غناء الاستاذ (محمد المكي ابراهيم ) لشباب ثورة 1964 من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى ان يعيش وينتصر من غيرنا ليغير التاريخ والقيم الجديدة والسير من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة المستميت على المبادئ مؤمنا جيلي أنا مدخل 2 ولدك كان كبر خاويه (مثل سوداني) (1) للشباب عبر الزمان والمكان اشكاليات صراعه وله بالضرورة دوره الطليعي فحركة البشر الدائبة تظل عبر الاجيال دليلا على التدافع والكبد، وهو وفي كل الاحوال رصيد المجتمع في المستقبل، فشعب بلا رصيد، وجود بلا عنوان، وهو ايضا دليل المجتمع في عافية الاداء ولا يمكن في سياق ذلك اختزال قضاياه ومشاكله في ازمة المراهقة والضياع او (ديل اولاد صغار) ساكتب ولم يكن ذلك الفهم بعيدا عن الفيلسوف هربرت ماركيوز حين نظر لحركة الشباب الثورية في عام 1968 وهي الثورة التي شهدت فرنسا احداثها الخطيرة وامتدت لكثير من الدول الاوربية واستهدفت الاطاحة بالنظم السياسية القائمة آنذاك رفضا اخلاقيا للاستغلال والقهر الذي مارسه النظام الدولي وافرز في وقته حركة (الهيبيز) وقد عبر ماركيوز في كتابه الانسان ذو البعد الواحد، عن ضرورة الثورة التي يقودها الشباب لضرب مجتمع الوفرة الذي يساهم في انتاج انسان مدجن آحادي البعد، وتقوم جدلية ماركيوز في كتابه ذلك على انه (اذا كان مجتمع الفاقة والفقر والمرض في العالم الثالث هو التعبير الحي عن علاقة الاستغلال والنهب المنظم الذي تقوم به دول المجتمع الرأسمالي فان مجتمع الوفرة هو مجتمع القمع بالمقابل اذ ان حالة الرفاه الاجتماعي ستظل دوما حالة قمع): المسألة في هذا المجتمع لم تعد مسألة كيف يستطيع الفرد ان يؤمن حاجياته من غير ان يلحق ضررا بغيره بل اصبحت: كيف يستطيع ذلك دون ان يضر نفسه، اي دون ان يحدث بتطلعاته وتأمين حاجاته تبعيته للاجهزة التي تقوم باستغلاله ما دام هذا الاخير لا يؤمن حاجاته ايضا الا بان يحافظ اكثر واكثر على عبوديتها بهربرت ماركيوزا بنحو ثورة جديدة( ص 18 و19 ترجمة ع. اللطيف شرارة، دار العودة، بيروت 1971) ويمكن الوصول في ايجاز الى ان التحريض الفكري الذي ساقه بماركيوزا قصد الى: ٭ لا بد من (ثورة جديدة) يقودها (الشباب) من الطلاب (ضد العالم الرأسمالي ومردوداته). ٭ يخالف النظرية الماركسية في ان الطبقة العاملة هي التي تفجر وتقود الثورة ٭ للشباب قدراته الكامنة وتطلعاته المشروعة. (2) منذ تلك المرجعية الفكرية (لحركة الشباب) تحديدا الطلاب، اي منذ ما ينيف على العقود الاربعة ظل الشباب في العالم وعلى الاخص في العالم العربي بعيدا عن حركة المجتمع فثورة التحرر الوطني وقد قام بها رجال تجاوزوا بقليل سن الشباب وانتقلوا بافكارهم الى مرحلة التطبيق فانتشر الحزب الواحد وانعدم الرأي الآخر وكان سحر الاشتراكية بريقا لا يخبو وعلى انجازات لا بد من الاعتراف بها انعزل قادة التحرر الوطني ما عدا قلة عن شعوبهم ولتسرق وتنهب آمال وخيرات الشعوب وبذات مسمى الانطلاق الفكري وذلك الواقع نفسه لم يكن بعيدا عن قيادات سوفيتية طرحت (البيروستريكا) مدخلا لحلول الازمات التي تراكمت سياسة واقتصادا واجتماعا فكان للشعوب دورها في انتزاع حقوقها ورد مظالمهما.ت ولقد طرحت اهانة (البوعزيزي) المواطن التونسي كثيرا من التداعيات الخطيرة في العالم العربي اذ فجرت قوى الشعوب الكامنة في الشباب في موقف اخلاقي تجاوز مبررات الثورة في الفكر الماركسي او في فكر هربرت ماركوس والذي يتأمل الحدث يمكنه في بساطة ان يؤكد على الملاحظات الآتية والاحتجاج والثورة المشروعة: ان الشباب ولد وتربى وترعرع في عهود تلك القيادات الحاكمة بويعي ذلك ان الشباب فطرة الانسان (ظلت وكما اراد لها الله سليمة باتجاه الحرية والعدل والمساواة). ان الشباب وعلى اسوأ تقدير