الإحتفال بالمولد النبوى الشريف حدث عظيم ينتظره المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها بفارق من الصبر لكى يعبروا عن فرحتهم بهذه الذكرى العطرة وعن حبهم لخيرالبرية ورسول الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، فنشاهد الكثيرمن مظاهر الإبتهاج فى الساحات و المساجد والتى تعبقها رائحة البخور الجميلة كدليل على الإحتفاء بهذه المناسبة الدينية الكبيرة، والتى تحمل الكثيرمن المعانى السامية. وفى السودان يأخذ الإحتفال بذكرى ميلاد المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم طابعا فريدا ، إذ تشهد الميادين العامة فى مدنه المختلفة أفراحاً وإبتهاجاتٍ بقدوم هذه الذكرى يشارك فيها الكباروالصغاروالنساءوالرجال ، وهذا مانشاهده هنا أيضا فى ولايتنا ولاية النيل الأبيض والتى تعتبرمن أكثر ولايات القطرإحتفالا بهذا العيد و تشهد مدنها هذه الأيام هجرة عكسية من مواطنى الولاية المقيمين خارجها أشبه بالعودة فترة الأعياد، وذلك من أجل الإستمتاع بأجواء الفرح والبهجة اللتين تتميزان بها. إلا أن مظاهر السرور والتعبير عن الفرحة بالمولد أحيانا تصاحبه بعض التصرفات التى اقل مايقال عنها انها على النقيض تماما من معانيها ودلالاتها والتى تهدف إلى تذكيرالناس بأخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعظم رسالته التوحيدية ، فهناك وللأسف بعض الممارسات التى لاتليق بها. فالإحتفال بذكرى المولد هو بمثابة تذكير الناس بوجوب العودة إلى اساس دعوته صلى الله عليه وسلم ،ألا وهو توحيد الله سبحانه وتعالى والتى وللأسف حاد عنها الكثيرمن الناس فى زماننا هذا ، حيث صارالكثيرون يلوذون بالخلائق ويتركون الخالق عز وجل ، وهذا مما جعل إحتفالات البعض بهذه الذكرى بعيدة كل البعد عن النهج الدينى القويم ، فصارمايمارس فى العديد من الصيوانات عبارة عن بدعة ماأنزل الله بها من سلطان وليس للدين فيها من شأن. إن السلبيات التى نشاهدها فى ساحات المولد تحتاج إلى جهد كبير من العلماء ونعتقد أن دور الأئمة والدعاة مهم جدا فى مثل هذه المناسبات لتبصيرالناس بالمغزى الحقيقى من وراءإحياءهذه المناسبة ،حتى لاينجرف الناس وراء أمور وطقوس تجعلهم ينزلقون نحو هاوية الشرك والعياذ بالله. الشيخ الزين المهدى إمام مسجد الدويم العتيق قال ل(الصحافة) إن هناك بعض الأفعال التى لاتليق بهذا الإحتفال مشيرا إلى أن بعض المواطنين يتخذون ساحات الإحتفال للنظرإلى النساء والإنشغال بأشياء ضد موجهات نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وقال إن معظم الشباب يجعلون من المولد فرصة للقيام بسلوكيات شائنة لاترضى الله ولارسوله، داعيا أولياء الأمور لمراقبة أبنائهم وحثهم على أن يجعلوا من المناسبة فرصة للعودة إلى السلوك القويم . بعض المواطنين أدلوا برأيهم حول الممارسات التى يشاهدونها فى ساحات المولد، حيث قال المواطن محمد الشيخ من مدينة كوستى إنه يفضل أن يحتفل بذكرى المولد بالمسجد الذى يقع جوارمنزله ، وأنه قاطع ساحات المولد بالمدينة منذ سنين طويلة معللا ذلك لمايحدث من سلوكيات شاذة . أما المواطن جعفر عمر من ربك فقال إنه منع ابناءه وبناته من الذهاب إلى ساحات المولد منذ سنوات حتى لايتعرضوا لمضايقات من بعض المتفلتين الذين يستغلون الحدث لأذية الناس على حد قوله. ومن ناحيته قال أحمد على من الدويم إن ساحة المولد تعتبربؤرة لنقل العديدمن الأمراض واضاف بأن كثرة الناس تؤدى إلى إثارة الكثيرمن الأتربة والغبار مما يسبب العديد من الأمراض الصدرية. العديد من المواطنين الذين يقطنون بجوار ساحات المولد بمدن الولاية إشتكوا من ظاهرة الغبار التى تدخل منازلهم وأنها تسبب لهم الكثيرمن الضيق داعين الجهات المسؤولة لوضع معالجة لهذا الأمرخاصة فى اليومين الأخيرين واللذين يشهدان زحاما شديدا . الكثيرون طالبوا بأن يكون لشرطة النظام العام دورا فى حفظ الأمن وضبط السلوكيات غيرالقويمة ليس بالبطش والقهر ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا مالاحظناه فى السنوات الماضية حيث ظلت الشرطة تشكل حضورا بارزا لفرض الإنضباط والحفاظ على أموال الناس خاصة مع تفشى ظاهرة النشل . ذكرى المولد النبوى الشريف مناسبة دينية فى المقام الأول رغم إختلاف العلماء حولها ، مابين مؤيد ومعارض ، وبما أنها مناسبة دينية فهى يجب ان تكون فرصة للرجوع إلى الحق والفضيلة والتأمل فى سيرة رسولنا الكريم ومحاولة التأسى به والتشبع بنفحاته وبذلك نكون قد أعطينا المناسبة حقها .