أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصور لموجهات عامة لإستراتيجية اقتصادية بديلة
نشر في الصحافة يوم 02 - 02 - 2011

دافعنا في ذلك هو المساهمة في مواجهة القضية الاقتصادية، خاصة في ظل الظروف الحالية، ووفاء للمؤسسة التي عملنا بها طويلاً (وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي).
* أولويات هذه الإستراتجية :
أ?. تنشيط القطاعات الاقتصادية المنتجة:
- ضرورة التوازن بين القطاعات الزراعية المختلفة كالزراعة المروية والآلية والمطرية وتربية الحيوان ، نسبة للتحول في التكلفة والمنفعة في هذه القطاعات.
- التوازن بين الصناعات الكبيرة والصغيرة، والخاصة والعامة، والحديثة والتقليدية، والتقليدية الصغيرة والحديثة الصغيرة، والرسمية وغير الرسمية، نسبة لأن التركيز على صناعات القطاع العام وحدها، أصبح غير ملائم لأهداف التنمية.
- استغلال الروابط (linkages) بين الاقتصاد الريفي والحضري ، وبين الصناعة والزراعة ، نسبة للتداخل المتزايد بين أسواق العمالة بالريف والحضر ، والإمكانات الاقتصادية الضخمة الكامنة لهذه الروابط.
- ضرورة تبني برامج التنمية الريفية المتكاملة( integrated rural development) في كل أنحاء الريف السوداني بهدف تحقيق التنمية بالريف بمفهومها الإنساني و تحقيق التوازن بين المصالح مع تنشيط التصنيع الريفي، وإصلاح عمليات التسويق المشوهة بما فيها التسليف والتخزين والمناولة والترحيل وتوفير الخدمات المرتبطة بالإنتاج.
- تطوير البنية التحتية المادية والاجتماعية ونظم حماية البيئة. وذلك لتدني حالة هذه البنيات خاصة السكك الحديدية (سنار / هيا)، والموارد البيئية مما يهدد إمكانية البقاء والإنتاجية لكل القطاعات الإنتاجية. تطوير البنية التحتية الاجتماعية يتطلب رفع القدرات من خلال إنشاء مراكز للتدريب المهني ، والسلام الاجتماعي والاهتمام بالصحة كمنظومة صحية متكاملة بالتركيز على الصحة الأولية والأمن الغذائي ومحاربة الفقر.
ب?. إصلاح سياسات الاقتصاد الكلي والسوق :
- إصلاح النظام الضرائبي والإداري لتحسين هياكل الدخل والإنفاق الحكومي ومعالجة التمويل بالعجز.
- تطبيق سياسة نقدية وائتمانية فاعلة، نسبة لصعوبة التحكم بالسيولة وضعف التوزيع الكفْ للائتمان المطلوب للقطاعات الإنتاجية.
- هنالك حاجة ماسة لتوازن أكثر بين القطاعين العام والخاص، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار العام والخاص. نسبة لأن استثمار القطاعين أقل من الحد الأدنى لمنع تآكل الأصول الرأسمالية (capital stock).
- هنالك ضرورة لتوازن أكثر بين الإنفاق الإنتاجي والاجتماعي لخفض المنصرفات غير الإنتاجية، والعمل على تعبئة الموارد واستقطاب التمويل الأجنبي. هذه الموارد ستساعد في تمويل البرامج الاجتماعية لتخفيض وطأة الآثار السلبية لاقتصاد السوق الحر.
ج. إعادة تنشيط الدولة التنموية (revitalizing the developmental state):
- وذلك من خلال المشاركة الشعبية الفاعلة على كل المستويات أفقياً ورأسياً ،نسبة لأن غياب المشاركة يؤدي لتدني سريع في الحافز (motivation) والتعبئة والشفافية ، ونشر المعلومات ، ورفع الوعي والمسئولية.
1
- أهمية مراجعة نظام الحكم الفيدرالي تتطلب بالإضافة للمشاركة الفعلية والفاعلة في السلطة ، المشاركة في الموارد القومية ، والالتزام بسداد الديون على كل من المستوى الأفقي والرأسي ، والسيطرة والشفافية على كل المستويات لنجاح الحكم السليم.
