[email protected] أنعى.. لكم اليوم جماهير الشعب السوداني الصحافة السودانية.. وكل القيم الإنسانية ومبادئ الأخلاق في بلاد باتت تفتقر لكل مظاهر الحياة في ابسط مقوماتها.. لم اتعود ان ابوح بمشاعري مهما بلغت حدتها وقوتها.. ولكني اليوم لم أستطع تمالك نفسي ومنعها من ذرف دمعات حارات في باب صحيفتنا الموءودة (التيار)، ذلك الصرح الذي بنيناه بدمائنا وبذلنا فيه مجهود جبار، كنا فريق واحد نتشارك حتى حياتنا الإجتماعية تجمعنا شجرة خالة حكمت ست الشاي التي احتملتنا ثلاث سنوات عجاف نستدين منها كلما تأخرت أجورنا، ونستدين حتى من جيب رئيس تحريرنا ووالدنا الاستاذ عثمان ميرغني(المجني عليه) الذي احتمل حتى حياتنا الخاصة ومشكلاتنا البسيطة والكبيرة وظل باب مكتبه مفتوح لنا في احلك لحظات حياتنا. انا لا انعي لكم صحيفة (التيار) التي وأدت بمكالمة هاتفية كلفت ضابط الأمن المكلف بحمل الخبر المشئوم 28 قرش دفعت من عرق ودماء الشعب السوداني فهي ربما تكون حالة شخصية بالنسبة لي رغم تعاطف قراءنا الكثر، ولكني انعى لكم قراء الراكوبة الموقرون قضية الحريات وخاصة حرية التعبير التي ظللنا ننادي بها طيلة الفترة الماضية وظلت الأجهزة الأمنية ورئيس الجمهورية (زعيم الاربعين حرامي) يطأها في لحظات نشوته الرئاسية، وهو انما يطأ كل آمال وطموحات الشعب السوداني ويستخدم فيها جهاز العهر السياسي(جهاز الأمن والمخابرات الوطني). خرجنا من اجتماع هيئة التحرير ونحن محبطون اشدما احباط ليس لأن رئيس البلاد يمارس القهر والظلم ويستمع بذلك تجاه شعبه فأبواب الرزق واسعه، وأنما لأننا فقدنا نحن كصحفيين وقراءنا منبر كشف ولأول مرة في تاريخ الصحافة السودانية منذ الثلاثين من يونيو المشئوم فساد مسئولي الدولة برعاية الرئيس شخصيا واشقائه اللصوص ونائبه. إنضم.. في يوم أسود في تاريخ الصحافة السودانية عدد 30 صحفي وصحفية و العشرات من خيرة صحفيي البلاد إلى صفوف العاطلين عن العمل يحملون اقلامهم المكسورة ظلما وقهرا. لو ارادتم.. ان تروا بأم اعينكم كيف يمارس البشير وزمرته من المجرمين العهر السياسي بإحتراف، اعزائي القراء قوموا بجولة عشوائية لكل( ستات الشاي) في شار البلدية المسمى مؤخرا بشارع (الجرايد) لتجدوا كل تلك الاسماء اللامعة التي ظللتم تترصدون احرفها في صفحات الصحف اليومية وهي تتعاطى الشاي والقهوة تحت ظلال الاشجار عاطلين عن العمل بأمر مباشر او غير مباشر من جهاز الأمن، الاستاذ الجليل محمد الأسباط الذي قضى 37 يوما في معتقل غوانتمامو السوداني ببحري موقف شندي ظلما، والصديق العزيز عثمان شبونة الذي منع وفصل من عمله بأوامر من جهاز العهر الوطني، وغيره كثيرون لن تسعهم مساحة الكتابة في صحيفة الراكوبة الإلكترونية، و اليوم إنضم إليهم مايقارب ال100 عامل من صحيفة التيار بين صحفي وموظف. طيلة حياتي.. لم اشعر بغصة كتلك التي شعرت بها اليوم ونحن نتلقى خبر تسريحنا من صحيفتنا العزيزة التيار وانضمامنا إلى جيوش العاطلين العمل، ولم يؤلمني سوى مشهد حزين تجسد في موقف استاذنا العزيز عثمان ميرغني رئيس تحرير الموؤدة (التيار) وهو يبلغنا بخبر ان حلم استعادة صحيفتنا بات بعيدا في ظل دولة يحكمها لصوص ومجرمين،إجتررت في ذاكرتي تلك المواقف والأيام الرائعة التي قضيناها برفقة استاذنا المهندس عثمان ميرغني الذي علمنا كيف هي صناعة الصحافة.. وفي غمضة عين خطف حلمه بلا أدنى وازع انساني (لكي الله يا بلادي). يجب ان يعلم البشير وجهاز أمنه الذي يستمع بممارسه عهره السياسي ان الثورة القادمة سيكون الصحفيون في مقدمتها، فهم قادة الرأي والفكر وقادة الحراك السياسي والمهني، ولن يرحموا جلادوا الصحافة زور الليل لصوص القلم من غضبتهم وغضبة الشعب السوداني الذي صبر ثم صبر وفاض صبره وتجاوز كل الحدود.