لم تزل حادثة الإغماء التي أصابت الطالبات إثر استخدامهن مناديل ورقية بالثورة الحارة 59 عالقة في الأذهان لتشهد الثورة حادثة اخرى في الحارة 28 اقرب في تفاصيلها الى حادثة المناديل، اذ اصيب شابان بحالة تسمم بعد شربهما من سبيل مسجد الهدى بالثورة الحارة 28 ،وبعد دقائق من تناولهما للماء اصيبا بنوبة استفراغ متواصلة وتم اسعافهما للمشفى .. كانت الحيرة تملأ وجوه الحاضرين عن ماهية الشئ الذي وضع في الماء حتى فعل مافعل في اجساد هؤلاء الابرياء الى ان انتبه احد الشباب الموجودين واضاء بهاتفه الجوال داخل الزير الذي شرب منه المصابان وبعدها رأى عبوة صبغة شعر (صوفت كلر) التي تستخدم لصبغ الشعر ملقاة على الارض. (الصحافة ) توجهت الى هناك والتقت بالاطراف المتضررة من الحادثة وروا لنا تفاصيل ماحدث . قصدنا مسجد الهدى المتعارف عليه في المنطقة بجامع انصار السنة وفي الناحية الغربية من المسجد حيث منزل الخفير ، طرقنا الباب ووجدنا زوجته وابنته فهن ملمات بتفاصيل ماحدث امس الاول وافادتنا سرف العطا وابنتها سارة التي قالت انها كانت جالسة عندما جاءها احد الصبيان يركض واخبرها ان (عبدالعزيز) وهو اول من تناول ماء الزير المسموم قد شرب ماء من السبيل واصبح يستفرغ بإستمرار، وبعد ذلك خرجت الى هناك واثناء محاولة اسعاف عبد العزيز اتى (حسن) وهو الضحية الثانية وشرب من ذات الزير ليلاقي نفس المصير وحتى لحظة تواجدنا في مكان الحادث لم يكن حسن قد غادر المشفى واضافت سرف ان ظاهرة استخدام الصبغة شائعة في المنطقة وذكرت ان بعض الاشخاص استخدموها بإرادتهم ، وتخوفت من ان يتكرر الامر ثانية خاصة ان هناك مدرسة اساس في الناحية الغربية من المسجد ما يزيد من المخاوف اذا تعرض الصغار لماء مسموم، فتلاميذ الفصول الثمانية يأتون مندفعين منتصف النهار ليشربوا من سبيل المسجد ؟ وقالت سرف : ( بعد ان تم التبليغ عن الحادثة اتى افراد الشرطة الى المكان واخذوا عينة للمعمل الجنائي وتم فتح بلاغ في قسم الحارة (29 ) بعد ذلك دلتنا ابنة المأذون سارة الى منزل عبدالعزيز الذي اصيب بالتسمم بعد ان شرب من الزير وتم اسعافه ليعود الى منزله في حالة صحية سيئة وروى لنا عبدالعزيز عبد الباقي البالغ من العمر ( 21) عاما عن المعاناة التي عاشها امس الاول. وعند دخولنا في الغرفة التي كان مستلقيا بها خيل الينا انه لا يستطيع الحديث وبالكاد استطاع فتح عينيه لرؤيتنا وبعدها رحب بنا بصوت فاتر للغاية تظهر فيه نبرة الاعياء والاجهاد الجسدي وبعد محاولات استطاع الجلوس ليتحدث الينا فقال انه ذهب الى المسجد ليصلي المغرب واثناء تعبئته لابريق الماء ليتوضأ شرب من الإناء الذي كان يملأ به الابريق .. وعند وقوفه للصلاة شعر بضيق حاد في التنفس واصبح صدره اكثر ضيقا فركض الى خارج المسجد ليدخل في نوبة استفراغ متواصل وبعدها نقل الى المشفى لإجراء مايلزم لاسعافه، واختتم عبدالعزيز حديثه انه لايستطيع وصف ما حدث امس الاول من آلام وهو يهز رأسه اسفا على ماحدث له . وفي طريق عودتنا الى المسجد كان برفقتنا الاخوان مصعب وعمر اللذان كانا ضمن الاشخاص بموقع الحادث لحظة اصابة عبد العزيز وحسن واخبرنا عمر انه رأى لون الماء متغيرا داخل الزير بعد ان سلط الضوء عليه وقام بدلق المياه على الارض ولاحظ وجود ظرف حناء هندية اوصبغة (صوفت كلر ) المتاحة بجميع محلات التجميل، ولاحظنا ان المكان الذي سكب عليه محتوى الزير متغير اللون واصبح أسودَ ويلمع مع اشعة الشمس. وعند وصولنا الى موقع الحادث مرة اخرى وجدنا والدة حسن قد حضرت فقالت ان ابنها لم يكن يعاني من شئ اذ اتى الى المنزل بعد تمرين الكورة واخذ في يده سندوتش وخرج الى المسجد وشرب من الزير وبعدها بات يتلوى من الالم والاستفراغ، وقامت بإعطائه ماء ملح وليمون وافسدت مفعول السم في جسده وبعد ذلك اسعف الى مستشفى شفاء العليل بالقرب منهم حيث تمت احالته الى مستشفى الخرطوم ولم يخرج إلا لإجراء التحاليل .