- ضرورة تطوير نظم الإدارة العمالية والعقد الاجتماعي (social contract) لتوفير الأسس العادلة لاقتصاد السوق. إن تخفيف الآثار الاجتماعية السلبية لسياسة تحرير الاقتصاد ، تتطلب التنسيق بين النقابات وتنظيمات المخدمين والإدارات العمالية.
- ضرورة إنعاش عملية التخطيط طويلة المدى والالتزام بموجهاتها على كل المستويات الرسمية ، وذلك لأن القرارات العشوائية المتجاوزة للتخطيط الجاد والموازنة المالية المنضبطة تخلق مطالباً مصلحيه غير واقعية لبعض الجماعات وتؤدي للفساد وضيق النظرة السياسية.
- ضرورة التوزيع العادل للدخل أو ما يسمى بخيار التنمية على أساس المساواة. (egalitarian development).
- ان تحقيق التوزيع العادل للدخل أو التنمية التي تعمل على تساوي الفرص بين أفراد المجتمع أفقياً ورأسياً ، مسألة في غاية الأهمية لمجتمع كالسودان عانى من النزاعات التي ارتبطت بغياب العدالة والمساواة. إصرارنا على عملية المساواة في توزيع الدخل ، نابع من أن زيادة متوسط دخل الفرد المرتبط بزيادة النمو ، مسألة كمية لا تعني بالضرورة التوزيع العادل للدخل ، كما أن تحقيق النمو المتوازن بين أقاليم وولايات السودان والذي ننشده ، لا يعني أيضاً المساواة الفعلية في توزيع الدخل والتي تعتبر شيئاً نوعياً.
- لابد من توفر بعض الشروط لنجاح هذه الإستراتيجية كحطة إسعافية وإصلاحية :
أ. توفر شرط العرض (supply condition)، والذي يتمثل في إنتاج كميات كافية من السلع والخدمات لمقابلة الاحتياجات الأساسية للمواطنين والتي يمكن أن تكمل بواسطة الواردات لضمان المستوى الأدنى الكافي للاستهلاك (minimum consumption standards ).
ب. شرط الطلب (demand condition) ، والذي في حالة السوق يتمثل في توزيع السلع والخدمات بواسطة آلية السوق. وفي هذه الحالة لابد ان يكون الطلب الفعلي (effective demand) لأفقر المجموعات كافياً ليسمح لها بمقابلة المستوى الأدنى للاستهلاك المذكور في الفقرة السابقة.
ج. شرط التوزيع والوصول للسلع ، والذي يعني ضرورة وصول السلع المنتجة للفقراء.
د. شرط ضرورة استدامة التنمية الهادفة للمساواة.
* عليه نقترح الإجراءات والسياسات البديلة التالية لإعادة توزيع الدخل ورفع الطلب الفعلي
أ?. سياسة التسعير ، بتبني سياسات سعرية تفضيلية لخفض أسعار بعض السلع والخدمات والتي تمثل نسبة عالية من الانفاق الكلي للفقراء ، أو بدلاً عن ذلك توزيع السلع مباشرة للمستحقين. ولكن يجب أن ندرك ان السيطرة على الأسعار ، ربما تضر ببعض المجموعات الفقيرة بينما تنفع الأخرى.
فمثلاً السياسات التي تخفض الأسعار الغذائية الأساسية تنفع الذين يعتمدون على السوق للحصول على هذه السلع ، ولا تؤثر على الذين يعتمدون على الاقتصاد المعيشي (self sufficient ) ، كما تضر بالفلاحين الفقراء الذين يعتمدون في حياتهم على بيع السلع الغذائية في الأسواق. عليه لابد من وضع هذا في الحسبان عند تطبيق هذه السياسة.
