٭ لقد استمعت في الشهر الماضي لتقرير من منظمة يرأسها الدكتور الجزولي دفع الله رئيس وزراء السودان السابق يتحدث عن فساد الشباب في ما يتعلق بتناول المخدرات، وقال التقرير في تلفزيون السودان ان حوالي 43% من الشباب يتعاطون المخدرات، وفي نفس ذلك الشهر ضج الاعلام العالمي لجلد شابة حُوكمت في فساد اخلاقي، الامران يتشابهان تماماً، كلاهما سوء. فإن نسبة 43% من الشباب يتعاطون المخدرات في بلادنا ، هذه نسبة كبيرة جداً، لابد من البحث الدقيق عن اسباب هذه الظاهرة واجتثاثها، حتى لا ترتفع هذه النسبة، ولم يبق لها إلا القليل حتى يصبح 05% من شبابنا يدمنون المخدرات وبذلك سينهار مجتمعنا قريباً والعياذ بالله. اولاً، كلنا يعلم ان الله سبحانه وتعالى خلقنا في هذه الارض لنستعمرها، بمعنى نحن خلفاء الله فيها، والخليفة المنوط به حسن التدبير والرعاية لهذا الكون بما فيه من شجر ومدر وبحر ونهر وحيوان وانسان، ولأن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء بقدر فلابد لنا من بحث عن هذه (الوزنة) الدقيقة لنضبط امورنا على هذه الوزنة، والمسؤولية الاولى تقع على الحكام وهم اولى بخلافة الله سبحانه وتعالى من بقية بني الانسان، واولى وظيفة لهؤلاء الحكام هى حفظ نسل بني الانسان، هذه مسؤولية كبيرة جداً فالله سبحانه وتعالى خلق الانسان من نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم جعله في بطن امه حملاً في قرار مكين، ثم ولدته امه طفلاً ثم يبلغ اشده وهى مرحلة الشباب، ثم لتكونوا شيوخاً وهذه معروفة للجميع، ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر.. كل هذه المراحل تلقى مسؤولية على الحكام وكافة المسؤولين في دول بني الانسان. الطفل بين يدي والديه تقع معظم مسؤوليته عليهما، ولكن ما ان يشب عن الطوق حتى يتشارك المجتمع بأثره في تنشئة هذا الشاب حتى يصبح هو عماد المجتمع حادي ركبه وحارس حدوده وقائد مسيرته مستلماً الراية من السلف، فاذا كان السلف صالحاً فقطعاً هذا الشاب سيكون خير خلف لخير سلف، والعكس تماماً، فهل نحن حكاماً ومحكومين اهتممنا بتنشئة الشباب على الصراط المستقيم؟ هذا ما نحاول الاجابة عليه، وإن كانت الاجابة سبقت بالنفي بدليل ان 43% من الشباب هم من مدمني المخدرات، إذن لماذا هذه النسبة؟ أولاً ، هناك ظروف قاسية جداً يمر بها بعض الشباب في حياتهم الاولى ولم يجدوا من يقف معهم كفقد الوالدين او فقرهما أو المجتمعات السيئة التي وجدت العائلة نفسها وسط هذه المعمعة وصُعب الفكاك منها، او السعي الجاد من شاب في التعليم والتعلم والتخرج في ارقى الجامعات بل والتخصصات بتقدير جيد، ولكن للاسف لم يُهتم به، ولم توجد له أدوات التشغيل من المجتمع والدولة، ويرى زميله الذي من خلفه دفعة واداءً وتحصيلاً في سدة الوظائف المهمة في الدولة، ومع قلة الايمان في ذلك الشاب تجده ينحرف بائساً يائساً يبحث عن اقرب خمارة او اقرب كشك مخفي بالقرب من جامعاتنا ومدارسنا ليتناول المخدر معتقداً انه يريحه قليلاً من هذه المعاناة، ولا يعلم أن هذه السجارة هى الخطوة الاولى والمنزلق الاساسي الى العوم في متاهات اللا معقول الذي يذهب بالعقول الى العالم المجهول.. والعياذ بالله. أما فقد الوالدين أو فقرهما.. لا شك انها مصائب كبيرة وامتحان رباني، ولكنها قطعاً ليست بالاسباب التي تجعل من الشاب يذهب في دواهي لا طائل منها، بل يجب ان تكون هذه من اسباب العزائم التي تنهض بالرجال والنساء، والتاريخ سطر لنا سير يتامى دخلوه من اوسع وابرح ابوابه ولا اظن ان العالم يغفل دور ذلك اليتيم العظيم خاتم النبيين والمرسلين، وفي عصورنا الحديثة هناك من بذوا العالم بمقدراتهم اذا اعتبرنا ان النبي صلى الله عليه وسلم هو نبي مرسل، فهذا مانديلا ومعروفة قصته فقد والده وعمره ست سنوات، وهذا اوباما فقد والديه معاً وحكم اكبر دولة في العالم وهو بالاضافة الى يتمه غريب نسب الوالد عن بلاد والدته، ونعرف كثيراً من الايتام الذين وافقوا الاخرين قوة واقتدارا واخلاقا وسادوا الجميع بمعارفهم ودراستهم، ولكن المفروض على الحكام رعاية اليتامى والفقراء من أبناء وبنات بلادهم، وليس ذلك بمستحيل، احتفال جماهيري واحد، او استقبال لمؤتمر دولي او دخل لمباراة بين الهلال والمريخ ، اني لمتأكد جداً ان مبلغ هذه المنتديات لمرة واحدة يُعيش آلافا من اليتامى ويرعاهم لسنين عددا.. يا ليت حكامي يعلمون. أما اهم شيء وهذا في مقدور الجهات المعنية هو محاربة المخدرات في مهدها واكثر ما يتناوله شبابنا للاسف هو الحشيش المحلي لقلة قيمته النسبية ولوفرته ومعلوم اين يزرع هذا الحشيش ومن هم ادواته للوصول للعاصمة ومن هم المشترون، للاسف الجهات المعنية تتبع الادوات واذا ما قبض علي الاداة بحمار او بوكس مليئا بالحشيش حوكم هذا الشخص فقط؟ هذا صحيح ولكن لماذا لا نتبع الخيوط حتى نصل الي الرؤوس الكبيرة ثم الانقضاض عليها، طبعاً الوصول اليها دونه خرط القتاد لاسباب كثيرة وكبيرة ولأن الرؤوس اصلاً كبيرة، وعاوزة فؤوس كبيرة وللاسف لا يوجد حدادون في البلد! والشيء الآخر طالبنا مثني واكثر أن الِبلاد التي تزرع فيها هذه المصائب موجودة بكثرة في جنوب دارفور وغيرها، وهى لا زالت مناطق افريقية تعيش في افريقيا الوسطى لا خدمات ولا تنمية، بما أنها ارض بكر لو زرعنا فيه كل محاصيل الدنيا لنبتت لماذا لا نفتح هذه المناطق ونجعل للمجتمع بدائل يعيش منها وتصدير الخير بدل تصدير الشر هل هذه التنبيهات عايزة درس عصر وبقروش كمان. أما موضوع (البِنية) التي جُلدت هذا موضوع اخر، ولكن لا يبعد ابداً عن مجمل طور الشباب ورعايته والوقوف معه ولكن سنفتح موضوع الفتاة في مقال آخر في مقبل الايام اذا كتب الله لنا الايام. ملحوظة: ٭ اخطاء كثيرة تحصل في مقالاتنا معظمها بسبب الطباعة لا يفوت على فطنة القاريء ماذا تعني، أحيانا الاخطاء قاتلة ونعتذر.