كان يوما عاديا لا يختلف عن سابقه في شئ داخل كلية الزراعة بجامعة السودان لتشرع فيه العاملات بالكلية باداء عملهن اليومي، وعند حوالي التاسعة من صباح ذلك اليوم كان عليهن ان يقمن بالتنظيف داخل معمل الانسجة ولم يكن احد يدري بما يخبئه لهن القدر في الساعات التالية ،وداخل احدى غرف المعمل التصقت بعض مواد الطلاء والاسمنت بالارضية فشرعت ثماني من العاملات وباستخدام منظف (فلاش ) لنزع ما التصق بالارضية ولكن ما هي الا نصف ساعة من الزمن ليتحول الهدوء الى جو من الارتباك بعد تعرضهن الى حالات اختناق وسعال مستمر قبل ان يتم اسعافهن الى وحدة الكلية ومن ثم الى مستشفى بحري لتلقي العلاج وكن وقتها في حالة حرجة بحسب احداهن . الصحافة انتقلت الى الكلية للوقوف على تفاصيل ماحدث وهناك حدثني مسؤول الامن والسلامة بالكلية، الشيخ احمد سليم ، بأنه وفي تمام التاسعة من صباح الاربعاء 9 مارس، وضعت المادة في المعمل لتستخدمها العاملات في عمليات النظافة مع علمهن بسميتها العالية ، بعد الحادث تم اسعاف المصابات على الفور الى مستشفى الخرطوم بحري التعليمي لتلقي العلاج بعد استخراج اورنيك (8).واتهم الشيخ، ادارة الكلية بالتقصير الاداري بتوجيهها العاملات باستخدام المادة القاتلة في عمليات التنظيف (من قبل عاملات اميات لا يجدن القراءة والكتابة) وان التحذيرات موضوعة على اناء المادة ولو كن يجدن القراءة لعلمن بالمحاذير الموضوعة تلك .... هذا الى جانب انه وفي حال استخدامها يجب استخدام ادوات السلامة ووضع كمامات الامر الذي لم يتوفر للعاملات مما ادى لتفاقم الامر ، وقال بحثا عن حقوقهن قمنا بفتح بلاغ بالرقم 151 تحت المادة 44 اجراءات. ولكن يبدو ان ادارة الكلية لم يرق لها تحريك هذه الاجراءات وخوفا من تفاقم الامر سعت الى ارسال نشرة تنفي فيها الحادثة وتقلل من قيمتها لتصف حالات التسمم التي تعرضت لها العاملات بانها لم تتجاوز حالات ضيق من رائحة المنظف وانهن لم يتساقطن او يغم عليهن بل أن ذهبن الى الوحدة العلاجية بالكلية بارجلهن واجريت لهن الاسعافات الضرورية من كوادر الوحدة قبل ان تتم احالتهن الى مستشفى بحري للاطمئنان فقط ،وخرجن من المستشفى بعد بضع ساعات ليباشرن عملهن صبيحة اليوم التالي كما تم تقديم العلاج لهن بالمستشفى بدون استخراج اورنيك 8. ولكن وبخلاف ما اوردته الكلية كانت (الصحافة) قد تحدثت الى احداهن والتي فضلت حجب اسمها فقالت بان المعمل لا توجد به اي منافذ تهوية بخلاف الباب الوحيد وحتى النوافذ الموجودة فهي مغلقة على الدوام ولا تستخدم للتهوية وعن وصفها للحالة التي تعرضن لها اثناء استخدامهن لمادة( الفلاش ) في عملية النظافة بمعمل الانسجة قالت اصبنا بحالة اختناق تام صحبها سعال متواصل وانه وعند اسعافنا للوحدة الصحية اعطونا جرعة تنفس صناعي (اوكسجين) ولكنه لم يعالج اعراض الاختناق والسعال ليتم اخذنا الى مستشفى بحري بعد ان فشلت الوحدة الصحية في اعطائنا العلاج اللازم .وتضيف في الطريق للمستشفى شعرت برجفة شديدة (وطمام) ولم يتم استلامنا الا باستخراج اورنيك 8 ولم استطيع المواظبة في العمل الا صباح الاحد - بخلاف ما ذكرت الكلية بانهن واظبن في اليوم التالي مباشرة - بعد اكثر من ست ساعات قضيناها بالمستشفى قبل ان تستقر حالتنا حوالي الثالثة مساء الا ان احدانا تم حجزها الى صباح اليوم التالي وذلك يرجع الى اجرائها لعملية قسطرة بالقلب من قبل وتضيف حاليا اتناول علاجات وادوية لتفتيح القصبة الهوائية ودواء طارد للبلغم . وكانت ( الصحافة) قد علمت بان ادارة الكلية عمدت الى توقيف مسؤول الامن والسلامة بالكلية والذي تبنى قضية العاملات واتهم الكلية بالتقصير الاداري ... ولكن هذه الخطوة مثلت مصدر خوف ورهبة لدى بعض العاملات ليتراجعن عن حقوقهن خوفا من فصلهن وتوقيفهن عن العمل . ولكن ما بين الخوف والحذر يقف العاملات الآن ..خوفا من انه اذا ما طالبن بحقهن بما تعرضن له من اهمال بان يفقدن مصدر رزقهن وما بين ما تخفيه الايام ..هذا الامر ادى بالفعل الى تنازل خمس من العاملات عن حقهن ليكتفوا بنعمة الصحة التي تماثلن لهن بينما تمسكت الثلاث الاخريات بالبحث عن تعويضاتهن وحقهن ولكن ما تخبر عنه الايام التالية سيكون الفيصل في الامر .