لم يكن من ذوي الاصول المعدمة بل انه على الاغلب كان من شرائح الطبقة الوسطى (المفتوحة للمزيد من التطلعات الممكنة) غياب سيادة حكم القانون اذ صار القانون دمية في ايدي (تحالف السلطة السياسية بالشريحة المستفيدة ماليا )مما اطلق عليه عقل مصر الجمعي بمصطلح (القطط السمان) غياب المؤسسية وظهور لوبي التنظيم غيرالرسمي المسيطر. ضعف وغياب ضمير بعض من الشرائح المثقفة ووقوفها بين براثن السلطة والمال. الاهانة الانسانية البالغة التي يعاني منها الفقراء في المجتمع بالسقوط الاخلاقي التهميش العمراني التفكك الاسري... الخ تفشي الفساد السياسي والاداري والمالي (بانواعه ودرجاته المختلفة) جمود الفكر وجمود الادارة وجمود الاحزاب وجمود القيادات هيمنة غير عادية على مفاصل السلطة والثروة من جيل الشيوخ. غياب القدوة الصالحة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي. غياب الديمقراطية وقد كرس ذلك لاستمرار القيادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في عملها دون حدود عمرية. ثقافة العصر التي استطاعت ان تعد تواصلا في صدق وصراحة عن معاناة الشباب في غياب دورهم الاصلاحي بالكمبيوتر وتطوراته الخطيرة. (3) امام هذا الواقع المجحف لم يكن ممكنا على الشباب الا خيارا من ضمن الخيارات الآتية: الانضواء في تنظيمات السلطة اما قناعة او بما يشبه الصفقة للحصول سواء على الوظيفة بامتيازاتها المعروفة او المنح الدراسية او في اجهزة النظام السياسي ذات الطابع القمعي (نزولا على قهر الفقر او تطلعات للاستقرار المالي). الابتعاد عن الحياة السياسية بصورة مطلقة، وازاء ما يعانيه الشباب من بطالة بكل تداعياتها المعلومة فان ظل الضياع والانخراط في دروبه يبدو ممكنا وقريبا.. وعلى احسن النتائج العمل في وظيفة شريفة لا تدر الدخل اللازم بحالة البوعزيزي في مواجهة جباية مادية وقهرمعنوي لا يطاق. الرفض العلني للسلطة السياسية سواء من خلال تنظيمات حزبية او بدونها وما يترتب على ذلك من نتائج الاعتقال والتشريد او الوقوع في صفقة الاستقطاب السياسي. الهجرة المشروعة او النزوح، سواء عن طريق اعادة التوطين باللاجئين او بطرق غير مشروع الى اسبانيا وايطاليا ( المغرب وتونس وليبيا) او الى (اسرائيل) عن طريق مصر بدارفور. تعرض الشباب في العالم العربي والافريقي ومنذ عقد الستينيات، الى متغيرات جذرية كان لها الاثر المباشر والنافذ على الجيل الذي ولد في العقد الاخير من الثلث الاخير للقرن الماضي. فعانى من ازمة الهوية واستلبت روح الشباب بين دعوة السلف المتشدد ودعوة اللبرالية. ويرى بعض الباحثين آنذاك مصطفى حجازي سيكلوجية الانسان المقهور، معهد الانماء العربي، بيروت 1980 ص 76 بان البنيات السوسيو اقتصادية وثقافية بجميع اشكالها وانماطها هي التي اصبحت تحرك نتائج الازمة وفي ذلك سيادة نموذج العنف والعنف المضاد. ان حركة الشباب في هذه المرحلة تتم في اطار رفض تاريخي سياسي اقتصادي وتتم باتجاه حركة تغيير شاملة في اسس التعليم والثقافة والاجتماع وقبل ذلك كله في سياق مرجعية انسانية تعتمد العدل والمساواة والحرية باتجاه كرامة الانسان. ولقد اورد احد الباحثين ...( لقد شاخت انظمتنا السياسية واصبحت عاجزة عن ايجاد المخارج التي تسعفها بتحديد الحياة في روحها وشاخت انظمة المعارضة وتجلت مظاهر شيخوختها في جمودها). (4) استمعت في نهار الثلاثاء 22 فبراير 2011 ومن تلفزيون السودان القومي الى حوار مسؤول بعنوان الشباب والتغيير شارك فيه بوعي ويقظة كل من المهندس قبيس احمد المصطفى عن المؤتمر الوطني وابراهيم احمد محمد عثمان عن الاتحادي الديمقراطي الاصل، وحسن اسماعيل عن حزب الامة القومي، وكان الحوار جريئا وصريحا ومشروعا. الجريء فيه انه لمس المسكوت عنه. والصريح فيه انه حدد في وضوح حقه