كشفت جولة للصحافة ببعض أسواق العاصمة عن عرض بعض السلع الغذائية التي شارفت على إنتهاء مدة صلاحيتها وعزا التجار عرضها بأسعار أقل من التي تعرض بها رصيفاتها في المتاجر لاسيما أن الذين يتولون مهمة توزيع السلع التي اقترب إنتهاء مدة صلاحيتها هم من يعرفون بالسريحة الذين أكدوا أن بيع تلك السلع بأسعار زهيدة بالرغم من قلة الأرباح التي تعود عليهم إلا أنه يمثل لهم مصدر رزق لابأس به، بجانب أنه في نفس الوقت يساعد التجار على تخفيف حجم الخسارة التي يمكن أن يتعرضوا لها إذا ما انتهت صلاحيتها وهي بمخازنهم لذا يفضلون الخلاص منها بأي سعر يعوضهم جزءا من تكلفتها الحقيقية . ففي سوق الوحدة بالحاج يوسف الذي اشتهر بسوق 6 يقول البائع آدم محمد آدم الذي ينهض في بيع أنماط من معجون الطماطم (الصلصة) من الحجم الكبير بواقع جنيهين ونصف للعبوة فيما تباع في المتاجر والبقالات بواقع 3.5 جنيه وعندما سألته عن سبب بيعها بهذا السعر الزهيد قال إن السبب في ذلك هو قرب إنتهاء مدة صلاحيتها التي لم يتبق عليها أكثر من 12 يوماً، وعندما استفسرته عن مصدرها ابان أنهم يأتون بها من بعض تجار الجملة الذين يتيقنون أن مدة صلاحيتها قد أزفت فيحاولون الخلاص منها بأي سعر لتخفيض الخسارة بالنسبة لهم وعن حجم الإقبال عليها يقول آدم إنه كبير خاصة أن السحنة الغالبة على رواد السوق من شريحة الفقراء بجانب أن مدة ال 12 يوماً التي تبقت على انتهاء صلاحيتها كافية لاستهلاك الكمية التي يشتريها المواطن قبل حلولها. وغير بعيد عنه توقفت عند الطيب الهميم الذي تكومت أمامه كميات كبيرة من البسكويت قاربت أيضا على انتهاء مدة صلاحيتها فجاءت إفاداته مشابهة لسابقه غير أنه أضاف أن تجار الجملة الذين يبيعون لهم البضائع في بعض الأحيان يمهلون كل من يريد توزيع أية كمية منها إلى حين الخلاص من توزيعها مع وجود ضامن شخصي بالسوق أو معرفة بالنسبة للتاجر وعن مدى علمه بأن هذه السلع ربما تسببت في إلحاق ضرر بمتناوليها يقول إنه لا علم له بذلك غير أنه يعتقد أن الفترة التي يبيع فيها السلعة قبل أن تصل فترة إنتهاء الصلاحية لذا لايرى فيها ضررا على المواطن طالما أنها قبل الوقت المحدد لانتهاء الصلاحية ولو كان ذلك قبل يوم واحد منه . وفي السوق العربي وبساحة موقف ميدان جاكسون الذي تؤمه أعداد كبيرة من سكان العاصمة القومية توقفت عند النور محمد عثمان الذي يضع كمية كبيرة من عبوات التانج الأمريكي ويصيح بأعلى صوته مناديا المواطنين للإقبال على شراء بضاعته التي يبيع العلبة بواقع خمسة جنيهات لاغير بينما تباع نفس العبوة في البقالات القريبة من ميدان جاكسون بواقع عشرة جنيهات فتفحصت العلبة ووجدت أن مدة صلاحية التانج المعبأة بها قد شارفت على النهاية ولم يفصل بينها من الزمن سوى بضعة أيام فسسألته من أين يأتي بهذه الضائع فقال إنهم يحضرونها من تجار الجملة بسوق أمدرمان ولم يفت على أن أساله عن أية مضايقات يجدونها من السلطات ابان أنهم في السابق كانوا يعانون من حملات البلدية غير أنها الآن قد خفت ولم يذكر لي أي شئ عن متابعة الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس المناط بها ملاحقة مثل هذا العرض الذي فيه خطر كبير على صحة قطاع كبير من المواطنين لا سيما شريحة الفقراء منهم . ومن جانبه يرى الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير إن الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس وجمعية حماية المستهلك لا يقومان بدورهما في هذا المجال بالصورة المطلوبة بالرغم من توفيق الهيئة في إحكام الرقابة على منافذ دخول البضائع غير أنه يرجح أن اهتمامها بالمنافذ ربما يكون مرده الحصول على الإيرادات بينما لم تفلح في الرقابة الداخلية لاسيما أن العديد من السلع يتم عرضها بالأسواق بالرغم من انتهاء أو مشارفتها على الإنتهاء ولا يجد بائعوها الرقابة التي تمنعهم من ممارسة تجارتهم سواء من قبل المواصافات أو جمعية حماية المستهلك. وأبان الناير أن التجار يستغلون ضعف ثقافة الاستهلاك لدى الغالبية العظمى من المستهلكين لذا يطالب الناير الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس بتبني حملات توعية واسعة النطاق حتى يتسنى لهم معرفة الذي يصلحهم من الذي يضر بهم لأن غياب الثقافة برأي الناير يساهم بصورة كبيرة في اتساع رقعة بيع السلع منتهية الصلاحية أو التي تضر بصحة المواطنين لأن استهلاك سلع بمواصفات غير جيدة يعرض اقتصاد الأسر والوطن قاطبة لخسائر كبيرة كان بالإمكان تفاديها بقليل من بسط الثقافة الاستهلاكية بجانب ظهور أنماط من الأمراض لم يكن للناس عهد بها في الماضي القريب وفوق كل ذلك أنها تدمر شريحة الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل .