أفلام الكرتون المقدمة من خلال الاذاعة المرئية ومختلف الفضائيات التي تجوب السماوات تلعب دوراً جوهرياً فاعلاً ومؤثراً في اجتذاب الاطفال ويقبلون عليها بشغف ،لا سيما وان الاطفال في سن السادسة الى العاشرة لا يهتمون كثيراً بالبرامج الجادة وذات المضامين الفكرية بل يهتمون بالصورة. وبالرغم من اهمية افلام الكرتون المقدمة للاطفال في تلفزيونات العالمين العربي والاسلامي بكل اسف ليست هنالك دراسات ومسوحات جادة لمعرفة آثار هذه الافلام في اطفالنا رجال المستقبل، لا سيما وان الرسالة الاتصالية تسير في اتجاه واحد بحيث لا يتعرف مرسل الرسالة الاتصالية على ردود افعال متلقي هذه الرسالة. ولتفادي هذا العيب تقوم مراكز البحوث التابعة للاذاعات المرئية باجراء دراسات دقيقة وعميقة لمعرفة التغذية الاسترجاعية Feed Back وكما نعلم ان معظم افلام الكرتون التي تقدم للاطفال من خلال التلفاز تستورد من دول اجنبية وهي تحمل في طياتها تقاليد وعادات وثوابت تلك الدول،وكما ذكرنا فان تأثير أفلام الكرتون تأثير خطير في تشكيل قيم وسلوكيات اطفالنا ولكي نقدم أفلاماً كرتونية تعكس قيمنا وتقاليدنا وعاداتنا نرى ان تعمل مراكز البحوث الاستراتيجية واتحاد اذاعات الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم وكليات الاتصال في الدول العربية والاسلامية كافة وكل العاملين في مجالات صناعة الكلمة لا سيما اولئك الذين لهم القدرة في الكتابة للاطفال ومديري التلفزيونات ووزراء الاتصال والثقافة والمجامع العربية في عقد ندوات مكثفة لاعداد استراتيجيات لتقديم برامج الاطفال التي تعكس قيمنا وتظهر اسهامات العرب والمسلمين في الحضارة العالمية، ويمكن عن طريق افلام الكرتون ان ننقل لاطفالنا التراث الاسلامي والعربي وتاريخ الصحابة رضوان الله عليهم وعلماء المسلمين الذين لهم دور في الحضارة الانسانية مثل افلاطون وابن الهيثم والكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم من العلماء الافذاذ الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الحضارة الانسانية ،وعن طريق مثل هذه الافلام الكرتونية يمكن ان يتعرف مشاهدو التلفاز من الاطفال من معرفة هؤلاء الافذاذ وفي عين الوقت يمكن ان تكون هذه الافلام بمثابة سفارة متحركة يمكن عرضها في مختلف الفضائيات في مختلف دول العالم وبذا يتعرف الاطفال في مختلف دول العالم على التاريخ العربي والاسلامي وعن دور الدين الحنيف في تحقيق السلم والعدالة بين كافة البشر بدون تمييز. ويمكن أيضاً عن طريق افلام الكرتون ان نقدم للاطفال تاريخ كل دولة عربية وعن قادتها وابطالها الذين ساهموا في تحقيق التنمية في بلادهم ونظراً لدور أفلام الكرتون يفكر نيلسون مانديلا رئيس جنوب افريقيا السابق الذي مكث في سجون الاقلية البيضاء في جنوب افريقيا لمدة سبعة وعشرين عاماً اعداد فيلم يحكي تضحيات وكفاح الاغلبية السوداء التي ناضلت في جنوب افريقيا في سبيل تحقيق الاستقلال وذلك لتعريف الاطفال بتاريخ جنوب افريقيا ونضال ابنائها في سبيل تحقيق الحرية، وتهدف مثل هذه الافلام في تحقيق التواصل بين الاجيال. ولكن وبكل اسف نحن في العالم العربي لا نهتم كثيراً ببرامج الاطفال والمواد التي تقدم لهم من خلال التلفاز بينما نحن نخصص فضائيات وقنوات للرياضة والاغاني والافلام ذات المضامين الهابطة وكان الاجدر ان تخصص قنوات متخصصة للاطفال تقدم البرامج التي تتناسب مع اعمارهم الزمنية والفكرية على مختلف البرامج التي تقدم للمشاهدين من الاطفال وغيرهم واعداد افلام الكرتون للاطفال يتطلب توفير العوامل التالية والتي سوف نذكرها على سبيل المثال لا الحصر:- 1- توفير نصوص معدة اعداداً جيداً وتهدف في تحليلها النهائي مخاطبة الاطفال وتوصيل مختلف البرامج التي تتناسب مع قدراتهم العلمية. 