ليس لمبارك الفاضل شكوك كبيرة أو اعتراض على رئاسة الصادق المهدي لحزب الامة، وقال ان رئاسة المهدي للحزب لا خلاف حولها ولا ينبغي ان يكون حولها اي خلاف.. وانه غير مستعجل لقيادة حزب الأمة وأن الخلافات بينه والحزب ابداً لم تكن بسبب الصراع على القيادة. ودافع الفاضل عن قرار عودته للحزب وقال ان تأخر الوحدة في السابق كان بسبب ما وصفه الغيرة والحماسة الحزبية لدى كل طرف، أما الآن فان الظروف الحالية التي تمر بها البلاد ساهمت في حصول الوحدة. «الصحافة» جلست الى مبارك الفاضل وسألته عن قضايا حزب الأمة وعن دعاوى الاصلاح والتجديد وعن نقده للتجربة نفسها.. وسألته عن قضايا الراهن السياسي وخرجت بالكثير المثير، فإلى تفاصيل المقابلة.. ٭ ترى قوى المعارضة أن الحكومة قد إنتهى أجلها بقيام الاستفتاء وظهور نتائجه.. برأيك ما هي الفلسفة السياسية التي استندت عليها المعارضة لتجزم بانتهاء أجل الحكومة؟ - هذا ليس رأياً سياسياً إنما واقع دستوري فالدستور أجله ينتهي في 9 يوليو 1102م، وهو أجل إنتهاء الاتفاق، واصلاً هذا النظام عندما قام بانقلاب كلنا عارضناه باعتباره جاء بانقلاب عسكري على نظام ديمقراطي وبالنسبة لنا غير شرعي.. لكنه إكتسب شرعية عندما وأفق على الانتقال من الشرعية الانقلابية الى التداول السلمي للسلطة والى قبول الآخر والى التحول الديمقراطي.. دخلنا معه في اتفاقيات في جيبوتي والقاهرة وجدّة ثم كانت كبرى هذه الاتفاقيات هي نيفاشا.. نيفاشا نصت على أن يعيد النظام هيكلة أجهزة الدولة في ثلاث سنوات لتصبح أجهزة قومية ينتفي عنها الانتماء الحزبي ثم بعد هذا يقيم انتخابات عامة حرة ويقبل التداول السلمي للسلطة.. فعندما نأتي للدخول في مرحلة الاستفتاء نكون قد دخلنا في نظام جديد يتيح الفرصة لوحدة البلد واستتباب السلام في كل ربوع السودان، وهذا لم يحصل. ٭ وما الذي حصل برأيك؟ - الحصل أن المؤتمر الوطني كسر كل هذه الاتفاقيات. مثل التجار..التجار بيكسروا البضاعة في السوق. كسر جيبوتي وكسر القاهرة وأبوجا ونيفاشا.. ولم يكن بإمكاننا اتخاذ موقف قبل هذا الوقت لان نيفاشا عندها تبعات وارتباطات دولية.. وفيها جوانب مثل تقرير المصير والجنوب لا يمكن ان تجعلنا نستعجل الأمور.الآن المؤتمر الوطني كسر كل الاتفاقيات والبلد في أزمة ولم يفِ بنيفاشا.. بعملية التداول السلمي للسلطة او حل نفسه والآن العملية هذه كلها تنتهي في 9 يوليو 1002م مش بكيفنا نحن لكن بنص الدستور والاتفاقية.. وطالما الجنوب سوف ينفصل ونفقد 03% من شعبنا و03% من أرضنا و04% من دخلنا و52% من الناتج القومي الاجمالي من الاقتصاد بذهاب الجنوب يصبح هذا زلزالا ويبقى من المهم جداً الدخول في ترتيبات دستورية جديدة، لهذا دعونا المؤتمر الوطني للجلوس في مؤتمر دستوري للتوافق على ترتيبات دستورية جديدة نعمل بها انتقال.. نظام انتقالي يضع لنا اتفاقا استراتيجيا مع الجنوب ويربط العلاقات الشعبية والاقتصادية ويفتح المجال لوحدة مستقبلية ويضع حداً للحرب في دارفور ويصنع سلاماً ثم يفتح المجال لانتخابات حرة نزيهة تجيء بحكومة منتخبة.. هذا هو رأينا.. لهذا فإن حديثنا عن التغيير وغيره مربوط بالدستور فنحن نعمل في ظل الدستور.. هذا الدستور وضع كخلاصة لاتفاقيات بيننا وبين المؤتمر الوطني.. وبين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني