كتب الطيب مصطفى في صحيفته «الانتباهة» أمس ما يلي:( أعجب أن تكتب إحدى صحفنا المحلية المانشيت التالي:الخرطوم تطالب الجيش المصري بإخلاء حلايب- ومصدر عجبي أنه خبر مضروب لا يستحق أن يكتب أصلا ولا في أية صفحة داخلية، ناهيك عن أن يخرج في أعلى الصفحة الأولى وبالبنط الأحمر كمان)،وفي موقع آخر يصف الصحيفة التي أوردت ذلك بأن أداءها المهني ضعيف،وينصح في نهاية كلماته «الصحافة الوطنية» بالسكوت عن حلايب إلى حين، وهذا الخطاب ليس موجها ل «الصحافة غير الوطنية» حسب الكاتب. و توضيحا للأمر ينبغي أن نورد المعلومات التي تجنب الكاتب نشرها - لأنه مهني جدا- وهي أن مضمون الخبر كان ضمن حديث مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد، إلى قناة «الشروق» بثته الأربعاء الماضي قبل نشره على موقعها الالكتروني، ونشرته ست صحف تقريبا الخميس الماضي، منسوبا للقناة ، واتفقت صحيفتنا مع زميلة مهنية ومحترمة مصادفة في إبرازه عنوانا رئيسيا بذات الكلمات،وللتذكير فقد كان صدر الخبر كالآتي:» دعا مساعد الرئيس موسى محمد أحمد، رئيس تنظيم مؤتمر البجا ، الجيش المصري لإخلاء مثلث حلايب فوراً حتى لا يصبح خميرة عكننة بين شعبي البلدين في المرحلة القادمة. وشدد موسى في حوار بثته قناة الشروق، على سهولة حسم الملف بعد تنحي الرئيس المصري حسني مبارك،وقال إن حسم الملف بات ميسراً بعد تنحي النظام السابق الذي اتهمه بتعمد إثارة الفتنة بين الشعبين السوداني والمصري، معبراً عن أمله في أن تعالج الحكومة المصرية الجديدة، أخطاء النظام السابق، وأن تضع حلولاً فورية لمعالجة الملف». من عجائب الزمان أن الطيب مصطفى نصب نفسه راعيا للمهنية ويفتي فيها كمان، ولا أدري علاقته بالمهنية ويبدو أنه يعتقد أن المناصب التي تولاها في إدارة وكالة السودان للأنباء ثم إدارة التلفزيون، ووزير دولة للإعلام كانت بفضل مهنيته ، ومما يثير الشفقة وصفه للخبر بأنه «مضروب»،فهل الخبر المضروب هو أصيل المصدر ومكتمل الأركان أم الأخبار مجهولة المصدر والمفبركة والملونة والمحورة.؟لا نريد الحديث كثيرا حول المهنية لأن الكاتب غير مؤهل لإصدار أحكام بشأنها. أما توزيعه صكوك الوطنية فإنه لا يدعو إلا للضحك - وشر البلية ما يضحك- وهل من الوطنية الفرح والزهو والفخر بتمزيق الوطن وبتر ربع مساحته ودفع ثلث سكانه للفراق والابتعاد، باستعلاء وروح عنصرية بغيضة؟ ، وهل من الوطنية حرص الكاتب على علاقة جيدة مع حكام مصر الجدد في مقابل التخلي عن مثلث حلايب؟،أم أن أكثر من 20 ألف كيلومتر لا تعني شيئا عنده ما دامت هي في أطراف البلاد وسكانها من الغبش المغلوبين على أمرهم.؟ الكاتب الذي ظل يقلل من النائب الأول للرئيس ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت،وكبير مساعدي الرئيس السابق مني اركو مناوي ،يبدو أنه يريد أن يضيف إليهما مساعد الرئيس موسى محمد أحمد، ويستكثر عليهم المناصب الدستورية ويحرمهم من الحديث بصفتهم الرسمية، فموسى يعي ما يقول ويعرف الفرق بين الموقف الحزبي والتعبير الرسمي، وعندما نشرت الصحف حديثه لم يقل انه كان يعبرعن موقف حزبه فقط ، وإذا كان هذا هو منهج الطيب مصطفى الممعن في الاستعلاء والعنصرية، فنخشى أن يستمر خطابه المنفر غربا وشرقا،ويدفع آخرين إلى السير في درب الجنوب حتى تتضاعف أفراحه وهو يوم نسأل الله أن لا نشهده..