أنتظارها للبص الذي يقل البعثة الباحثة عن حالة من التعايش والتواصل ما بين الأخوة والأشقاء في منطقة أبيي في منطقة الدلنج قبل أن تصل الرحلة الى خواتيمها في عروس الجبال «كادقلي» كان له ما يبرره اسيا بت المسيرية، والمولودة في أبيي وفي وسط أخوتها من الدينكا كانت أكثر حرصا على المشاركة في مؤتمر التعايش السلمي بين الجانبين الذين يمثلون عندها واحدا كما قالت وأضافت أن المراة هي الأكثر تاثراً بحالة الصراع والدوشمان بين الرجال، حقيبتها الصغيرة إمتلاءت أحزاناً وأوجاعاً والام لامتناهية ولجت بها الى قاعة المؤتمر في مدينة كادقلي صورة التشابك مابين دينق مجوك وبابو نمر إعادتها الى أيام التواصل الحميم ولكن سرعان ما صعدت الى سطح الذاكرة احداثا قريبة كانت في نفس المسرح الذي شهد أيام التواصل وأصوات البنادق. يتلعلع في سماءابيي قالتها وطفرت عينها دمعة لم تسطيع حبسها، أبيي التي لم تشهد صراعاً في عز أوآر الحرب واشتعالها اشتعلت الحرب فيها وإرتفعت أصوات البنادق مما جعل الاطفال يعيشون اوضاعاً ماساوية لم يعرفوها من قبل وحرام أن يعيشوها الآن. الشريط من الاحزان التي حكت لي عنه قبل انعقاد المؤتمر الذي كانت تضع عليه أمالاً عريضة وتصمم عبره سفينة الامان التي تقودها في رحلة العودة الى ملعب الصباء في ابيي بعد أن غادرتها مجبورة والحزن يغطيها بعد فراق الأخ والإبن الذين ماتوا في حربا يخوضوها بدلا عن الاخرين الا ان الاخرين الذين دفعوا بالاخوة لخوض حروب الوكالة لم يتركوا حبل أمل أسيا يمتد ويتحقق حلم العودة وسرعان ما توقفت مسيرة المؤتمر وعلت الاصوات ما بين المسيرية والدينكا والاختلاف مما جعل اسيا تستعيد شريط الحرب وصوت السلاح هناك الذي حمله اللسان في هذه المرة وكوال ود دينق مجوك ابوها كما تقول يعود بالناس الى نقطة الصفر ومن نفس النقطة يرد عليه المسيري حسب النبي يخرجوا ولكن تسبقهم دمعة اسيا ويعودوا بنفس لغة الخروج باصابع مرتعشة طلبت من المنصة فرصة للحديث منحها اياها المك يوسف عدلان من خلف مكبر الصوت خرجت كلماتها وكانها نقطة ضوء وسط شلالات من الظلام غير المتناه عبارات جسدت مقولة ود شريف محجوب انثي ولا دستة رجال فالحكمة خرجت من بين اسنانها وهي تتمثل قول عمر بن الخطاب أخطاء عمر وأصابت إمراة هكذا كانت اسيا تقول الذي يجب أن يُقال في تلك اللحظة وجهت كلماتها الى الجميع ودون فرز فقد نادت على المسيرية بعبارة اهلي وهي العبارة نفسها التي نادت بها الدينكا وأضافت «كفانا ونحن أهل وإخوان وتاريخنا واحد ومصيرنا واحد وسعوا مواعينكم وخلوا قلوبكم بيضا متل لبن البقر وبلون الذرة المطحونة في ابيي فلقمتنا واحدة وجغمة مويتنا واحدة ودمعتنا واحدة بنموت نحنا بس الخرطوم بعيدة وجوبا اكثر بعدا وكفانا اجترارا للالام والاحزان التي لن تنته مالم تتفقوا زي ما كان بسوي أبوي نمر وأبوي دينق والا فعلى ابيي السلام وعلى المجلد السلام فالدموع لن تنتهي أبدا.» وهو ما حدث بالفعل فقد إنسابت الدموع عند البعض وخرج أخرون من القاعة خصوصا حينما كررت نفس حديثها بلغة دينكا نقوك لتنطق بلسان كل النساء هناك عشة كلمينا ميري ذكرينا كل سونكي أحسن يبقي مسطرينا حرب لا لا كبري استبالا فهل يسمع الرجال صوت النداء مثلما يستمعون لصوت الزغاريد التي تدفعهم لخوض الوغي؟