هيأنا أنفسنا منذ وقت باكر لمتابعة مباراة المريخ والأمل، بعد أن جادت الفضائية السودانية ببث مباريات الدوري المحلي عقب تعثر مفاوضات الاتحاد العام مع قناة «الجزيرة الرياضية» وتجلت أهمية متابعة المريخ والأمل عطبرة، من واقع وجودهما في المنافسات الأفريقية، وصعودهما إلى الدور التالي من المنافسة، وقد بدأ ملعب المريخ رائعا، حتى الدقيقة «14» من الشوط الأول، حينما سقط «اندراوس ايداهور» على الأرض، وسط دهشة واستغراب من هم داخل الاستاد، وأولئك الذين يتحلقون حلة شاشة التلفاز، وقد بدأ الأمر وكأنه اعتداء من احد لاعبي فريق الأمل عطبرة، وقد عضد هذا «الظن» احتجاج جماهيري وإداري على الحكم لعدم اتخاذه إجراء، وزاد الطين بلة وصف مدرب المريخ كاربوني الذي أشار بيده إلى أن هناك ضرب «بالكوع». وتواصل الشوط الثاني عقب إصابة ايداهور، وقبل أن ينتهي أصيب الاستاد بحالة وجوم، وتحول فجأة لهياج، وبكاء في أوساط اللاعبين والإداريين والجماهير، حينها اكتفى تلفزيون السودان فقط، من داخل الاستديو بتذكيرنا أن المباراة لم تأت من المصدر، ونسي أن الجماهير تريد معرفة «التفاصيل»..!! ولكن في زمن زحمة الفضائيات سارعت النيل الأزرق ببث النبأ الفاجعة موت «ايداهور»، بل نعته لجميع الرياضيين، ولعل الفضائية السودانية استدركت في وقت متأخر خبر الموت في حين كان واجبها أن تكون سباقها بحكم بثها للمباراة. وعقب النبأ امتلأت النفوس بأحزان كبيرة، أججها أن اللاعب سقط .. ونقل.. ومات والكل يتابعه، وقد بدأ مملوءا بالصحة وتمام العافية، وهو يركض خلف الكرة، خلال الزمن الذي لعبه، وقد اتضح حرصه على احراز هدف، وحتى قبل أن يموت هيأ نفسه لإحراز هدف من كرة عكسية لم تصله ولن تصل أبداً. مات ايداهور النيجيري الأصل .. سوداني الجنسية .. سمح الطبع .. كريم الأخلاق.. قاهر الخصوم.. مسعد قبيلة المريخ .. مات وهو في قمة ألقة وتألقه وصحته وعافيته.. مات كما يموت الناس، ولعل ما يخفف الحزن قليلا أن الموت طبيعي، ولا علاقة لأي لاعب من الأمل بمخاشنة اللاعب كما صور الأمر في حينه. وبموت ايداهور على الهواء مباشرة عظمة لم لا يتعظ، بأن أمر الله نافذ، والآجال لن تؤخر لصغير أو كبير .. صحيح أو مريض .. أنها مشيئة الله تعالى، ويجب على المريخاب وجميع الرياضيين أن يمتثلوا لأمر الله تعالى. أما وفاء المريخ فقد تجسد في مسارعة الإدارة بإصدار بيان عقب الوفاة تنعي اللاعب، وتؤكد بأنها سترعى أسرته الصغيرة.. وقد كان وفاءً جميلا من المريخ هذا الصنيع، ورئيسه جمال الوالي يحمل صغير ايداهور وهو يستقبل زوجته المكلومة القادمة من الأمارات، بينما يحمل إداري آخر الطفل الثاني لايداهور، وهو يذرف الدمع السخين .. نعم هي رسالة وقد وصلت، أن جمال الوالي فعليا بات يحتضن أسرة إيداهور، وهو يحمل صغاره، بعد أن غيب والدهم الموت. ولجماهير المريخ خاصة والرياضة عامة حار التعازي وهي تبكي بحرقة نجماً جمل الملاعب وأسعد الملايين، حتى أصبح أحد أبرز من لامسوا الملاعب السودانية.. وستبقى ذكرى ايداهور ما بقيت الرياضة.. وكل التعازي لمحبيه وأسرته الصغيرة التي لن تشعر بغربة وسط رجال المريخ العظيم.