحلي بالهدوء والتعقل خلال الاستفتاء الذي ينطلق اليوم. وطالب كي مون في نيويورك أمس، أن يجري الاستفتاء في «إطار روح الأخوة والسلام»،كما طالب كل الأطراف الموقعة على اتفاقية السلام بمراعاة أن يجري الاستفتاء بحرية ونزاهة وفي أمان، مؤكدا أن الأممالمتحدة ستسهم بدورها في ذلك. وفي الخرطوم، اعلنت مفوضية الاستفتاء استكمال جاهزيتها لاستقبال 3 ملايين و930 ألف ناخب اليوم ،ونشر 9 آلاف موظف اقتراع بالمراكز في الشمال والجنوب ودول المهجر الثماني. وقال رئيس مفوضية الاستفتاء البروفسير محمد ابراهيم خليل، في مؤتمر صحفي امس، انهم متيقنون تماما ان تمضي عملية الاقتراع الى غاياتها المرجوة ،استنادا على نجاح فترة التسجيل التي قاربت على الاربعة ملايين ناخب، تلقت المفوضية 64 طعنا من جملة عدد المسجلين، لافتا الى ان هذا يعطي انطباعا بأن العملية سارت بطريقة جيدة، وهنالك مرحلة اخرى ستسير في ذاك النهج. وأكد انهم يعملون بالتنسيق مع مكتب جوبا الذي يملك صلاحيات مطلقة في تعيين لجان المقاطعات واللجان الفرعية وليست خاضعة لمكتب الخرطوم، بل تعمل بالتوافق دون استخدام الاغلبية الميكانيكية . ورأى ان عملية تأمين الاستفتاء من صميم الجهاز التنفيذي للدولة وفق موجهات تصدرها المفوضية، لافتا لاعلان النتيجة النهائية بالخرطوم بعد تجميعها بالتدرج من جميع الولايات ودول المهجر، وقال ان فترة الاقتراع ستمتد الى سبعة ايام قابلة للزيادة حسب مقتضيات سير العملية، وهي من صلاحية المفوضية الا انها ارتأت انها غير مضطرة الى ذلك لجهة انها ستؤدي الى تراخي الناخبين واعتمادهم على الوقت المتاح. من جانبه، اكد عضو المفوضية، طارق عثمان، ان تأمين المقرات والمباني هو من صميم الجهاز التنفيذي للدولة عبر اجهزتها الامنية والشرطية بموجب موجهات تصدر من المفوضية وفق مبادئي التزام الحياد وعدم التدخل واحترام حريةالتعبير والالتزام بضط النفس دون مغالاة في رد الفعل، وحفظ الامن وضبط الاساليب الفاسدة التي تصدر سواء من الناخبين او موظفي الاقتراع.كما أعلن الفريق عثمان أن نتيجة الاستفتاء للاقتراع ستعلن في الأسبوع الأول من فبراير القادم،وكشف أن هنالك إجراءات يتم اتباعها بخصوص النتائج حيث يقيّم اعلان النتيجة النهائية بعد اكتمال وصول نتائج الإقتراع عبر اللجان المشكلة للإستفتاء على مستوى المراكز، ثم الولايات ومراكز الخارج، وتعلن بواسطة مفوضية الاستفتاء بالخرطوم خلال فترة لاتتجاوز ثلاثين يوماً بعد انتهاء فترة الاقتراع. من جانبها كشفت وزارة الداخلية عن نشر قواتها على مراكز الاقتراع لتأمين الناخبين الجنوبيين من أي تفلتات أمنية تحدث وناشدت المواطنين بعدم الالتفات إلى الشائعات. وأكد نائب مدير عام قوات الشرطة الفريق الدكتور العادل العاجب في برنامج نفير الاستفتاء باذاعة ساهرون أمس على نشر (17.500) شرطي على مراكز الاقتراع لتصدي لأي تفلتات أمنية تصاحب عملية التزمين مؤكداً على هدوء الاحوال الأمنية بمناطق التماس »النيل الأزرق - أبيي - جبال النوبة« طالباً وسائل الاعلام بتوخي الدقة في نقل الحقائق محذراً بعدم التعدي على الجنوبيين أياً كان تصويتهم. وفي السياق كشف وزير الداخلية الجنوب قيير شوانق عن اكتمال نشر 4 آلاف من القوات النظامية لتأمين مراكز الاستفتاء بالولاياتالجنوبية واستبعد حدوث أي مشاكل تصاحب العملية بسبب الترتيبات الامنية المحكمة.وقال الوزير في مؤتمر صحفي بجوبا امس لا أتوقع أي مشاكل تصاحب الاستفتاء لأن الترتيبات الامنية التي تمت محكمة ومتشددة ،وأوضح انها لا تقتصر فقط على مراكز الاستفتاء انما تمتد للأمن العام بالاقليم،لكنه أكد في ذات الوقت انه لا يستبعد حدوث بعض الاختلالات وقطع انها اذا حدثت لن تأثر على عملية التصويت أو تخل بالأمن وذكر ان قوات قلواك قاي التي نفذت الهجوم بتور أبيض أمس تقدر بين 200-300 شخص حسب الجيش الشعبي.