بشهود دوليين.. فإذا إنتهى أجل الدستور وقال المؤتمر الوطني انه يرغب وحده في إعداد دستور جديد فهذا يعني استمرارية لوضعه الانقلابي.. معناه انه لا يرغب في تسلسل الامر لان لديه شركاء في هذا الامر.. فهناك اخفاقات والبلد انقسمت وهناك خطر على تقسيم بقية البلاد وخطر من حرب أهلية والانفصال غير سلس لانه لم يتم الاتفاق على المصالح الشعبية والاقتصادية حتى الآن ولم يتم الاتفاق على الحدود والمياه والبترول.. لهذا نرى ضرورة وجود مؤتمر دستوري للإتفاق على المستقبل. ٭ لكن الشاهد أن هناك خلافاً أساسياً واضحاً بين المؤتمر الوطني والقوى المعارضة حول تفسير الدستور والقانون.. فالمؤتمر الوطني حسب آخر انتخابات تعتبر أن أجلها سينتهي بعد سنوات وكذلك أجل البرلمان و..؟ - «مقاطعاً»: الوصول الى رؤية مشتركة لن يتم الا بالحوار.. ودخول مؤتمر الحوار نناقش فيه القضايا، لكن المؤتمر الوطني يرغب في ايجاد مبرر للاستمرار في احتكار السلطة والدولة ولذلك يعتبر أن هذه الانتخابات المزورة مبرر.. لكن هذه الانتخابات هي في إطار دستور انتهى أجله في 9 يوليو 1102م وقام واقع جديد.. فالبلد تغيرت حدودها، وحجمها تغير.. عدد سكانها قلّ.. وهذا بالتأكيد له تبعات على بقية البلد.. ومحتاج لاتفاق وطني.. فالمؤتمر الوطني مثلاً يتخذ من قضية المواطنة قضية تكتيكية للمساومة مع الحركة الشعبية والمجتمع الدولي ونحن نرى إنها قضية استراتيجية.. لا يمكن ان تخضع للمزايدات ولا تكون رهينة لهذه التكتيكات.. فالاحتفاظ بالعلاقة والرباط الشعبي والاقتصادي مصلحة وطنية تعلو على اية مصلحة حزبية أخرى.. وفي الدستور الحالي المادة 7-4 تقول ان لكل سوداني الحق في الحصول على جنسية دولة أخرى وتقول إنك لا تستطيع نزع الجنسية من سوداني بالميلاد فإذا كان هناك بعض قيادات المؤتمر الوطني لديهم جنسيات كندية واميركية وغيرها فلماذا يحرمون مواطن جنوب السودان من الاحتفاظ بجنسية الأم ويحوز على جنسية جنوب السودان؟!! «لا ينتظر اجابة على السؤال المطروح»... من مصلحتنا التقليل من اثر الانفصال على المستوى الشعبي والاجتماعي والاقتصادي لا ان نزيد حجم الانفصال ونجعل ملايين البشر يتضررون. ٭ في المعارضة تتحدثون عن اسقاط النظام والاطاحة بالحكومة وكثيرون يعتقدون ان ما تردده قوى المعارضة لا يعدو غير ان يكون حديثاً للاستهلاك السياسي نظراً لافتقارها للقوة والآليات التي تمكنها من تحقيق ما تتحدث عنه.. ما رأيك؟! - بعض القوى السياسية تتحدث عن الاطاحة والاسقاط.. وغيره.. هذا رأيهم هم.. لكن المعارضة كلها في هذا الجانب يتفاوت فهمها للامر.. وبالتالي نحن نقول ان الوضع الدستوري منتهي.. هناك واقع سياسي جديد انفصال الجنوب.. وهناك مخاطر تحيق بالبلاد وهناك التزام من المؤتمر الوطني في اتفاقيات سابقة بأن يحل نفسه ونظامه لمصلحة التداول السلمي للسلطة.. نحن نستنجده هذا ونستنجده ان يجلس مع القوى السياسية ويتفق على القضايا الخلافية مثلما اتفق الجنوبيون وجلسوا واتفقوا على عقد مؤتمر دستوري بعد ثلاثة أشهر وأن يتجاوزوا الانتخابات ويكونوا نظاماً انتقالياً ويعقدوا انتخابات بعد عامين ويكونوا حكومة تشمل كل القوى الجنوبية.. مثلما اتفق الجنوبيون من باب اولى ان نتفق نحن.. علماً بأن الجنوبيين «كسبانين» لانهم نالوا مبتغاهم.. ونحن خسرانين لان بلدنا نقصت.. هم زادوا ونحن نقصانين فمن باب اولى الزول الناقص يجتمع ويبحث كيفية معالجة هذه المشكلة ومعالجة آثارها.. ابداً لم نؤيد الانقاذ لكننا وضعنا السلاح وتوافقنا معها على أسس واضحة تداول سلمي للسلطة وانتقال من الوضع الحزبي الى وضع قومي وانتخابات تعبر بنا للشعب السوداني ليختار من يحكمه. ٭ وماذا سيحدث اذا لم توافق الحكومة على الحوار مع المعارضة ورفضت قيام المؤتمر الدستوري الذي تتحدث عنه؟ - إذا كانت الانقاذ مصرة في ظل كل هذه الاوضاع ان لا توفي بالحقوق طبعاً نحن لدينا خياراتنا للنضال.. فنحن قوى مدنية.. خياراتنا خيارات سلمية.. نضالية سلمية.. والانقاذ هي التي ستقرر كيف يتعامل معها اهل السودان.. اذا جاءت بكلمة سواء سنتعامل معها بكل الحسنى والترحاب.. اذا قالت لا «نفطسكم» وانتم عبيدي لا احد يقبل بأن «يتفطس» ويصبح عبداً لها.. وفي هذه الحالة سنبحث عن حقوقنا الطبيعية التي أعطتنا لها المواثيق الدولية واعطانا لها حتى الدستور الحالي.. ففيه افضل وثيقة للحقوق والحريات لكن لمؤتمر الوطني وأدها برفضه تعديل القوانين التي تتعارض مع هذه الوثيقة ورفض ان يعيد هيكلة الاجهزة الشرطية والامنية والعسكرية والقضائية وظل يستخدمها لمصلحته ضد الدستور.. نحن نريد حقوقنا التي كفلتها لنا المواثيق الدولية والسودان جزء منها وسنناضل لأخذ حقوقنا.. في ناس يحملون السلاح وفي ناس كل ما ضاقت.. «لا يكمل العبارة».. النتيجة ان لكل فعل رد فعل اذا ضربت الناس ستجد من يحمل السلاح وهؤلاء أغلبهم من قوى الهامش ترى ان باعها في المناورة السياسية ضعيف وبالتالي تسارع الى حمل السلاح.. لكن نحن قوى سياسية عريقة لدينا نفس طويل في العمل والنضال السياسي.. ولهذا فإن خيارنا الاول سيكون هو النضال السياسي لان لجوءنا للخيار العسكري كان استثناء وليس قاعدة لاننا قمعنا ولم نجد مساحة الآن، وقعنا اتفاقيات جاءت بالقليل من المساحة لكن هذه المساحة بدأت تضيق.. اعطى البعض الحق ليقرر مصير السودان بينما نحن كقيادات سياسية يرغب في منعنا عن التعبير عن رأينا وهذا مؤكد سوف يكون له رد فعل.. فإذا حافظت الانقاذ على الحقوق والحريات ومساحتها ستجد الآخرين حريصين على هذا أيضاً.. لكن اذا حصل العكس يصبح لديهم الحق في ان يدافعوا عن أنفسهم.. ٭ لكن المؤتمر الوطني عرض على المعارضة الدخول في حكومة عريضة.. فأين المشكلة فيما طرحه الوطني ام انكم في المعارضة ترغبون في المعارضة من أجل المعارضة فقط؟! - المشكلة تصبح قريبة من المثل الذي قاله الصادق المهدي قديماً «يمشطوها بقملها» هم يريدون استمرار الحال بدرجة من الزينة وهذا غير مقبول بالنسبة لنا.. الوضع القائم الآن ان الدولة دولة حزبية وليست قومية.. يسيطر عليها حزب واحد وليست دولة قومية للسودانيين كلهم.. الوضع الموجود تسيطر عليه ذهنية حزبية. وضع شمولي.. لكننا نتحدث عن أمر مختلف.. ان يوفى بالتزاماته بتصفية نفسه لمصلحة دولة سودانية لكل السودانيين ويتوافق معنا على مرحلة انتقالية.. حكومة انتقالية تؤسس لوضع جديد وتمضي بنا نحو انتخابات يحدد الشعب من خلالها من يحكمه.. هذا فرق السماء من الارض من عرضه.. يريد ان تخرج الحركة الشعبية وندخل نحن في مكانها.. يعني هو «الماسك الدركسون ونحن راكبين معاه وراء في محل العفش في الكبوت». «نضحك». المؤتمر الوطني ده جرّب اي حاجة صاحب