ب?. سياسة خلق الوظائف (employment creation) والحد الأدنى للأجور (minimum wage) من خلال تبني برامج التشغيل العامة (Public work) ، لخلق فرص واسعة للعمالة في القطاعات المتسمة بكثافة العمالة (labour intensive)
2
ت?. كقطاع التشييد والطرق ، ومن خلال تبني سياسة الحد الأدنى للأجور التي تفيد الذين يعملون دون الحد الأدنى للأجور ، ولكنها ربما لا تشجع النشاطات ذات العمالة الكثيفة في حالة التطبيق الفعال لهذه السياسة.
ث?. سياسات الدخل والتي على الرغم من إمكاناتها المحدودة في تحويلات الدخول (income transfers) بالدول النامية كالسودان ، إلا أنها من الممكن أن توظف للسيطرة على أو منع زيادة الدخل للطبقات العليا، بينما تسمح بزيادة دخل الفقراء نسبياً مقارنة بالمجموعات الأخرى .
ج?. سياسة توفير السلع العامة (Public goods) من خلال توفير السلع والخدمات على أسس جماعية (collective) كخدمات التعليم والصحة والمياه والتصريف الصحي، وتوزيع البذور. وصول هذه الخدمات للفقراء يتطلب تنظيمهم للدفاع عن حقوقهم ، إذ أكدت التجارب أن ضعفهم السياسي والتعليمي ، يضعف من إمكانات حصولهم على هذه السلع العامة.
ح?. تبنى الإجراءات لرفع إنتاجية الفقراء. في الغالب المستفيدون من هذه الإجراءات هم صغار المزارعون ، والحرفيون الذين يملكون أصولاً إنتاجية والعمال بالأجر الذين ربما يكسبون من الإنتاجية العالية. ولكن في حالة نزوح العمال وإرتفاع قيمة الأرض والإيجارات ، ربما تضعف من مفعولها في التأثير على عدم المساواة والفقر. لذا لابد من مصاحبتها بإجراءات أخرى للتحكم في السلبيات ، كالإصلاح الزراعي الفعال الذي يشمل على توفير الخدمات اللازمة بما في ذلك المدخلات و التسليف الزراعي وإصلاح كل الإختلالات في سلسلة الإنتاج والتسويق ، بداية بالمنتج ونهاية بالمستهلك. إن هذه هي الوسيلة الأساسية لترقية النمو الزراعي والتنمية الريفية ، وتوسيع فرص العمالة ورفع درجة المساواة.
* على ضوء ما ذكر أعلاه ، يمكننا إستخلاص عدة نقاط هامة :
أولاً : تتطلب إعادة توزيع الدخل وإزالة الفقر ، تطبيق حزمة من السياسات بصورة حازمة وعلى أساس طويل المدى. بالإضافة لذلك ، تتطلب المساواة في الدخل تغيير الهياكل الإقتصادية كالإزدواجية الاقتصادية ، نسبة لأن إعادة توزيع الدخل كإجراء منفرد لا يحقق الهدف المطلوب في إطار الهياكل المشوهة حالياً. عليه من المهم جداً، دراسة وتحليل الهياكل الاقتصادية والاجتماعية لتحديد مكمن الخلل الحقيقي ، ووضع الوصفات الناجعة لعلاجه ، حتى نضمن مساواة أكثر في توزيع الدخل لصالح الأسر الريفية ، وعمالة ريفية أوسع ، وحد للهجرة من الريف إلى المدن.
ثانياً : وفي نفس الاتجاه ، لابد من إتباع سياسات لرفع معدلات النمو أو الحفاظ عليها مع ضرورة الدمج بين إعادة التوزيع والنمو. فالعديد من الاقتصاديين يجمعون على ضرورة تحقيق حد أدنى من معدل النمو الاقتصادي كشرط أساسي لفعالية إعادة توزيع الدخل. ولكن كما سبق أن ذكرنا ، لابد من التحقق من طبيعة النمو الاقتصادي وتكلفته الاجتماعية وقطاعات المواطنين التي يخدمها.
* وفي هذا الخصوص تقترح منظمة العمل الدولية (ILO) مجموعة من المبادرات يستهدف توسيع الموارد المتوفرة للفقراء. فالإستراتيجية التي تقترحها المنظمة لا تركز على التحويل المباشر للدخل (direct income transfer) ، من الأثرياء للفقراء ، ولكن ترتكز على الاستثمار الذي يوفر للعاطلين عن العمل والعمال الفقراء، الأسس التي تمكنهم من الحصول على حد أدنى من الدخل.
