٭ قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب «ولينا على الناس لنسد لهم جوعهم ونوفر لهم حرفتهم، فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم»، وتساءل: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟». قضيتا الحرية والعدل من الركائز الأساسية التي استندت عليها كل الأديان والشرائع السماوية وعلى رأسها الدين الإسلامي. وهما القضيتان اللتان ناضل من أجلهما الشعب السوداني نضالا كلف بعض أبنائه الأرواح والمهج. لقد حقق كفاح وبطولات الشعب السوداني سجلا ناصعا من الانجازات والانتصارات، على رأسها تحرير الخرطوم في 26/1/1885 واستقلال السودان في 1/1/1956 وإسقاط دكتاتورية عبود في 21/10/1964 وإسقاط دكتاتورية نميرى في 6/4/1985م. ٭ أقامت حكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني حكما شموليا حافظ على كرسى السلطة لفترة فاقت العقدين من الزمان. هذه المحافظة كلفت خزينة الدولة وإيراداتها عبئا ثقيلا تمثل في الصرف بلا حدود على البرامج الأمنية ، وعلى شراء الولاءات السياسية، وغض الطرف وفتح الباب للفساد الذي أهلنا استشراؤه لتذيل قائمة الدول في تقارير منظمة الشفافية العالمية. إن جزءا من الفساد الذي يجرى في الدولة تظهره تقارير المراجع العام السنوية بمبالغ كبيرة بلا محاسب ولا إقالات. نذكر نموذجا واحدا يعكس مدى الفساد وإهدار الأموال : في عصر يوم من أيام ولاية الخرطوم كان هناك زواجان في نفس الشارع احدهما لأسرة أنصارية والآخر لأسرة مؤتمرجية، ضلت عربة مبعوث أحد أجهزة الدولة الطريق وحملت «نقطة الزواج» لمنزل الأنصاري فإذا بها شوال مليان قروش من فئة الخمسين جنيها !«ومعها مذكرة مباركة». إن الخلل الكبير في توجيه الموارد يعكسه الإهمال الشديد للقطاعات الإنتاجية والاعتماد على الاستيراد في توفير السلع حتى فاق مبلغ الاستيراد العشرة مليارات دولار، ربعها مواد غذائية «نأكل مما نزرع الرسمية - نضحك مما نسمع الشعبية» . ٭ حكومة الإنقاذ تتحدث بلغة «أمريكا وبريطانيا وفرنسا تحت جزمتي»، ولكنها تبعث مسؤول جهاز الأمن والمخابرات السابق بطائرة مخزنها مليء بملفات التعاون في مكافحة «الإرهاب»! وتوقع على اتفاقية سلام بإملاء وتحكم أمريكي، أبرز مطباتها برتوكول أبيي الذي قدم نصه بالكامل السناتور جون دانفورث ! إن النتائج المباشرة لاتفاقية السلام تتمثل في انفصال الجنوب والتأزم في أبيي ونذر تصعيد الحرب في دارفور وبقاء القوانين القمعية والأزمة الاقتصادية والضائقة المعيشية. ان تهميش دور الحركة في الشراكة والدور الأمريكي أديا لانفصال الجنوب بالشكل الذي تم؛ وبرتوكول أبيي وجعل المنطقة التي كانت آمنة أيام الحرب الأهلية لتكون مستعصية على الحل لأن الدور الأجنبي والأمريكي تحديدا عمل لصالح «طرف الحركة والدينكا»، والحكومة تنازلت بدون رضا وقناعة، والمسيرية يرفضون التنازل عن أرض يعتقدون أنها لهم. ليس المهم الدفاع عن موقف أي من القبيلتين فمازال السودان الواحد راسخا في وجداننا لم يزحزحه الانفصال العارض، ولكن المهم إقامة السلام على العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه. إن دارفور لها مطالب أصبحت معلومة، و الحكومة تريد اتفاقا بلا تنازل وهذا مستحيل. ان ارتفاع الأسعار عالميا ليس هو سبب الأزمة الاقتصادية والكارثة المعيشية التي تعيشها البلاد الآن، ولكنها تسببت بالصرف المفتوح على حماية النظام وبإهمال القطاعات الإنتاجية وخصوصا القطاع المطري