كثيرون من أبناء الحركة الإسلامية اليوم لا يعرفون الرعيل الأول من مجاهدينا الذين تربى على أيديهم وتحت رعايتهم ثلة من قادتها اليوم، ومن هؤلاء الشيخ عيسى مكي رحمه الله حفيد المجاهد عثمان أرزق أحد حاملى لواء الثورة المهدية ومجاهديها، وقد نعي لنا قبل أيام، رحمه الله وأجزل له الثواب بقدر ما قدم فى سبيل الدعوة للإسلام، وتربية الأجيال، فى زهد ونكران ذات، فلم يتشوق يوما لمناصب الدنيا الرخيصة، ولا مباهجها الزائلة. كنا صغاراً فى ذلك الزمن الجميل، نذهب الى نادى ام درمان الثقافى بشارع السيد على الميرغنى، وهو من أوائل دور الأخوان المسلمين فى ذلك الوقت، يرتاده معظم من أسسوا للحركة الإسلامية، وكنا نحن «أشبال النادي» وكنت أذهب دائماً بصحبة ندى وأخي الفاضل مرتضى مكي شقيق المرحوم عيسى مكي، نجلس لكي نتعلم، وكان أحد القادة يأتي ومعه «بروجكتر» ونسميه نحن الصغار «الفانوس السحرى» فيعرض لنا السيرة النبوية، وسيرة الصحابة رضى الله عنهم، ويغرس فى نفوسنا حب خالد بن الوليد، وطارق بن زياد، وعقبة بن نافع، وعبد الرحمن الداخل وخديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبى بكر، ونسيبة بنت كعب وغيرهم من أبطال وبطلات المسلمين، وليس كما يحدث اليوم من غرس حب «قرندايزر» و «سالى» «وتوم آند جيري» فى نفوس صغارنا. كما نخرج إلى ميدان المدرسة الأهلية المتوسطة لنمثل «فتح الاندلس» فنصنع السيوف من الخشب، والأقواس والسهام من جريد النخل، وننقسم إلى فريقين، أحدهما يمثل المسلمين والآخر الكفار، ويخرج أهل بيت المال لينظروا ويشجعوا تلك الروح التي سلبت فى هذه الأيام. رحم الله شيخنا عيسى مكي، وجزاه عنا خير الجزاء، وجميع الذين كانوا لنا قدوة، ونبراساً يهتدى به، وأمد الله في عمر من بقي منهم من أمثال الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، والبروفيسور صالح آدم بيلو وغيرهم كُثر، وأن نسيهم الآخرون فنحن لن ننساهم أبداً. مكة المكرمة