وفي تطور لاحق لهذا المفهوم يقترح البعض ضرورة الإهتمام بالفقراء من خلال معدلات نمو مستهدفة (target growth rate) تولي وزناً أعلى لنمو دخل المجموعات الأكثر فقراً وتحدد المجموعات الفقيرة المستهدفة في كل من الريف والمدن ، وتعيد توجيه الاستثمار العام لرفع الطاقة الإنتاجية والدخل لهذه المجموعات.
(3)
فهنالك إمكانية مهولة كما يقول البعض لرفع دخل المجموعات ذات الدخول الدنيا من خلال سياسة تحويل الاستثمار (investment transfers ). من الممكن أن تحقق هذه الإجراءات تحسينات ضخمة في أنماط تركيز الأصول مع الزمن. فإذا كان الدخل في المجموعات الصغيرة ، مقيداً بفقدان رأس المال الفكري والمادي والإنساني والوصول للبنية التحتية ، فإن إعادة توزيع الموارد العامة ، من الممكن أن يوفر آلية قوية لإزالة هذه العوائق. فالدرجة المطلوبة لتحويل الموارد (extent of resource transfer) المقدرة ب %2 من الدخل القومي الإجمالي لفترة 25 عاماً، ليست بصغيرة، وذات جدوى.
* يقودنا ذلك لضرورة الاهتمام أيضاً بإستراتيجية الاحتياجات الأساسية.
هذه الإستراتيجية على الرغم من أنها في الأساس تهدف بصورة مباشرة إلى إزالة الفقر ، إلا أنها تمثل في حالات كثيرة الحوار المتواصل حول إعادة التوزيع المرتبط بالنمو وربط النمو بالتنمية. تشمل إستراتيجية الاحتياجات الأساسية هذه ، على كل من السلع الخاصة (Private goods) كالغذاء والمأوى والملبس وبعض السلع العامة (Public goods) كالخدمات الصحية والتعليم ، والماء والتصريف الصحي كما ذكرنا سابقاً.
لذلك لابد من التوازن بين القطاعين العام والخاص لمقابلة هذه الاحتياجات والتي تتمثل في المكونات التالية لإستراتيجية الاحتياجات الأساسية:
أ?. توفير العمالة المنتجة للفقراء.
ب?. استثمار أكبر للزراعة التقليدية والقطاع غير الرسمي.
ت?. وصول كل المواطنين للخدمات الأساسية.
ث?. تقليل الفوارق بين الأسر في الوصول للسلع الأساسية والخدمات.
ج?. خلق المؤسسات التي تمكن غالبية الفقراء من المشاركة بصورة أنشط في جهود التنمية.
* مهام ضرورية لتعبئة الفائض الاقتصادي :
- الاقتراحات المقدمة أعلاه ، لتحول وإصلاح الهياكل الاقتصادية والاجتماعية بالسودان ، كما هو معلوم تتطلب موارد ضخمة ، ولا نتوقع أن تكون الموارد الأجنبية كافية لذلك على الرغم من تحقيق السلام. ولكننا ، نعتقد أن للسودان فائضاً اقتصادياً حقيقياً وكامناً ضخماً.
- إن مفهومي الفائض الاقتصادي الحقيقي والكامن ، يرجعان للبروفسير بول باران في كتابه الاقتصاد السياسي للنمو. فالفائض الاقتصادي الحقيقي لأي مجتمع يمثل الفرق بين الإنتاج الجاري (current) الحقيقي، والاستهلاك الجاري الحقيقي. بهذا المعنى يتطابق الفائض الاقتصادي الحقيقي مع التوفير الجاري (current saving) أو التراكم (accumulation) وعلى صعيد آخر، فالفائض الاقتصادي الكامن، يمثل الفرق بين الإنتاج الذي ينتج في بيئة طبيعية وتكنولوجية محددة بمساعدة موارد الإنتاج، والتي يمكن استغلالها (employable productive resources)، والاستهلاك الذي يعتبر ضرورياً. أن تحقيق الفائض الاقتصادي الكامن ، يفترض إعادة تنظيم فعالة للإنتاج وتوزيع الناتج الاجتماعي ويتضمن تغييرات عميقة في هيكل المجتمع.
