في أعقاب إغلاق صناديق الاستفتاء على مصير الجنوب بعد ان اصبحت الاجابة عن السؤال المحوري (وحدة او انفصال ) هي الانفصال بدأ ينطلق سؤال آخر يتعلق بمدى مواءمة العملية للاجراءات الديمقراطية وما هي معايير الشفافية والنزاهة التي تجعل الآخرين يقبلون بنتيجة تقسيم الوطن وماهي الايجابيات والسلبيات التي واجهت العملية في مراحلها كافة. الاجابة عن السؤال تأتي في سياق تقرير لجان المراقبة التي راقبت العملية بمختلف مسمياتها الداخلية والخارجية بالرغم من ان الجميع كان ينظر وبشكل اساسي للتقرير الذي يصدره مركز كارتر لاشياء تتعلق بالابعاد السياسية للموضوع وتحديدا مدى قبول المجتمع الدولي للنتيجة وتحديدا المجتمع الغربي، في المقابل قدمت مجموعة من هيئات الرقابة تقاريرها فيما يتعلق بمسار عملية الاستفتاء . بعثة مركز كارتر وبعثة الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي ومنظمة ايقاد ،بعثة جامعة الدول العربية هي الجهات التي راقبت عملية الاستفتاء وقدمت تقاريرها امس عن مجرى العملية في مؤتمرات صحفية في الخرطوم امس ابتدرها الاتحاد الاوربي ومركز كارتر في برج الفاتح ومن ثم مؤتمر صحفي آخر كان مسرحه فندق السلام روتانا حيث قدمت بعثة الجامعة العربية لمراقبة استفتاء جنوب السودان تقريرها حول سير العملية. تهنئة مفوضية الاستفتاء على الجهد الذي قامت به من اجل قيام العملية وعدم وجود اي حالات للعنف مصاحب للعملية بدت وكأنها الديباجة التي ابتدر بها معظم المراقبين بياناتهم، فالامر قاله كارتر قبل ان يعيده الاتحاد الاوربي وتكرر عند مراقبي الجامعة العربية فاعتبر الجميع قيام الاستفتاء في مواعيده ودون عنف انجاز يحسب لشريكي نيفاشا وخطوة اولى في استدامة السلام بالبلاد بغض النظر عن النتيجة. في المقابل اشارت التقارير الى مجموعة من النقائص ولكنها لم تكن لتؤثر على النتيجة الختامية للاستفتاء ،الاستفتاء جيد واتسم بدرجة عالية من التنظيم وهو خطوة اساسية في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل هكذا عبرت رئيسة بعثة الاتحاد الاوربي لمراقبة الاستفتاء السيدة فيرونيك دي كيسر في المؤتمر الصحفي الذي عقد ببرج الفاتح بالخرطوم امس وهنأت مجهودات مفوضية الاستفتاء في السودان ومكتب مفوضية الاستفتاء بالجنوب. واعتبرت البعثة الاوربية للرقابة في تقريرها المبدئ ان الجنوبيين شاركوا في الاستفتاء بشكل كبير تجاوز نسبة 60%المطلوبة لصحة الاستفتاء وناشدت السيدة دي كيسر الطرفين بالصبر والسماح لاجهزة الاستفتاء باكمال عملها في معالجة النتائج مشددة على الانتهاء من الفرز ودعت السلطات السودانية بالقبول بنتيجة الاستفتاء واحترامها وتوصلت البعثة المراقبة في استنتاجاتها الاولية ان العملية تمت حتى الآن بكفاءة وانها كانت جيدة التنظيم وادارها موظفون مدربون وان تسجيل المقترعين تم بكفاءة ووفقا للاجراءات واعتبرت ان اجهزة الاستفتاء استطاعت تجاوز الكثير من العقبات وادت مهمتها بمهنية وبمساعدة كبيرة من مكتب الانتخابات التابع للامم المتحدة . اعتبر البيان ان احداث العنف التي حدثت في ابيي وجنوب