* صحف الأمس أبرزت خبراً عن والي الخرطوم يُبشِّر فيه الفقراء من رعيته بمدِّهم ببطاقات التأمين الصحي المجانية.. * وحتى يضمن الوالي فيما يبدو وصول هذا التبشير إلى الناس بالشكل (المضبوط!!) تمت صياغة الخبر المعني في (مكان ما) ثم وُزِّع على الصحف لتنشره كما هو.. * لتنشره ب (ضبانته!!).. * خبر يبدأ في الصحف كافة بالتبشير الصحي ذاك وينتهي بتبشيرٍ ديني يشير إلى تزايد عدد المساجد بالولاية.. * ومن قبل حين أراد الوالي السابق أن يبشِّر الناس بخلوِّ ولايته من انفلونزا الطيور دعا نفراً من الصحفيين إلى وليمة (فِراخية) ابتدرها هو ب (نهش!!) فرخةٍ أمامه وهو يبتسم ابتسامته الشهيرة تلك في وجوه المصورين.. * ثم بعد فترة بشَّر المتعافي الفقراء من رعيته بأن الفراخ ستكون طعاماً شعبياً لهم لا يزيد سعرها عن الفول إلا قليلاً.. * وكان الناس في حيرة من أمرهم إزاء اهتمام واليهم المبالغ فيه بأمر الفراخ.. * واتساقاً مع المثل القائل (إذا عُرِف السبب بطل العجب) فإن حيرة الناس تلك زالت حين علموا حسبما أُشيع بأن فراخاً تُباع في السوق اسمها (فراخ الوالي!!).. * إذاً فإن كلا الواليَين السابق والحالي لجآ للصحافة للتعبير عن إهتمامهما بالفقراء من مواطني الولاية.. * وكلاهما بشَّرا الفقراءت هؤلاء عبر الصحف بقرارات من تلقائهما تعينهم على مواجهة ضغوط الحياة في زمان التحرير الإقتصادي.. * أما أحدهما وهو المتعافي فقد (تولَّى) عن منصب (الوالي) دون أن (يتعافى!!) الفقراء من وطأة الفقر أو يشبعوا فراخاً حسب بشارة الوالي لهم.. * وأما ثانيهما وهو الخضر فيبشِّر فقراء ولايته الآن بواقع (أخضر!!) أول غيثه قطرة بطاقات التأمين الصحي.. * وحتى يكون الوالي هذا (صادقاً!!) في وعده (الموثَّق) الذي قطعه على نفسه أمام الناس عبر خبره ذي الصيغة (الواحدة!!) فلابد أن (تصدق!!) أولاً نسبة ال (30%) هذه التي قال انها تمثل فقراء الولاية. * فمن المعروف للسودانيين قاطبة وليس فقط سكان الولاية العاصمية أن الإنقاذ تصِرُّ على (تكذيب) التقارير العلمية كافة التي تتحدث عن نسبة الفقر في السودان.. * تِصرُّ على تكذيب التقرير تلو التقرير، ولو كان بعضها صادراً عن المنظمة الأممية (ذات نفسها).. * ولعلنا لازلنا نذكر كيف أن وزيرة الرعاية الاجتماعية السابقة كانت تقول لأصحاب هذه التقارير (بلُّوها واشربوا مويتها)، وهي تُصرُّ إصراراً وتُلحُّ إلحاحاً على أن الذين تصفهم هذه التقارير بأنهم فقراء ليسوا هم بفقراء في واقع الأمر ولكنهم (يتفاقرون!!).. * وكنتاج طبيعي لهذا الإصرار وهذا الإلحاح فوجئ الناس في صحف صباحٍ من الصباحات بتقرير (مضاد!!) من الوزارة المعنية بشؤون الفقر (تبشرهم!!) فيه بنسبةٍ للفقر تساوي تلك التي استثنت بها التقارير العالمية المماثلة الشرائح غير الفقيرة من السودانيين.. * أي كأنما وزارة الرعاية الإجتماعية (عكست!!) النسب المئوية لتلك التقارير لتضحى النسبة الخاصة بالفقراء هي لغير الفقراء و(العكس صحيح!!).. * وبعد أن انتبهت الوزارة إلى ما في تقريرها ذاك من مغالطعات، سعت إلى تدارك (الفضيحة) عبر تصويب بعثت به أيضاً إلى الصحف.. * وبسبب (البشريات) غير ذات (المصداقية) هذه من تلقاء كثيرين من ولاة الأمر في زماننا هذا وجد الناس مسوغاً قوياً لترديد مقولة (كلام جرائد!!).. * والصحافة بالطبع لا ذنب لها سوى أنها بمثابة (الواطة) التي (تتلقى) ما يقع من (سماء) أهل (الإنقاذ) من وعودٍ وبشارات وتصريحات.. * وبشارة الوالي الأخيرة هذه للفقراء نخشى أن تكون قد بُنيت على نسبة مئوية (معكوسة) مثل تلك التي وردت في تقرير وزارة الرعاية الاجتماعية عن الفقر.. * أو نخشى حتى لو أصرَّت الولاية (وألحَّت) على صحة النسبة المذكورة أن يكون مصيرها مثل بشارة الوالي السابق (الفِراخية!!) تلك للفقراء.. * أو نخشى أخيراً أن يكون السيد الخضر قد سقط منه سهواً الرقم الصحيح عن الفقر بمثلما سقط منه قبل أيام الرقم الصحيح عن حقيقة مرتبه خلال إفادة صحفية.. * فعلى ذمة الزميلة (التيار) أسقط والي الخرطوم نحو (10) ملايين من الجنيهات بالقديم من جملة أجره الشهري حين سؤاله عما يتقاضاه الولاة والوزراء الاتحاديون.. * ولولا أن وزيراً اتحادياً آخر ذكر للصحيفة الرقم الصحيح دون الإكتفاء بالمرتب الأساسي كما فعل الوالي لتم توثيق الإفادة الصحفية تلك على أنها من شاكلة (كلام جرائد!!).. * ولا شيء يجعل من (كلام الجرائد!!) كلاماً (صحيحاً!!) سوى (المصداقية!!!!). * سيما في زمان تزايد أعداد ( المساجد ؟؟؟؟).