* وبناء على هذا التفسير نقترح الإجراءات التالية لتعبئة الفائض الإقتصادي:
1. زيادة نصيب السودان في استغلال الموارد الطبيعية كالنفط والتعدين إلخ بمراجعة الإتفاقيات.
4
2. إصلاح القطاع التقليدي لمعالجة الازدواجية الاقتصادية.هذه الازدواجية تعمل على إخضاع القطاع التقليدي للقطاع الحديث بصورة مدمرة مما يؤثر سلباً عل إمكانات تتطور القطاع التقليدي.
3. فرض الضرائب التصاعدية العادلة.
4. الحد من الاستغلال في مشاريع القطاع الحديث
5. تبني نظام ضرائبي تصاعدي (progressive taxation) ، وسياسات أسعار ذات محتوى طبقي ، تطبق على العديد من النشاطات لتحويل جزء من الفائض المولد للتنمية الصناعية والزراعية.
6. فرض الضرائب التصاعدية على التوزيع (distribution)، والنشاطات الخدمية مع تشجيع المشاركة الشعبية في إدارة التعاونيات على مستوى التجمعات الاستهلاكية (consumer compounds) الدائمة والمتحركة منها.
7. إعادة استثمار جزء كبير من الأرباح المتراكمة في أيادي المستثمرين الأجانب، في مجالات يتم تحديدها وطنياً مع دفع جزء من الفوائد لهم بالعملة المحلية لتنشيط الاقتصاد السوداني.
8. من الممكن أيضاً البحث عن الفائض الاقتصادي الكامن للسودان في مجالات الاستهلاك والانفاق غير الضروري. في هذا الخصوص، من الضروري تبني سياسة سعريه للتأثير في أسعار المواد الغذائية من خلال منح الحوافز لصغار المنتجين، بالإضافة لمنح سلع غذائية بأسعار معقولة لجماهير العمال لرفع دخلهم الحقيقي. وبنفس القدر، لابد من تحديد مستوى الاحتياجات الأساسية للجماهير، والتي على ضوئها يمكن رسم سياسة اقتصادية للاستيراد للسلع التي لا تصنع محلياً وتهتم بذوي الدخول الدنيا. من أهم أهداف هذه السياسة التخفيض الجاد لاستيراد السلع الاستهلاكية الكمالية وغير الضرورية ، والذي بدوره يخفض من الاستهلاك الكلي ويعتق الموارد لصالح الاستثمار ولتوفير السلع الضرورية للاستهلاك.
9. وبالمثل، لابد من الضغط على المنصرفات غير المنتجة بهدف تخفيضها الشديد، خاصة منصرفات الأجهزة الحكومية البيروقراطية. في هذا الخصوص، لابد من تخفيض الفوارق في المرتبات مع ضرورة تقييم الوظائف اقتصادياً. وفي نفس الاتجاه، يساعد توجيه التعليم نحو التعليم الفني، بهذا الفهم يساعد في تخفيض الاستغلال غير المنتج للقوى العاملة، كما يخفض من النزوح نحو المدن والذي يساعد في تنمية المناطق الريفية.
10. وعلى نفس الوتيرة، يعتبر توسيع الديمقراطية الحقيقية شيئاً لائقاً لتعبئة الفائض الاقتصادي. فالديمقراطية الحقيقية تسمح بالمشاركة الشعبية في مهام الدفاع والأمن الوطني ، الشئ الذي يعمل على تخفيض التوسع غير المسبوق لقوات الأمن. زد على ذلك، ستعمل إعادة هيكلة جهاز الدولة على أسس ديمقراطية مع مشاركة الجماهير في أداء المهام المناسبة، على تخفيض النفقات وإضعاف البيروقراطية المسئولة إلى حد كبير عن الإنفاق العالي على جهاز الدولة.
