ليس صحيحاً ان مخالفات مؤسسات الدولة في عهد الانقاذ تنحصر في عدم تسليم بعض من حساباتها لديوان المراجع العام ، ان المسألة تجاوزت هذا الإطار منذ سنوات حتى اصبحت بعض المؤسسات تصارع بعضها في مسعى عبيط لإثبات الشخصية وتنافس القيادات بين بعضها البعض في نيل اعجاب المنسوبين والمحسوبين ، لقد افلحت رئاسة الجمهورية الاسبوع الماضي في ارسال تهديد واضح بالتصفية للمؤسسات الرافضة لتسليم وكشف حساباتها ولكن من يردع قيادات بعض المؤسسات الحكومية عن المضي قدماً في سياسة ( قوة الرأس ) ويلزمهم بالإنصياع للاحكام الصادرة من وزارة العدل وبقية منظومات الدولة؟. وصلتني مستندات رسمية عديدة من الاخ ميرغني الخضر محمد عبدالله الموظف بالدرجة الاولى القيادية والحاصل على زمالة المجلس القومي للتدريب وهو مدير الادارة العامة للشئون الادارية والمالية بوكالة السودان للأنباء ( سونا ) ، مستندات تتعلق بجريمة عمرها اكثر من خمس سنوات ارتكبت بحق الرجل وماتزال سارية حتى اليوم تتمثل في ايقافه عن العمل طيلة تلك الفترة دون المساس بمرتبه ودون إخضاعه لمجلس محاسبة وكأنما المسألة كانت عبارة عن عملية مكايدة بين ادارة الوكالة ووزارة الاعلام من طرف والمجلس القومي للتدريب من طرف ثاني راح ضحيتها السيد ميرغني او ان المسألة عبارة عن عملية إقصاء متعمد للرجل عن الوظيفة القيادية المهمة المتعلقة بالمال خصوصاً اذا علمنا انه من ابناء شرق السودان المهمش حتى من التمييز الإيجابي رغم زعامته لقبيلة ( الكليت ) احد بطون الهدندوة ..ولم لا والجميع يعلم ان الإقصاء سياسة وثقافة متبعة افرزت العديد من ازماتنا الراهنة . ومشكلة ميرغني بإختصار هي جزء من مشكلة الدولة في عهد الانقاذ فالرجل عُين بقرار من السيد رئيس الجمهورية بحسب قرار مجلس الوزراء رقم (294) لسنة 2004 وبقدرة قادر وجد نفسه موقوفاً عن العمل بموجب قرار وزاري يحمل الرقم (6) صادر بتاريخ 25/6/2005 من وزير الاعلام المكلف وقتها (عبدالباسط سبدرات) وقرار التوقيف البائس صدر دون مجلس محاسبة اي بمخالفة صريحة للمادة 14/1 من قانون محاسبة العاملين لسنة 1994م -لاحظ اننا لم نذكر ان قرار الوزير بكل شجاعة القى قرار رئيس الجمهورية المشار اليه - فمن يلغي قرار الرئيس يهون عليه الالتزام بقانون محاسبة العاملين او كافة قوانين الخدمة المدنية . نعم البلد تسير ( بالقلباء ) منذ وقت ليس بالقصير ، وما يهمنا في هذه المساحة ان نشير الى ان السيد ميرغني الخضر ظل طيلة الفترة الماضية موقوفاً عن العمل وقد حاول المدير العام الحالي لوكالة السودان للأنباء انتزاع العربة الحكومية التي خصصت له بموجب القانون وتمليكها لآخر ولكن باءت محاولاته بالفشل بسبب إمتناع المستشار القانوني للوكالة و لجنة تمليك العربات الحكومية ووكيل وزارة العدل ووزير العدل ووزارة المالية عن السير في ذلك الإتجاه ، وبسبب ايقافه دون وجه حق عن العمل تضرر السيد ميرغني الخضر كثيراً وهو الآن لايستطيع الحصول على استحقاقاته المالية عن الفترة الماضية بسبب ( قوة الرأس ) المذكورة وسياسة التضامن لمنع الحقوق الواضحة المتخذة ضد الرجل. لقد حان الوقت لإنهاء حالة المفارقة بين قرارات الدولة ضد قرارات الدولة فقد أفادت هذه القضية في ترسيخ مبدأ ان بعضهم يمتلك نفوذاً فوق نفوذ رئاسة الجمهورية وأنهم يمكن ان يرتكبوا الجرائم ضد الناس وضد المال العام ثم لا يردعهم أحد ، إن إرجاع ميرغني الخضر الى وظيفته في وكالة سونا يؤكد وجود هيبة للدولة ضد أولئك الرجال الذين يظنون انهم فوق القانون ، إن الذين رفضوا مراجعة المراجع العام لحساباتهم هم الصنف الذي نعنيه وهم عينهم الذين يتلاعبون بالقرارات الرئاسية ويمعنون في إذلال الناس خصوصاً أبناء الهامش وإن حظيوا بالوظائف القيادية العليا او نالوا شهادة الزمالة في علوم الإدارة وميرغني الخضر دليل قائم لمن يحتاج الى دليل و ( للحديث بقية ).