المشروع الحضاري وصاحب مقولة ان الاحزاب انتهت وقمعها ومنعها وفي النهاية هو الجاء ولحس كوعه.. يعني ما نحن اللحسنا كوعنا.. هو اللحس كوعه تحت ضغط النضال والمواجهة عاد وقبل التعددية.. ووقع هذه الاتفاقيات كلها كونه قاعد يكسر في الاتفاقيات سوف يدفع الثمن فالتاجر الذي يكسر البضاعة في السوق لتغطية ديونه في النهاية تتراكم عليه هذه الديون ويدخل السجن.. فالمؤتمر الوطني في النهاية ستتراكم ديونه وسيدفع الثمن.. هذه النسخة الخامسة من الانقاذ الآن وليست النسخة الاولى.. ٭ حسناً في النهاية وددت لو أسألك رأيك عن الوضع الاقتصادي بصورة عامة.. كيف تنظر لهذه الزيادة التي طرأت على الاسعار؟ - هذه الزيادات الاخيرة هي أيضاً تعبر عن خطأ السياسات المتبعة وهي محاولة أيضاً مثلها مثل نظرية الكسر والبيع بالخسارة.. أنت مديونة فتحاولين الدخول في مغامرات لتغطية الدين والاستمرار «مطفحة».. هذه الزيادات فيها خسارة سياسية كبرى وليست فيها فائدة اقتصادية لان الوضع في البلد وصل مرحلة من الركود والتضخم وفي الاقتصاد دائماً يقولون ان هناك مرونة في الطلب.. يعني انا مرتبي ما زاد والاسعار زادت.. مؤكد سوف أقوم بتخفيض استهلاكي رغماً عني.. وبالتالي هناك انكماش وتراجع في القوى الشرائية.. لو قمت بزيادة السكر 05% مثلاً او زيادة الجازولين 05% ما سيحدث هو انني سوف اخفض استهلاكي من هذه السلع.. وزيادة الاسعار تؤخذ كأداة لتخفيض الاستهلاك لكن هم نظروا اليها من زاوية انهم يريدون دخلاً اضافياً للاستمرار في نفس النمط القديم بتاع الصرف لكن ما سيحدث في ظل المعطيات الحالية انه لن يأتيهم هذا الدخل.. لان الطلب سوف يتراجع بسبب الركود وبسبب حالة الفقر.. وضعف القوى الشرائية.. ثانياً الوضع الاقتصادي لن يتعالج إلا اذا تراجع الصرف الحكومي الذي وصل الى 27% و82% تذهب لصالح القطاعات كلها.. الخدمات والتعليم وغيرها.. فإذا لم يقم المؤتمر الوطني بتخفيض الانفاق الحكومي وتقليل العجز اية زيادة في الاسعار او الضرائب لن تنقذه لكن سيكون لها أثر سلبي على الاقتصاد والوظائف والصناعة والزراعة ولن تأتي له بالدخل المطلوب.. ٭ وما هو المطلوب برأيك لاصلاح هذا الوضع؟ - المطلوب الآن تقليل الصرف في اطار الدخل.. فقد ظلت الحكومة خلال السنوات الماضية تستدين داخلياً بإصدار سندات وصكوك بأسعار ذات فائدة عالية جداً وحينما تفشل في السداد تعمل فائدة مركبة ثم ظلت تستمر في الاستدانة من الخارج بالذات من الصين بنسبة عالية تصل الى 51% في مواجهة دخل البترول وبالتالي دخلت الحكومة الآن في ازمة النقد الاجنبي بسبب أنها استغلت الاموال مقدماً.. يعني هي باعت مقدماً وتصرف أكثر من دخلها لهذا لا بد من مراجعة هذا الصرف المضخم. ٭ لكن كيف يحدث هذا؟ - حتى تحدث مراجعة لهذا الصرف المضخم لأن أغلبه عسكري وامني وسياسي، لا بد من ان يكون للحكومة إصلاح اقتصادي حقيقي وتوافق وطني على وضع جديد يسمح بأن يكون النظام مستقراً بدون ما يصرف على الآمن والرشاوي في الوظائف الدستورية وغيرها.. والرشوة السياسية للاستمرار في الحكم.. ولا بد من توجيه الدخل للانتاج.. للزراعة والصناعة والخدمات، ولا بد من توجيه الصرف نحو الفقراء بدعم الزراعة وإعادة مجانية العلاج والتعليم وتزيد الصرف على التعليم والصحة والمياه وتحويل الاموال الماشة للامن والدفاع الى ذلك.