التقليدي في القطاع الزراعي وبالفساد الذي فاق كل تصور وخيال. ٭ إن حزب الأمة قيادة ومؤسسات وجماهير أثبت دوما أنه في صف الوطن والمواطن. فقد حكم بإرادة الشعب وعمل على تنفيذ أجندة الوطن وحل قضايا المواطن، ولم يحمل أجندة حزبية في كل مسيرته السياسية. في العهود الشمولية تصدى لقضايا الوطن والمواطن ووقف مع الشعب ونال ما أصابه من سجون ومعتقلات ومنافي ومصادرات وإعدامات. وعندما جاء نظام الإنقاذ تصدى لقضية الحريات والتلاعب باسم الدين وللظلم وحمل السلاح وكان في قيادة العمل المدني ونالت قياداته وجماهيره النصيب الأكبر في التشريد والسجون والبطش والقمع والعذاب والمصادرات. النظام والحزب الحاكم في السودان عرض على حزب الأمة المشاركة بنصف السلطة أربع مرات ابتداء من عام 1992، ولكن مؤسسات وقيادات الحزب رفضت في كل مرة، ليس تصلبا في المواقف ولكن لأن المشاركة بهذا الشكل لا تخدم قضايا الجماهير، لذلك فإن رفضنا لكل المشاركات المعروضة فيه تتنازل عن المصالح الخاصة و تمسك بالصالح العام للوطن والمواطن. إن همنا الذي حفظناه من قيادتنا هو كيف يحكم السودان وليس من يحكم السودان. إن حزب الأمة الآن يعمل على لملمة أطرافه وتجميع صفوفه وحشد جموعه للتصدي للواجب الوطني، ويرحب بحرارة بكل القيادات والكوادر والجماهير العائدة لحزبها ويمد يده للآخرين لتلبية نداء الوطن. إن حزب الأمة يتشارك العمل الوطني مع كل القوى والتنظيمات السياسية الساعية لتحقيق الحريات والديمقراطية. إن حزب الأمة يعمل على تجميع الموقف الوطني كله حاكم ومعارض للتوصل لحل شامل يشمل كل قضايا البلاد بمشاركة كل الأطراف. ٭ يا أهلنا ، فلتتكاتف جهودنا كلنا جماهير الشعب السوداني، جماهير الحركة السياسية، أتباع الحركات، منتسبو المؤتمر الوطني، الخدمة المدنية ، القوات النظامية، لتؤيد خيار الحل السلمي لقضايا الوطن كلها بلا استثناء بمشاركة أهل الوطن جميعهم بلا استثناء. هذا الاصطفاف الوطني نعبر عنه جميعا بحضور اللقاء الجماهيري مساء الأربعاء 26 يناير بساحة مسجد خليفة المهدي لإحياء ذكرى تحرير الخرطوم في ساحة المسجد الذي عمره أهل السودان الذين حرروا الخرطوم، ولنحتشد أيضا للاستماع للموقف الوطني من حكيم الأمة الإمام الصادق المهدي. اننا نحتشد لنسمع وأيضا لنوصل رسالة الجماهير للجميع قيادة حزب الأمة وكل القيادات الوطنية، فبالهتاف المنظم نوصل رسالة الجماهير ومطالبها داوية واضحة. اننا شعب معلم أطاح بدكتاتوريتين رفضا للظلم والطغيان.إن شعب تونس العظيم التقط منا الآن قفاز المعلمية ويستحقون منا الإشادة لإطاحتهم بأعتى الديكتاتوريات في العالم العربي والأفريقي، ونأمل أن يهدى الله أخوتنا في المؤتمر الوطني لنعلم شعوب ودول العالم الثالث درسا جديدا في التوافق الوطني ، وحتى لا يفتح الطريق للمواجهة وسفك الدماء والاحتراب الوطني . ان بلادنا وشعبها يمران بظرف عصيب فأمامنا انفصال الجنوب وتبعاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأمامنا الضائقة المعيشية التي قد تؤدى لعجز اسر كثيرة عن تغطية ضروراتها، وأمامنا عجز موازنة الدولة في الإيرادات المحلية وعملة الاستيراد. مع كل هذا الضيق نرجو الفرج، فالإمام المهدي قال:» المحن في طي المحن والمزايا في طي البلايا». وحادينا قول الحكيم ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولاجازع من صرفه المتقلب ولا أتمنى الشر وبالشر تاركي ولكن متى أحمل على الشر أركب صديق الصادق المهدي