11. لابد من تبني معيار استثماري مرن وعملي للاستثمار في قطاع الخدمات ويشتمل ذلك في رأينا ، على الاستثمار في الخدمات ، التي تلبي الاحتياجات الأساسية للجماهير، إضافة للاحتياجات الجديدة الناتجة عن التنفيذ الناجح لخطط التنمية ، وأيضا في الخدمات التي تساهم في تنمية الإنتاج وزيادة نسبة الاستثمار المنتج.
5
* التقاضي عن هذه الشروط ، خاصة ضرورة التناسب بين الخدمات واتساع الإنتاج ، يعني من تجارب الدول المتقدمة ، أن أي سياسة لتوسيع الخدمات بالشكل الحالي ، لن تخدم التحول الاقتصادي ، ولابد أن تقود لتعزيز العجز في الخدمات الضرورية نفسها كما هو الحال الآن بالسودان.
12. لابد من اتخاذ الإجراءات الاقتصادية لتحقيق الوفرة وأيضا الإجراءات الإدارية المعقولة لمناهضة السوق السوداء والفساد وكل أشكال النشاطات الضارة بالإنتاج وبتعبئة الفائض الاقتصادي.
13. وفي نفس الاتجاه يجب أن ندرك أن تحقيق الفائض الاقتصادي الكامن، يستدعي تحولاً ثقافياً، يحرر المجتمع السوداني من العادات والمفاهيم غير المنتجة.
14. ضرورة معالجة الدين القومي (national debt). يعتبر السودان على أساس الفرد الواحد من أكثر الدول مديونية. فعبء الديون يتسم بالضخامة ومن الصعوبة تحمله. أغلب هذه الديون حدثت في السبعينات من القرن الماضي أبان حكم مايو ، وتمثل متأخرات سداد فوائد الديون فيها أكثر من النصف، تتسم هذه المديونية أيضاً بتعدد مصادرها كصندوق النقد الدولي ، ونادي باريس الذي يمثل تجمع الدول الأوربية الغربية الدائنة للسودان على أساس ديون رسمية ثنائية (bilateral) ، ونادي لندن الذي يمثل تجمع المصارف التجارية الدائنة للسودان ومصادر أخرى ، والصناديق والدول العربية. كما تتعد الاتفاقات التي تحكمها ، وتكرار جدولتها ، وإنتهاك العديد من شروطها الأساسية ، وشروط جدولتها. كل هذه تعقد من مديونية السودان، ومن الممكن أن تصعب أي إجراء لإلغاء هذه الديون.
ولمواجهة هذه الديون نقترح الآتي :-
أ?. الحوار مع الحركة الشعبية لمقابلة جزء من الديون باعتبارها ديناً قومياً، خاصة وأن معظمها وقع في الفترة المايوية حيث اشترك الجنوبيون في الحكم في الفترة ما بين 1972 إلى 1983.
ب?. إعادة بعض الأموال من هذه الديون التي حولت لأغراض شخصية أو صرفت بصورة غير مسئولة من قبل الحاكمين في تلك الفترة مع تطبيق مبدأ من أين لك هذا لكل شاغري المواقع الدستورية.
ت?. إعادة جدولة الديون ، في هذا الخصوص يجب أن ندرك أن صندوق النقد الدولي لا يدخل حسب دستوره في تفاوض في هذه المسالة مع الدول التي عليها متأخرات ، ولكن على الرغم من هذا الشرط عمل الصندوق على أساليب مختلفة للتحايل عليه في حالة السودان. العلاقة السياسية الحسنة مع الولايات المتحدة تؤثر في تجاوب الصندوق مع السودان.
ث?. إلغاء الدين، نرى ضرورة الدخول في مفاوضات مباشرة مع الدائنين وإن يتضامن مع الدول التي تطالب بنفس الفرص. العلاقة الجيدة مع الغرب واحترام حقوق الإنسان تمثل شرطاً أساسياً.
