(نتلاقى في شجرة الجرائد).... عبارة يتم تداولها بكثرة في نطاق مدينة كوستي ،فالكل يعرف الكوبري ويعرف ايضا شوايات السمك جنب البحر ويعي ايضا اين تقع شجرة الجرائد او وزارة الثقافة في المدينة، هكذا يسمونها ويضيفون اليها الاعلام من عندهم ، شجرة قد تبدو اوراقها في كثير من الاحيان اقل من عدد اوراق الصحف التي تتوهط ظلها بحروفها ومدادها غير المتناهي. من هنا مرت صحف وجرائد بعضها ما زال يناضل وأخريات تساقطت من السوق ولكنها بقيت في الذاكرة ،انها مرت من هنا في قلب السوق استقرت الشجرة بصحفها وجلبت معها اشياء اخرى امام بنك الخرطوم فرع كوستي، ولكن الجميع يوصف البنك بالشجرة لا العكس وهو ما يعني ان القراية اهم من القروش وليس العكس ولكن تحت الشجرة نفسه مصدر لجلب القروش لاولئك الذين يستثمرون في الذي نكتبه (حمالة الصحف )، او (بتاعين الجرائد) مجموعة من الشباب يتوسطهم شيخ كبير اختاروا ان ينالوا رزقهم من هذا النشاط او من القروش العشرة الموضوعة فوق السعر الرسمي للجريدة والتي تزداد وفقا لرغبة القراء ووفقا لمجرى الاحداث العامة في البلاد وخصوصا عندما يتعلق الامر بالاحداث الرياضية وفوز الهلال او المريخ، وهو حدث يرفع قيمة صحف ويهبط بأخري بحسب حديث العم احمد قيلي الذي يتوهط في قلب الشجرة ولكن يعلو صوته فوق جميع الاصوات فهو هلالابي تفضحه الصحيفة التي يحملها بين يديه ،وقبل ذلك يعرفه كل اهل المدينة بتلك الصفة ومعها صفة اخرى هي قدرته على السخرية ومن كل شئ ومعرفته بكل تفاصيل المدينة واهلها الذين يبادلونه نفس الاحساس. وكثيرون يأتون للشجرة من اجله والصحيفة وبالرغم من ان المدينة بها اكثر من مكتبة الا ان تفاصيل القراءة لا تكتمل الا بالوقوف عند الشجرة وممارسة الانتظار من اجل الحصول على الصحيفة والتلصص على عناوين الاخريات من الصحف عند الشجرة الخضراء بحروفها والتي لم تعد حكرا فقط على بيع الصحف في الهواء الطلق، وانما صارت تجمعا لانشطة اخرى ولاناس آخرين فهي تمثل تجمعا لاهل الرياضة الذين جاءوا بقهوتهم الى تلك النقطة وتجمع آخر لاهل الثقافة والعاملين بهيئة اذاعة وتلفزيون الولاية التي يفصلها عن الشجرة بنك الخرطوم وتجمع ايضا لمن يريدون ممارسة حق تبادل القفشات بعد مباراة هلال مريخ التي انتهت او تلك التي لم تنطلق بعد صافرة بدايتها. وللشجرة ايضا طقوس ففي نقطة قد تبدو ليست بعيدة يقف صغار السريحين يهتفون بعباراتهم المحببة جرائد اليوم سياسية رياضية )بينما يجلس الكبار) من الذين قضوا في المهنة اعواما تجعلهم يستحقون ان يكونوا رؤوساء للتحرير بالممارسة في مقاعدهم في انتظار الزبائن تسبقهم العشرة قروش غير قابل التنازل عنها. وتحت كل الظروف الجميل في الامر ان وزارة الثقافة هذه تفتح ابوابها بعد العاشرة بعد ان يدخل البص الى مشارف المدينة يحمل في جوفه حروفنا المكتوبة ومعه أرزاق عمال وزارة الثقافة بكوستي أو (شجرة الجرائد).