في حركة المجتمع والمشروع فيه خياره بين القدرة على الانتزاع واي حلول اخرى ممكنة. واذا كان ال Face Book قوة جديدة لا يمكن المكابرة في قدرتها على التنظيم والاعداد فان المرجعية هي التي تميز وفي كل الاحوال ماذا يريد الشباب ولماذا. ولقد يبدو لي ان البرنامج التلفزيوني كانت مدته قصيرة جدا على المسألة ولكن من الممكن اثبات بعض ملامح الذي نوقش احساس الشباب الملح على طرح قضاياه ومطالبه وتمثيل مجتمعه غياب الشباب في المنظومة الحزبية عن اداء دوره الطبيعي في مواجهة اصرار غريب من قوى الشيوخ على استمراء الاستمرار دون حد عمري. الشباب ليس بالضرورة هو الجماعات التي تنتمي للاحزاب القائمة فهناك اعداد اكبر من الاعداد المنضوية تحت لافتة الاحزاب. ويعول عليها كثيرا في حركة التغيير. كثير من الاحزاب لم تبادر الى تنظيم الحوار مع قواعدها من الشباب فيما يتعلق بقضايا الوطن المصيرية. ويبدو لي من الغريب ان الشباب ظل ومنذ النظام المايوي محل الاهتمام المباشر من حيث النشاط والتنظيم وانشاء الوزارات والمصالح والهيئات التي تعنى بامره، ولكن وفيما يبدو( ومن خلال التجربة العملية ) انها ما تجاوزت الاجهزة الديكورية التي لا تتجاوز الحشد السياسي والاستعراض الرياضي والكلمات الرتيبة في مواسم اللقاءات السياسية والانتخابات. وما لم يقله لنا المهندس قبيس ما هي تفاصيل ما دار في لقائهم بالسيد رئيس الجمهورية؟ الشباب في السودان يعاني من الكثير واجتهد في ابداء بعض الملاحظات. ان كثيرا من القضايا والمسائل المشروعة تشغل الشباب. ٭ استشراء البطالة على نحو مخيف، فالجامعات تخرج الاعداد المؤلفة دون سياسات توافق في الكم والنوع فكانت ظاهرة الاستخدام الزائد كما كانت ظاهرة الاستخدام الناقص. ٭ احساس اعداد كبيرة من الخريجين المؤهلين بغمط حقوقهم المشروعة وفقا لمعايير الجدارة والكفاءة. ٭ ظاهرة تضخم الجهاز التنفيذي باعداد كبيرة من المستشارين والخبراء الوطنيين من الذين اعيدت استيرادهم من بلاد المهجر بعقود ذات عائد يماثل في الاغلب او يقل قليلا عما كانوا يصرفون. ٭ تداعيات الغلاء واثرها الاقتصادي على القطاع الغالب من اسر الشباب ٭ العنف والعنف المضاد في الجامعات من جرائم ٭ طبيعة جرائم لم يعهدها المجتمع السوداني وتمثل نقلة اكثر من خطيرة ٭ غياب النموذج الفكري النظيف ٭ ضعف المناهج في العملية التربوية ٭ نسبة الشباب في شغل الوظائف في مفاصل الدولة المختلفة تبدو ضعيفة جدا في مقابل شغل كثيف لتلك الوظائف لمن تجاوزوا حتى الخامسة والستين (يمكن اجراء احصاء دقيق) وفقا لارقام الاحصاء الاخيرا ٭ يحرك الشباب الحياة ويدفع في شرايينها طاقة الابداع والابتكار ويسجل التاريخ للشباب في السودان انهم صنعوا ثورتي 1964 و1985 ويسجل التاريخ للشيوخ آنذاك سرقة هاتين الثورتين كما يسجل لهم كذلك استعادة هذه الثورات بالانقلاب العسكري مايو 1969 - يونيو 1989 وتبدأ الجدلية في حاجة للتوقف للمزيد من تسليط الضوء. تورد افتتاحية مجلة( الوحدة ديسمبر 1987) بانه لا بد من تغليب كفة اصحاب الرأي على اصحاب القرار وذلك بتطوير المؤسسات الدستورية والتشريعية والتنفيذية وبافساح المجال امام الكلمة الحرة في التعبير عن ذاتها وانعاش الاجواء الديمقراطية والحرية والقيام بخطوة نوعية تشكل تحولا اساسيا داخل المجتمع فكرا وسلوكا وتخطيطا وبناء بالانتقال من حقل المفاهيم العريضة لكيفية عملية بناء المجتمعات. ملاحظات: للشباب دوره الحتمي في عملية البناء الوطني، فله نقاؤه وصفاؤه وجرأته. هل نطمع في مؤتمر شبابي بقيمة: وطن واحد، شباب واحد، مصير واحد.. مؤتمر باتجاه كل السودان يبدو مقال الابن (م) ابي عز الدين عوض صحيفة المقدمة بعنوان باعادة الهيكلة ومعيقو التغيير بتاريخ 27 يونيو 2010 مؤشرا قويا لصراع الشباب والشيوخ.