2- توفير المخرجين المؤهلين تأهيلاً علمياً رفيعاً ويمتازون بالثقافة الموسوعية ولهم القدرة على فهم سايكلوجيات الاطفال. 3- ممثلون وممثلات اكفاء ولهم القدرة في توصيل مختلف المعلومات للاطفال ويجب ان يشترك الاطفال في تقديم البرامج الخاصة بهم بعد تدريبهم تدريباً مكثفاً. 4- مصممو الديكور لهم القدرة في تصميم الديكورات التي تتناسب مع مضمون كل برنامج فمثلاً اذا اردنا ان ننقل لاطفالنا ما كان يحصل في سوق عكاظ قبل ظهور الاسلام فان هذا يتطلب تقديم ديكورات تعكس تلك الفترة. 5- فنيو مكياج مؤهلون تأهيلاً رفيعاً. 6- فنيو اضاءة أكفاء. 7- وجود مكتبة ثقافية تحمل في طياتها مختلف المراجع والكتب الخاصة بالاطفال. 8- توفير ادارات للبحوث ومدها بالاختصاصيين والباحثين الاكفاء. 9- الاهتمام باصدار مجلات متخصصة عن مختلف البرامج التي يقدمها التلفاز ونقل ما يجري في التلفزيونات في مختلف دول العالم لكي يتعرف اطفالنا على ما يجري في الساحات الاقليمية والدولية ولا سيما ان العالم المعولم الذي نعيشه قد اصبح قرية كونية صغيرة بالمعنى السايكلوجي وليس الجغرافي على حد تعبير المارشال «مكماهو الخبير الكندي» المعروف والعاملين في مجالات صناعة الكلمة. فيما سبق ذكرنا بايجاز عن تأثير أفلام الكرتون على اولادنا وبناتنا لذا نرى ان نولي اهتماماً بالغاً في انتاج افلام كرتون خاصة باللغة العربية واللغات المحلية في بلادنا وذلك لنقل كافة المعلومات الجغرافية والاقتصادية التي تخاطب اطفالنا وتغرس فيهم حب الوطن والانتماء اليه. ومن المنطقي ان تجرى استبيانات بين الاطفال وامهاتهم وآبائهم لمعرفة آرائهم في برامج الاطفال المقدمة لفلذات اكبادنا. بالاضافة الى رأي الاطفال أنفسهم لا سيما وان اجراء مثل هذه الاستبيانات يوضح للعاملين في الاذاعتين المرئية والمسموعة رأي المستمعين والمشاهدين والقراء والاطفال وغيره. وعلى اساس معرفة آراء الذين ذكرناهم آنفاً يمكن ان يعدلوا في البرامج المقدمة للاطفال لا سيما وان من اهم عيوب وسائط الاتصال ان الرسالة الاتصالية تسير في اتجاه واحد بحيث لا يتعرف مرسل الرسالة الاتصالية ردود افعال المرسل اليه والقراء والمشاهدين ولتفادي هذا العيب فان مختلف وسائط الاتصال تجري الاستبيانات من وقت لآخر بين القراء والمشاهدين. والله من وراء القصد كنا نود ان نطبق تجربة جنوب افريقيا في السودان ولكن بكل اسف لم نعمل لتطبيق هذه التجربة الفذة. فالزعيم الافريقي نيلسون مانديلا الذي مكث في سجون التفرقة العنصرية لمدة سبعة وعشرين عاما وخرج من السجن في كبرياء نادر وترك الاقلية البيضاء التي طبقت المعازل البشرية ولكنه وضع مصلحة بلده فوق مصلحته الشخصية وترك الاقلية البيضاء العنصرية في بلاده لانه نظر لان العنصريين البيض بالرغم من عنصريتهم الا انهم قد ساهموا في تطور جنوب افريقيا في كافة الميادين وترك الحكم وهو يتمتع باغلبية ساحقة. وطبق العدالة لانتقائية ولكن رئيس الوزراء السابق لجنوب افريقيا ثابو مبيكي الذي زاره مرات عديدة لم يعمل على تطبيق العدالة الانتقائية في السودان وهذا ما يدعو للحزن والاسف. ونحن كنا نود ان نطبق العدالة الانتقائية في السودان. نرجو من الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد لبلادنا انه نعم المولى ونعم النصير * ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كنيدي ويسترن الأميركية