كردفان وولاية الوحدة يجب ان لا تتكرر عند اعلان النتائج ويجب احترام وحماية الحقوق الاساسية للسودانيين بغض النظر عن اعراقهم. البعثة الاوربية لمراقبة الاستفتاء هي بعثة مستقلة تتكون من 110 مراقب وخبير وقامت بزيارة 800 مركز في الشمال والجنوب وستبقى البعثة في السودان لمراقبة الاجراءات المتبقية المتمثلة في الطعون واعلان النتائج النهائية للاستفتاء (تهنئ بعثة مركز كارتر شعب السودان على الادارة الناجحة للاستفتاء التاريخي حول تقرير المصير الذي اتسم باقبال كاسح من الناخبين المتحمسين اثناء فترة اقتراع سلمية ومنظمة دامت سبعة ايام، ويعد تنفيذ الاستفتاء ركيزة اساسية في اتفاقية السلام الشامل كما تمثل تحقيقا لتطلعات شعب جنوب السودان في تحقيق مستقبلهم السياسي ) كانت تلك هي الديباجة لتقرير مركز كارتر المراقب للاستفتاء في بيانه قبل ان يضيف عليه لاحقا بان المركز يجد حتى الآن عملية الاستفتاء متسقة مع المعايير الدولية الخاصة بالانتخابات الديمقراطية وتمثل التعبير الحقيقي لارادة المقترعين وحدد هذه الارادة من خلال النتائج الاولية لمفوضية الاستفتاء وتقارير المراقبين ونتائج العد الاولية فان النتيجة تتجه نحو خيار الانفصال ورحب المركز بما اسماه التقارير الايجابية للحكومة السودانية التي قالت انها ستقبل النتيجة وتوقع ان يعترف بها المجتمع الدولي بمجرد اعلانها النهائي وحض المركز الجميع على الحفاظ على الهدوء قبل الاعلان النهائي في فبراير، اثنى تقرير كارتر على صبر الناخبين ووقوفهم في الصفوف وقال ان العملية باستثناء بعض الحوادث المعزولة جرت في جوء سلمي واعتبر ان المشاركة جاءت بصورة كثيفة في الجنوب بينما انخفضت في الشمال واعتبر انه بالرغم من الصعوبات اللوجستية التي قابلت عملية التسجيل الا انه في الاخير تم بصورة تتسم بالمصداقية. واشار مراقبو مركز كارتر لمجموعة من الاشكاليات التي قابلت العملية ولكنها لا تغوض شرعية ومصداقية الاستفتاء وان الاشارة اليها تمت من اجل ضمان التحسينات في العمليات الانتخابية المقبلة بالسودان ، محددا هذه الاشكاليات في عدم تشكيل لجان الاستئاف الخاصة بمعالجة الشكاوي ولم تنفذ بطريقة ملائمة وفشلت في تقديم معالجات للشكاوي وكذلك اشار لتطبيق معيار الاهلية حيث تم ارجاع الكثير من الجنوبيين المقيمين بالشمال وحرمانهم من التسجيل فالعريفين الذين قصد منهم التحقق من اهلية الناخب كانوا اما غائبين او غير معترف بهم من قبل المسجلين . واشار التقرير لنقطة تتعلق باجراءات الاقتراع بواسطة الغير بالنسبة للناخبين غير المتعلمين او ذوي التعليم المحدود في جنوب السودان وذلك غالبا ما يتم بواسطة مسؤولي المراكزواعتبر ان هذا الامر تم بحسن نية لكنه غوض سرية الاقتراع واعتبر ان معدلات الامية وضعف التثقيف ساهما في هذا الامر وكذلك وجود مسؤولين امنيين داخل مراكز الاستفتاء ونفس الصورة تكررت في الشمال وهو وجود قصد به الحفاظ على الامن والنظام الا انه وجود قد يكون له اثر ترهيبي على الناخب. ودعا مركز كارتر في ختام تقريره الفاعلين في شمال السودان وجنوبه خاصة شركاء الاتفاقية الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لمقابلة تحديات حددها في ضرورة حلحلة القضايا العالقة باعجل ما تيسر قبل انتهاء امد اتفاقية السلام خصوصا قضيتي ابيي والجنسية وكذلك معالجة قضايا الجنوبيين العائدين من الشمال الى الجنوب واعتبر ان حكومة الجنوب كانت غير مستعدة لاستقبالهم ونقطة اخيرة تتعلق بالحفاظ على الهدف الاساسي لاتفاقية السلام المتعلق بانجاز التحول الديمقراطي في السودان حيث اعلن ترحيبه بالجهود المبذولة للسعي الى عملية دستورية توافقية في جنوب السودان لتوفير اساس لتعايش مجتمع متعدد وحيوي ودعا كذلك الطرف الآخر بالشمال وتحديدا الحزب الحاكم للاستجابة للدعوات المنادية بالتشاور مع المعارضة ودعم عملية المشورة الشعبية في النيل الازرق وجبال النوبة وحث المركز جميع الاطراف من اجل العمل على تحقيق السلام في دارفور. بعثة الجامعة العربية لمراقبة استفتاء جنوب السودان عقدت مؤتمراً صحفياً بفندق السلام روتانا بالخرطوم تناولت فيه نتائج الرقابة التي قالت انها شاركت فيها باعتبارها شاهدا على اتفاقية السلام الشامل وقال محمد الخمديش مساعد الامين العام للجامعة و رئيس بعثة المراقبة العربية التي شاركت في 18 ولاية 11 بالشمال 7بالجنوب اثناء عملية الاستفتاء وتكونت البعثة من 80 فردا حسب توجيه عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية. وقال بيان الجامعة العربية انه بناء على المشاورات التي تمت ما بين بعثات المراقبة والمشاورات مع مفوضية الاستفتاء والتي قامت بعمل كبير تشكر عليه فقد خلصت بعثة المراقبة العربية الى مجموعة من الايجابيات حفلت بها العملية والتي لم تخلُ من سلبيات ولكنها سلبيات لا تقدح في نزاهتها ونتيجتها الختامية وحددت الايجابيات في فتح كل مراكز الاقتراع في الشمال والجنوب في مواعيدها وتوفر المواد اللوجستية ومستلزمات الاقتراع مطابقة الصناديق والعازل للمواصفات المتعارف عليها دوليا ومشاركة النساء الفعالة في العملية وتعاون موظفي المفوضية مع الناخبين والتواجد المكثف لوسائل الاعلام. واشاد التقرير بالوجود المكثف لعناصر الامن فيما حدد تقرير الجامعة العربية السلبيات في صغر سن بعض الناخبين ،التباين في عدد المسجلين في بعض المراكز مع العدد المسجل لدى المفوضية، وجود مظاهر دعاية انتخابية داخل مراكز الاقتراع من قبل بعض موظفي المراكز والمراقبين المحليين، غياب الرسوم التوضيحية المرشدة للناخب . وبالرغم من هذه السلبيات الا ان بعثة المراقبة للجامعة العربية ترى ان العملية تمت وفق المعايير الدولية واتسمت بقدر كبير من الشفافية والنزاهة بما يتطلب من الجميع القبول بنتائجها واحترامها . وحث بيان بعثة الرقابة التابع للجامعة العربية جميع الاطراف المحلية والدولية على تضافر الجهود والعمل من اجل استدامة السلام والاستقرار بالسودان . تقارير بعثات المراقبة اتفقت على ان درجات النزاهة والشفافية ارتفعت في عملية الاقتراع مع تواجد بعض الاخفاقات والسلبية غير المؤثرة على النتائج النهائية لمباراة الاستفتاء التي ينتظر الإعلان عنها فقط لتأكيد المؤكد .