الآن بعد سُقوط المشروع الحضارى وانهياره تماما مع كآفة شعاراته الانقاذية بدأت مرحلة العد التنازلى الذى إستوجب بل ألزم الحزب الحاكم على كثير من التنازلات سوى كانت مباشرة أو غير مباشرة فقد عصفت السياسات الاحادية القائمة التى إنتهجها المؤتمر الوطنى على عزل الآخر وإحتكار السلطة إلى تفتيت البلاد وتقطيع أوصالها شمالاً وشرقاً وجعلت مثلث حلايب نسيا منسيا فى إطار«مجرب أخاك» وفى الوقت الراهن نسعى إلى تحرير شهادة التنازل عن الجنوب بدعم عالمى وغطاء الاستفتاء ليبدا فعلياً وعملياً مشروع «التفتيت» الذى لا يعلم احد كيف يكون المآل لوطن تتنازعه الخطوب.!! مع أن قضايا السودان تم تدويلها بفعل تلك السياسات التى رفضت مبدأ الحوار وجد المجتمع الدولى ضآلته فلعب على المتناقضات ومن خلالها بدا تنفيذ أجندتها القائمة على الاستعمار الاقتصادى وبدا التدويل الخبيث يأخذ شكل قرارات تفرض من حين إلى أخر من مجلس الأمن واتبع رئيس الإدعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية سياسة غض الطرف عن جبروت إسرائيل وطغيانها الذى يقف وراء جرائم إرتكبت ضد الانسانية ومع اختلافى مع النظام القائم الا أن هناك أشياء لفتت إنتباهى مثل الوثيقة التى نشرها موقع ويكليكس بإعتبار أن ملاحقة البشير بها كثير من الكيد السياسى ونسب الموقع إن أوكامبو تحدث عن تسريبات من وزارة الخارجية الأمريكية أن الرئيس السودانى قد سرق «9 مليار دولار» من الإيرادات النفطية وهى الآن ببنك لويدز البريطانى وفى نفس الوقت نفى البنك وجود حساب للرئيس السودانى وهذه الوثيقة سربها الموقع تؤكد أن أوكامبو يحاول جاهدا سوى كان ذلك عن الفّبرية أوالتضليل وتوزيع اتهامات دون وجود ما يثبت ومثل هذه الوثائق التى تسربت تكشف مدى الاستهداف الموجه للبلاد فى مواردها خاصة نفط الجنوب الذى جعل لعاب الاغلبية يسيل فهو أساس هذا الصراع ومجمل هذه الاشياء لا تجعلنا نتجاهل أو نتناسى الاخطاء التى إرتكبها الحزب الحاكم فى حق البلاد والعباد وتقرير المراجع العام إعترف بإستشراء الفساد بصورة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ السودان السياسى فحجم الأموال المختلسة كبيرا جدا وللأسف مازالت تتوالى السياسات والتصريحات التى تفرق وتزعزع وحدة السودان دون الاستفادة من الماضى القريب الذى حصدنا ثماره بطعم الحنظل. الواقع الذى ننطلق منه يؤكد أن التقسيم والتفتيت سيكون هو مآل السودان بتحوله إلى دويلات بفضل الأخطاء التى ترتكب دون الوعى بعواقبها الوخيمة لا نريد أن نكّرر تجربة الجنوب فى الشرق أو الغرب فقد حآن الوقت ليتبنئ الحزب الحاكم استراتيجية جديدة قائمة على توحيد الصف ولم الفرقاء عبر إرساء دعائم الحوار الجاد الذى يفضى إلى سلام واستقرار وتنمية مستدامة. إذا تجاوزنا الاستهداف الخارجى نجد إننا بالداخل مازلنا فى مربع العقلية الاحادية التى لا تبالى بأن السودان بلد متعدد الاعراق اثنيات مختلفة ومتباينة فى ثقافتها ومن الصعب تجاوزها وعدم الاعتراف بها فلا بد من احتوائها فى بوتقة واحدة وجعلها تنصهر فى تحقيق سلامة وتعافى النسيج الاجتماعى المنوط به تنمية ورفعة البلاد والاستفادة من الخيرات التى أنعم الله بها علينا وتجاوز الخلاف لا يتم الا عبر الاعتراف بالأخر وتقسيم عادل للثروة والسلطة واحلال العدالة الاجتماعية التى تجعل المواطن ينال حقوقه الكاملة فى التعليم والعلاج ودعم السلع الاساسية مع وضع الاسرة الفقيرة فى أولويات اجندة مؤسساتنا الاجتماعية ندعو الله أن يكفينا شر القادم فى المآل المحزن الذى آلت إليه البلاد وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم