من المهم الترحيب بنية وعزم الرئيس عمر البشير اتخاذ اجراءات حاسمة لمحاربة الفساد ونعتقد أن الخطوة جاءت بدفع من شباب الحزب الحاكم - النظيفين منهم طبعاً - بعد ان تزايد الحديث عن الفساد في بعض مؤسسات الدولة الامر الذي يزكي نيران التمايز الاجتماعي والطبقي وتوقر الصدور ، نعم استجاب الرئيس البشير لرغبة الشباب الذين تحدث بعضهم بكل صراحة عن السمعة السيئة التي احاطت بالتنظيم وبتاريخ الحركة الاسلامية جراء تنامي ظاهرة الحفاة العراة من رعاة الشياه والغنم الذين يتطاولون في البنيان ويحتفلون بالمليارات مستخدمين اجهزة السلطة وتسهيلاتها وشركاتها وعلاقات وروابط الدم التي تربط بين بعضهم وبعض كبار رجال الدولة ومتنفذيها ، نعم لقد جرت تحت جسر العشرين سنة الماضية مياه كثيرة آسنة يجب تطهيرها وتجفيفها تمهيداً لإبدالها بالمياه الصالحة . واذا صدقت النوايا يجب ان تصدق الأفعال ، لا نريد أقوالاً بلا أفعال وكضربة بداية يسعدني ان اشير لسيادة الرئيس وبكل احترام ان البداية يجب ان تبدأ من فوق وهي مسألة صعبة الا انها ترضي الله رب العالمين وتدل على المصداقية ، نريد ان تطرح مفوضية محاربة الفساد كشفاً باسماء كافة المسؤولين الذين يمتلكون العقارات والعمارات والقصور والفلل والمزارع والشركات الخاصة الحاصلة على التسهيلات الضريبية والجمركية ، نريد كشفاً منشوراً باسماء المسؤولين الذين يملكون اسهماً في الشركات والمؤسسات الكبرى والحائزين على عقود امتياز ولو كانت اعلانية ، نحن نعلم من يقف وراء اكبر المؤسسات الاقتصادية والربحية في البلاد بعد ان تم تخصيصها ولذلك من الافضل ان تفضح الحكومة منسوبيها بنفسها وتقدمهم لمحاكمات بعد ان تصادر ممتلكاتهم لصالح الخزينة العامة ، يريد الشعب السوداني ان يعرف من المستفيد من بعض الشركات الكبرى، كم يبلغ دخل المسؤولين الحكوميين والحزبيين الذين يتمتعون بعدد من الوظائف وعضوية مجالس ادارات الشركات والمؤسسات والهيئات العامة ؟ . لقد جاء في الأثر انه لم يغتنِ غني الا بما افتقر به فقير وعليه فإن حالة الفقر التي ضربت قطاعات واسعة من المجتمع السوداني سببها هؤلاء الانتهازيون النفعيون الذين عاثوا في الارض فسادا ، يكفي ان تكون قريب مسؤول كبير فتنفتح لك الابواب بفعل الخوف والرجاء ..الخوف من الفصل من الوظيفة ان لم تستجب لمطالب اقرباء النظام ..والرجاء في التوصية والتوجيه بعد عمل اللازم للترقية في الوظيفة ..نعم هذا بالضبط ما حدث في كثير من حالات الفساد وليس ثمة دليل أبلغ من فوز البعض بقطع اراضي ومساحات كبيرة وفي مواقع مميزة ليشيدوا فيها ما يشاءون من صروح عالية يختلط فيها العمل الصالح مع العمل الطالح ، ان فساد البعض لا يمكن تأطيره ويكفي ان بعض الدول العربية والاجنبية ضبطت عبر اجهزتها العديد من حالات تسريب ثروات الشعوب العربية المسكينة يمكن للإعلام نشرها بالتفصيل ولكن هل توجد الحرية والشجاعة الكافية لتقبل ذلك ؟. انا اسعد الناس بعزم حكومة السودان اعلان الحرب على الفساد لانني واجهت الكثير من المضايقات بسبب هذا الامر حتى ظننت انه لن يأتي يوم يتحدث فيه الناس عن الفساد بكل حرية وشجاعة الا بعد موت الفاسدين او رحيلهم قسراً عن مواقعهم . انها شجاعة نادرة ان يتحدث الشباب مع الرئيس البشير بخصوص الفساد والمفسدين ويطلبوا منه عدم المجئ لمقابلتهم بمعية فلان او فلان اللهم الا ذلك الشيخ النظيف الذي لم يسبق ان اشير اليه في قضية من قضايا الفساد مثل رجال قليلين ... نريد محاربة الفساد ثم وضع استراتيجية لمكافحة طرائق دخول وتنامي الفساد ، وكما تعلمون فإن الصحافة الحرة تعتبر اقوى وسائل مكافحة ومحاربة الفساد ولكن ومن الواضح ان رعاة الفساد عمدوا في محاولة لتغطية تلك الممارسات الى تكبيلها عبر مختلف الترتيبات حتى لا تؤدي دورها المهني ، الآن حصحص الحق لتنطلق ايدي الصحافة السودانية لتساهم بابراز صور وهيئات واشكال وشخوص الفساد تعميماً للفائدة واسترداداً للمال العام .