{ اتفق تماماً مع الإجابة التي ذكرها البروفيسور إبراهيم أحمد عمر رداً على سؤال الأخت الزميلة فاطمة مبارك في حوارها معه أمس، والإجابة كانت عن سؤالها حول الأسباب المنطقية لتفشي الفساد الذي هو في رأيي الكارثة الحقيقية التي تضيع ثروات الشعوب وتحيل شعوبها إلى جماعات من الفقراء الكادحين بحيث أن ثروات البلاد تُوجَّه إما لمصلحة أشخاص بعينهم بحكم توليهم وظائف مهمة أو للمنتسبين لحزب ما، خاصةً إن كان هذا الحزب هو الحاكم والمتنفذ الأول. وإجابة البروفيسور على سؤالها هي أن أسباب الفساد هي عدم التدين، حيث قال إن محاربة الفساد «تكمن في تعميق التدين أولاً وإعمال القانون ثانياً والمحاسبة ثالثاً»، وقال «إن العلاج الحقيقي يبدأ من أن الدين هو العنصر الأساسي لكل شيء؛ السياسة، الاقتصاد الاجتماع، وأي إنسان يريد أن يقول إنه ليس عنصراً أساسياً سيفتح في هذه المجالات أكبر باب للفساد). وبدوري أقول للبروفيسور نعم عدم التدين والوازع الديني الذي يغيب معه الضمير هو واحد من أهم أبواب الفساد، لكن ألا تتفق معي سيادة المستشار أن الضلفة التانية في هذا الباب هي ديمومة المناصب لأشخاص بعينهم دون أن يحدث إحلال وإبدال لهذه الوظائف مما يمنح الإحساس لشاغلها أن هذه الوظائف ملكية خاصة لهم أو أنها (ضيعات) ورثوها عن آبائهم وأجدادهم فيسرحوا فيها ويمرحوا كما يشاءون مما يمنح الفساد ألف وجه وألف شكل، وليس بالضرورة أن يكون الفساد في الذمة المالية ولكن مجرد استغلال المنصب لتسهيل المواضيع الشخصية والمصالح الأسرية أو منح الوظائف لغير مستحقيها بسبب الواسطة والمعرفة هو فساد يستحق المحاسبة لأنه يكرِّس لاحتكارية الحزب الواحد والجماعة الواحدة لخيرات البلد وثرواتها. { على فكرة، لفت نظري حديث البروفيسور حول المحاسبات التي تمّت لبعض المفسدين وقال إن لديهم لجنة عليا لمحاسبة كبار المسؤولين ومساءلتهم وأن اللجنة طبّقت المحاسبة من غير تشهير!! وبصراحة هذا الحديث فيه شيء من الغموض أقله بالنسبة لي؛ إذ أن أهم شرط في رأيي لمحاسبة من ينتهك حرمة المال العام هي أن يشهد عقابه طائفة من المؤمنين، لسببين مهمين: الأول هو أن يطمئن قلب الشعب السوداني الما قافل أضانه عن قصص ثروات بعض من كانوا قبل الإنقاذ حالهم حال والآن هم من أصحاب القصور وعربات الكامري وال بي إم دبليو ومجرد الإعلان عن ظروف مساءلة ومحاسبة مسؤولين تدخل الطمأنينة بأن هناك جهات تقتص لحقوقهم الضائعة، وبعدين المحاسبات الدكاكيني لا تردع من تسول له نفسه بمد يده إلى المال العام لأنه لو واحد شاف شعر غيره اتجزه مؤكد حيبل رأسه...!! { في كل الأحوال أرجو وبذات الشفافية التي تحدث بها السيد البروفيسور إبراهيم أحمد أن يطمئن قلب المواطن السوداني حتى يستشعر مسؤوليته في الهم الوطني ويقبض على الجمر حياً طالما أن ذلك من أجل البلد وسيكون شعوره بالرضي وهو يؤدي دوره تجاه البلد بكل رحابة صدر، لكن أن تشعر بأنك قابض جمرة وغيرك في خشمه تمرة ده ذاته البجيب الكلام..!! كلمة عزيزة أن يفتح المؤتمر الوطني أبوابه للنقاش مع شباب الفيس بوك أو حتى شباب الضهاري الراكب اللواري من الذين لا علاقة لهم بالنت أو اليوتيوب، هو سلوك سيفتح الصدور لتقبل النقاش بصدر رحب، والأهم أنه سيجعل منابر الحديث مكشوفة وعلى الملأ دون خوف أو تردد. وحتى لا يتخوف الشباب فإن الدعوة للنقاش مع المؤتمر الوطني ليس معناها محاولات جذبه للانتماء إليه لأن مصلحة البلد أن يختلف الناس بأفكارهم وآرائهم، لكن أن تنصب المحصلة النهائية لعمل بناء وفاعل يوجِّه طاقات الشباب ويفرغها في مضمون إيجابي لا يجعلهم يحسون بالغبن أو الظلم أو أنهم غريبو ديار وأهل. على العموم أنا سعيدة بهذا الفهم من الجانبين وسأكون أسعد لو جلست كل الأطراف على منضدة الوطن في مظهر راقٍ وحضاري يجعلنا نختصر سنين كثيرة أضعنا مثلها في الفارغة والمقدودة..!! كلم أعز أخي حسن فضل المولى، يفترض أن يكون مساء جديد برنامجاً خفيفاً وظريفاً.. رجاءً ابعدوا عنه ألواح الثلج وتماثيل الشمع لأننا ما ناقصين برد...!!