يبدو أن مواطن مدينة بورتسودان على علاقة قوية مع الذباب والبعوض إذ لم تفلح كل الجهود التي بذلت لوضع حد لهذه المتلازمة وفشلت المساعي الخجولة تارة والجادة أحيانا في فك الزواج الكاثوليكي بين الطرفين ،ويتضح جليا أن العلاقة بين الجانبين أفضل حالا من علاقة سلطات الولاية مع سكان المدينة الساحلية التي يخفي منظرها الجميل وثوبها الأنيق وسحرها الأخاذ الكثير من السلبيات التي يعرفها مواطنو عروس البحر جيدا ،والذباب والبعوض ثنائي مستوطن بالمدينة ويتناوب الخدمة نهارا وليلا ومن النادر جدا غياب التوأم عن المشهد العام ، اذ وصل كما اشرنا سابقا الى درجة إنشاء علاقة قوية مع السكان وبات وجوده أمرا مألوفا والاستثناء هو أن يختفي احدهما لساعات معدودة . هذا الوجود الطاغي قاد الى ازدحام المستشفيات بضحايا كثر من المرضى المصابين بالملاريا وأمراض الجهاز الهضمي ،ورغم إدعاء السلطات مكافحة البعوض والقضاء عليه الا أن الواقع يكذب تلك الادعاءات ،وللتأكيد على وجود البعوض بالمدينة شاءت الظروف أن يعترف أحد كبار وزراء الولاية بهذا الأمر حيث نجح البعوض في استنطاق وزير الصحة في ذات اليوم الذي تحدث فيه والي الولاية لقناة النيل الأزرق في حوار الإجابات المبهمة عن تطور الولاية على الأصعدة كافة ،ويحكي الناشط محمود محمد علي بدلي حادثة اعتراف وزير الصحة بوجود البعوض ويقول : ذهبت قبل أيام عند الثانية صباحا الى مستشفى الشيخ زائد للأطفال بعد تعرض ابني لمرض مفاجئ وتصادف مروري في ردهات المستشفى وجود لوزير الصحة بالولاية الذي كان بدوره يرافق أحد أطفاله باحثا عن شفائه ،وجلس الوزير في غرفة الممرضين وكان وقتها البعوض يحتل المستشفى تماما وصار مصدر إزعاج للوزير الذي لم يستطع البقاء في الغرفة ومازح الممرضين وهو يتأهب للهروب من حصار البعوض قائلا (كان الله في عونكم من البعوض ) ،وذهب لحال سبيله وخلف صدى كلماته تساؤلات بين الموجودين حول اكتفاء الوزير المعني بأمر الصحة بالدعاء فقط دون الأخذ بالأسباب لمكافحة البعوض الذي ظل يتسبب في توقف الكثيرين عن العمل بداعي المرض ،في وقت تشهد فيه أحياء مدينة بورتسودان و أسواقها ترديا مريعا في البيئة ما شكل أرضية خصبة لتوالد الذباب والبعوض ولا يعرف الناس هناك متى تهتم السلطات بمكافحة الذباب والبعوض؟ . احد المواطنين - فضل حجب اسمه - اجاب على التساؤل قائلا بان السلطات ستحارب البعوض والذباب حينما تدرك حقيقة أن رأس مال التنمية والتطور هو الإنسان الذي كرمه الله وهو اولى بالصرف من الطرق والكورنيشات ،علما ان كل المدن السياحية الحقيقية التي يعرف مسؤلوها اهمية الصحة لا تعاني بسبب الناموس والباعوض لانها مهتمة اكثر بالبيئة السليمة والصحية التي تجذب السواح وليس الكورنيشات والطرق التي لا يفتقدها السائح القادم من دول متطورة ،مطالبا سلطات المحلية أن توجه إيرادات سوق واحد من أسواق بورتسودان نحو إصحاح البيئة ،واذا كان كثيراً فلا بأس من إيرادات خمسين متجر فقط.