الدمار الشامل الذي أحدثته آلة الصراع بين رؤوس وزارة الصحة وما تلاه من إقالات واستقالات، وما شابه من احلال وابدال وتهميش وتطبيع لم يصب في الواقع إلا الذين هم ذوو صلة وثيقة بوزارة الصحة، وانا هنا اعني الاطباء والمرضى، الاوائل لهم صوت يرفعونه بالحجة والاحتجاج متى ارادوا ولهم ادواتهم، اما المرضى فلا صوت لهم ولا ادوات ولا نقابة يلجأون إليها حتى تجأر إنابة عنهم بما يحسونه من ألم وغبن و عوز، ليس لهم إلا الله، ، فلا حول ولا قوة إلا به، فكلنا يعلم ان دعوة المظلوم مستجابة، وما يحدث الآن في وزارة الصحة ما هو إلا نتيجة لهذه الأكف المرفوعة إلى الله ان يضيق سبحانه وتعالى على كل من ضيق عليهم ومنع عنهم الطبيب والدواء، فللصحة شِعب معلولة اذا تداعى اي منها تبعه الآخرون فإذا كانت وزارة الصحة لا تعبأ بمستشفياتها وما يدخلها من اجهزة غير مطابقة للمواصفات العالمية كما تطالعنا بذلك الصحف كل يوم، ولا تستجيب لمطالب منسوبيها من الاطباء والكوادر العاملة في مجال الصحة ولا توفر لهم ما يرونه ضروري لاستمرار عملهم، ثم لا تكترث لمرضاها وما يعانونه جراء الاجراءات التعسفية في كل برنامج علاجي او اسعافي يحمل في جنباته الشفاء للكثير من المرضى وما مرضى قائمة زراعة الاعضاء عنا ببعيد، فقد لجأ الينا الكثيرون ممن يحملون آمالهم وآلامهم عندما سمعوا بهذا البرنامج، وظلوا يحملون وبعضهم ماتت احلامهم معهم كفرح وعفراء واسامة واباذر ونعمة ومريم والقائمة تطول والحسرة والدموع تملأ الحلوق .. كل اولئك ووزارة الصحة لم (يرمش) لها جفن، كيف لا والقائمون على امر الصحة، ان مرض لهم حبيب او قريب لا يدخلونه مشافينا، وانما لهم تذاكر الطائرات وبدلات العلاج في الخارج اما مرضى الفشل الكبدي والفشل الكلوي ومرضى فشل وزارة الصحة في ادارة مؤسستها فليذهبوا الى المقابر، غير مأسوف على شبابهم ولا عزاء لذويهم، انها الحقيقة عارية.. فبينما يسعى القائون على امر الصحة في كل البلدان العربية وبعض دول الجوار لرفع المعاناة والألم عن كاهل مواطنيهم يسعى ولاة امر صحتنا في هدر صحتنا واموالنا وارادتنا دون وازع من ضمير مهني او دين، ألم يقل شيخنا عادل الكباشي عندما زارنا في الشهر الماضي وسؤاله عن من يؤجل او يؤخر قانوناً وضع في انفاذه انقاذ لحياة الناس انه يُعد ممن قال فيهم سبحانه وتعالى : أن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا وان من احياها فقد احيا الناس جميعا).. فأين نحن من جمهورية مصر العربية التي اجيز فيها قانون زراعة الاعضاء في بضعة ايام واجروا عملياتهم، وعمموها في المشافي الحكومية العامة بتكلفة رمزية وانشأوا صندوقا خاصا لتمويل زراعة الكبد يستهدف الفقراء من المرضى.. أين نحن من سرعة الانجاز وامانة الضمير المهني الذي يقدم مصلحة المرضى على كل المصالح، ان قانوننا الشبيه بقانون زراعة الاعضاء المصري اجيز قبلهم بعشرات السنين قانونيا وفقهيا وطبيا، إلا اننا عجزنا عن تفعيله ليس لجهل فينا، ولكن لتقاعس، وعدم مصداقية والكثير الكثير من غياب المسؤولية والادارة والمهنية وغياب الرؤية الشرعية لكل ما نقوم به من عمل، فالدين المعاملة اي ان الدين ليس ان تصلي وتصوم وتوصف بأنك اسلامي او تنتمي للجهة الفلانية ، وانما الدين هو معاملتك مع ربك فيما وليت فيه من امر، لأننا محاسبون في الدنيا ان كان هنا من يحاسب.. وان نجونا فلن ننجوا من حساب رب العباد، يوم الميعاد.. فليتقِ الله اصحاب الاقلام (المأجورة) الذين شحذوا اقلامهم بجهلهم واعملوها في اجساد مرضى من الشباب والاطفال لا يعلمونهم الله يعلمهم، وكان الاحرى بهؤلاء ان يسعوا لتجارة مع الله وليس مع عباد الله، فالاولى تجارة رابحة، والثانية فاسدة لا محالة.. ولكن اقول يكفيني كل من استل سيف خِسته وجهله وأعمله في ايقاف هذا البرنامج، تكفيه دعوات المرضى عليه وهي كفيلة بجعله من رماد قائمة انتظار وزارة الصحة. فاذا كان كل عاقل يستفيد من خطوات وخبرات من سبقوه في انجاز اي عمل فما بالنا لا نطلع على خبرات وتجارب من سبقونا في تنفيذ مثل هذه البرامج واعني هنا (زراعة الاعضاء).. واقربهم المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، لماذا لا نتبع خطاهم ، وهم دول مسلمة مثلنا وبل أكثر منا (اذا اعتبرنا هذا مقياسا للشفافية وتوخي الحرص وتطبيق الشرع والدين. اما اذا لم يكن هذا هو المقصود (بالتجميد) وكانت هناك افكار او رؤى اخرى غير مصلحة المرضى ومصلحة الوطن وهذا (مستبعد)، فنرجو من ولاة امرنا وولاة امر الصحة في بلدنا ان ينظروا للمرضى وآلامهم ومعاناتهم النفسية والجسدية والمادية، وان يتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : اللهم من ولىّ من امر امتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه، وليعلموا ان كل راع مسؤول عن رعيته والسؤال المقصود هو سؤال يوم الحشر، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. والله من وراء القصد