الوالي يلتقي بقيادات قبيلة البني عامر.. خبر استحوذ على اهتمام الشارع بولاية البحر الأحمر، وذلك لأنه جاء في توقيت يصفه البعض بالحساس والخطير، بيد ان أكثر ما اثار الاهتمام هو غياب عدد مقدر من قيادات قبائل البني عامر والهدندوة والأمرأر عن استقبال والي الولاية بالمطار عند عودته من الرحلة مثيرة الجدل، والغياب ترك اكثر من علامة استفهام لجهة الثقل الكبير لهذه القبائل ذات التأثير الكبير في الحراك الاجتماعي والسياسي بالولاية، ويبدو أن الدكتور محمد طاهر ايلا أدرك مضامين رسالة غياب لافتات الثلاث قبائل عن استقباله. وقبل أن يترك مساحة لتفسير غياب القبائل الثلاث عن استقباله، فاجأ الوالي كعادته كل المتابعين بعقد لقاء ضربت حوله سياج من السرية مع بعض قيادات قبيلة البني عامر التي جاهرت برفضها لسياسته كثيرا، واتهمته في أكثر من منبر بتعمد تهميش مناطقهم كطوكروجنوبها، وذلك عقابا لهم على الجهر بمخالفته ومعارضته، وشهدت فترة الانتخابات الماضية احتقانا واضحا وتوترا في العلاقة بين الوالي والبني عامر الذين انحاز جزء مقدر منهم للمرشح الآخر ابو فاطمة. وبالعودة الى اللقاء، فما رشح من انباء عنه أشار الى ان اللقاء بين الطرفين اتسم بالوضوح والشفافية حول كافة الموضوعات، وذكر المراقبون ان خطوة التلاقي بين الدكتور ايلا والبني عامر ربما تكون مقدمة من جانب الوالي لرتق النسيج الاجتماعي بالولاية الذي تأثر كثيرا بسياسته الاحادية الاقصائية كما أشار البعض، واستحسن البعض هذه الخطوة وطالبوا بمزيدٍ من الجهد من جانب الوالي، مع ضرورة توفر الصدق وحسن النية في مسعاه تجاه عقد مصالحات وإصلاحات، فيما يقول البعض إن المركز طالب الوالي بتقريب شقة الخلاف بينه ومكونات المجتمع المختلفة. وشكل غياب وكيل الناظر الأسبق حامد محمد علي عن اللقاء علامات استفهام، لجهة أن الرجل صاحب مواقف واضحة تجاه الوالي، ويتمتع بمكانة مقدرة بين أفراد قبيلته. سألت محمد علي محمود وكيل ناظر البني عامر بالبحر الأحمر، عن ملابسات اللقاء وما تم تناوله، فقال: «هذا اللقاء لم نقم بالترتيب له لأننا جئنا مثل بقية القبائل في زيارة استشفاء ولنقول له «حمد لله على السلامة» ومعنا ناظر البنى عامر، ولكن الوالي فضل أن يكون اللقاء بقاعة السلام، ونشكره على هذه الخصوصية. وبدأ الاجتماع والحديث لوكيل الناظر بكل هدوء وشفافية، وانحصر الحديث حول «منطقة جنوبطوكر وأنها هُمشت» ... قاطعت الناظر قبل أن يواصل حديثه بسؤال: «هل اتفقتم بوصفكم قيادات موالية ومعارضة على أن جنوبطوكر مهمشة، خاصة أنكم فى حزب المؤتمر ترفضون كلمة «تهميش» باعتبارها سبب أزمة الخلاف بين البنى عامر والوالى؟» فأجاب وكيل الناظر بكل شفافية: «نحن نؤمن فى قرارة أنفسنا بأن منطقتنا مهمشة، ولكننا اختلفنا مع المعارضين للنظام فى «الوسيلة»، فنحن نريد حواراً سلمياً لأننا فى النهاية أبناء حركة إسلامية، وأننا بوصفنا بنى عامر صمام أمان لهذا الشرق مع القبائل الاخرى، لذلك نطرح قضايانا عبر حزبنا وبطرق سلمية، ولأن الذى نصارعه هو من حزبنا وهو من أبناء البجا، لذلك نفضل الطرق السلمية، لذلك نشكر الوالى على تفهمه لقضايانا، ونحن الآن وضعنا «اللبنة» الأولى لبداية حوارات ونقاشات تأتى ثمارها قريباً إن شاء الله... وخلال اللقاء تحدث العمدة محمد ضرار وكان حديثه واضحا واضعا اليد على الجرح، حيث تحدث عن التعداد السكانى والتزوير الذى تم فيه، وأن قبيلة البنى عامر صدقت مع الوالى ولكن الوالى لم يصدق معها. أما كلمة والي الولاية فقد انحصرت فى الحديث حول قومية البنى عامر، وأن لها تاريخا ناصعا. وشكر أبناء البني عامر الموجودين فى السعودية على الزيارة فى المستشفى والسفارة، وذكر في نهاية كلامه أن يكتب البنى عامر أولوياتهم، وأنه على استعداد للاهتمام بها». واللقاء بين الوالي وقبيلة البني عامر تباينت الآراء حوله، ويقول محمود بدلي وهو أحد القيادات الشبابية: «ما حدث هو سيناريو متكرر ولا يوجد شيء جديد، وكل ما فى الأمر أنه مسرحية سيئة الاخراج، ربما أراد إيلا أن يرسل رسائل عبرها للمركز أو لقبائل أو لكيانات معينة، وعلى كل حال وأياً كانت التفسيرات مختلفة، فنحن بالنسبة لنا الأمر لا يوجد فيه جديد، فهى ذات المجموعات القديمة التي لا تقدم ولا تؤخر. ورأينا نحن مع العمدة ضرار، ونحن مع وحدة وتماسك القبائل، ولن نسمح بإثارة النعرات القبلية وخلخلة النسيج الاجتماعى، سواء أكان فى قاعة السلام أو غيرها». واتصلت «الصحافة» بالأستاذ حامد محمد علي ناظر البني عامر الأسبق، وقلنا له: «ما هو رأيك حول ما حدث في اللقاء؟» فقال: «يجب علينا أن نفرق بين العلاقات الشخصية الإنسانية والسياسية. وعلى سبيل المثال فإنني فى الإطار الشخصى أقول إن الأخ / محمد طاهر إيلا كان فى حالة مرضية، والحمد لله تماثل للشفاء، ومن هذا المنطلق نقول له ألف حمدٍ لله على السلامة، وربنا يتم له الشفاء. أما فى إطار العمل السياسي فنحن نختلف تماماً معه، وتظل مطالبنا فى محلها، ولا يوجد تنازل عنها باعتبارها مطالب خدمية فى المقام الأول، وعلينا أن نفرق بين العام والخاص». إذن ينتظر الجميع الخطوات التالية للوالي، ليتعرفوا على أن لقاءه مع البني عامر كان لقاء علاقات عامة أم سياسة جديدة ظل سكان الولاية ينتظرونها منذ أن تولى سدة الحكم .