ج?. مبادلة الدين: وعلى حسب علمنا يجد هذا الإجراء المتمثل في تحويل هذه الديون للعملة المحلية وتوظيفه في تغذية صناديق تنمية وإعادة تعمير المناطق التي تأثرت بالحرب ، يجد قبولاً من الدول والمؤسسات المالية الدائنة للسودان.
15. وضع تصور للمساعدات الخارجية ومعالجة الإختلالات في الاقتصاد الكلي بما في ذلك معالجة الديون.
16. على السودان كسب ثقة المؤسسات المالية الدولية والسودانيين المغتربين من خلال البرهان على استقرار الاقتصاد وإمكاناته المستقبلية الجيدة. إن غياب الثقة في الإمكانات المستقبلية للاقتصاد ، يدفع رجال الأعمال السودانيين للاستثمار في خارج السودان وللجوء للنشاطات الغير منتجة.
6
إن إجراءات التقشف التي يتبناها ويفرضها صندوق النقد الدولي في السودان ، لا تحل هذه المشكلة لأنها لا تتصدى لأسبابها ، بل تركز على مشكلة تقل عنها نسبياً في الأهمية وهي المشكلة المالية للحكومة (government finances ). إن برامج التقشف كما ذكرنا سابقاً ستؤدي لنتائج عكسية، وتضعف من استعداد رجال الأعمال للاستثمار بالسودان.
تجدر الإشارة هنا بان الأصول الخاصة المملوكة للسودانيين بالخارج تقارب حجم الدين العام. وقد أوضح ذلك البروفسير ريتشارد براون الذي ذكر بان الأموال المهربة من السودان تفوق في حجمها تلك المهربة من إفريقيا جنوب الصحراء، وتفوق مديونية السودان الخارجية بالضعف.
إن حل المشاكل الاقتصادية السودانية الأساسية يستوجب حلاً سياسياً يوفر المناخ المناسب لبناء الثقة وسط رجال الأعمال السودانيين. وعلى الحكومة أيضا أن تعمل على خلق المناخ السياسي الملائم لجذب مساعدات المانحين للسودان بعد تدني التزاماتهم نحو السودان فيما عدا المساعدات الإنسانية. نعظم من دور المجتمع الدولي والدول العربية في إعادة تنمية شرق السودان.
17. ضرورة الاتفاق مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP)، لتطوير مساعدته الإنسانية لمساعدات تنموية أكثر فاعلية.
18. ضرورة معالجة مشكلة الديون كما ذكرنا سابقاً، وذلك لأن فشل السودان في سداد الديون والمتأخرات يفرض عليه عقوبات يصعب معها جذب المانحون. هذا الأمر يتطلب الدراسات الجادة لمواجهته.
19. المناقشة الجادة مع صندوق النقد الدولي على تدرج برامج التقشف التي يصر على تطبيقها الصندوق. كحزمة من المهم أن ندرك أن برامج التقشف التي تتبناها الحكومة رضوخاً لموجهات الصندوق ، قد وجدت بعض الرضي من الصندوق. هذا الوضع يتطلب إدراكاً جديداً لطبيعة هذه العلاقة المتمثلة في الليبرالية الاقتصادية ، والإحجام عن تبني تغيرات أساسية في السياسات الاقتصادية المتبعة حالياً كالسياسات الضرائبية وتحرير الاقتصاد وسداد الديون.
20. لابد من العمل الدءوب على إيقاف الحرب في كل أنحاء السودان من خلال الحوار السياسي الجاد وتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام واحترام حقوق الإنسان. هذه المسائل في غاية الأهمية لرفع الحصار الاقتصادي المفروض على السودان من بعض الدول والمؤسسات الدولية.
* نود أن نؤكد أن خلق الشروط والمناخ لاسترجاع تدفق المساعدات ولمواجهة أزمات الاقتصاد الكلي السوداني تتطلب تضافر الجهود والتعاون النشط بين كل القوى السياسية السودانية وبينها وبين المانحين. ومن أهم واجبات الحكومة السودانية في هذا الخصوص ، توجيه الجهود لخلق المناخ الملائم لهذا التعاون المنشود ونقترح قيام مؤتمر إقتصادى قومى شبيهاً بمؤتمر عام 1986.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.