٭ الأمثال والاقوال المأثورة ما هى إلا خلاصة تجربة أو حكمة مثبتة أو جرعة دواء تراكمت مكوناتها عبر حقب من الزمان لخلاصة آلاف من الاعشاب والنباتات. ٭ «الطبيعة جبل» يطلقه أهلنا في السودان ليؤكدوا مثلاً آخر من شب على شيء شاب عليه ليشيروا الى ان تغيير الطبع صعب.. صعوبة تحريك الجبل.. الا تفتيته بالزلزال أو الديناميت وساعتها لم يعد جبلاً. ٭ الانظمة والاحزاب تأتي حركتها ومواقفها مع الاحداث تجميع وتعبير عن طبائع اعضائها او غالبيتهم. وبمعنى آخر ان تصرفات ومواقف الانظمة والاحزاب تشبه أو تحاكي تصرفات ومواقف اعضائها ومن هنا يحق لنا مثلما نصف الاشخاص بالصفات المعينة.. كأن نقول فلان صادق.. وفلان مبدئي وفلان وفي وفلان شجاع وفلان كذاب وفلان منافق وفلان مراوغ.. يحق لنا ان نقول النظام الفلاني كذاب او صادق او منافق والحزب الفلاني متردد ومراوغ وغير مبدئي وهكذا. ٭ طافت بذهني هذه الخاطرة وانا اتصفح كتاب المستطرف من كل فن مستظرف لشهاب الدين محمد بن احمد الابشيشي الذي قدم له وضبطه وشرحه الدكتور صلاح الدين الهواري.. قلت في نفسي تكثر هذه الايام اللقاءات والحوارات بين اهل السياسة في السودان.. الحركة الشعبية وبعد نتائج الاستفتاء الفاصلة.. يتلفون حول المسائل العالقة أي حكومة الانقاذ والحركة.. وحكومة الانقاذ وحزب الامة.. وحكومة الانقاذ والحركات الدارفورية في الدوحة.. والحكومة تنادي على لسان الرئيس بقية الاحزاب بما فيها المعارضة ونقول من يتفق معنا سيجد متسعاً.. وقبلاً قالها دكتور نافع من يريد ان يصبح وزيراً فليتجه الى المؤتمر الوطني.. كل هذا يتم واهل السودان تسحقهم موجات الغلاء الطاحن وتكتم انفاسهم انات المرض والحرمان ويجسم على حياتهم غول الفقر المتوحش.. وتظهر بينهم جرائم غريبة طفلة في الاساس تخطط لجريمة قتل وتقتل بنت خالتها بالسم بسبب الغيرة والتنافس.. اطفال يختطفون وتشير اتهامات الى اقليات تعاني من عدم الانجاب.. شاب يقتل والده وآخر يقتل والدته.. تكثر جرائم اغتصاب الاطفال.. الطرقات ممتلئة بالمتسولين ولاذين اهتزت نفسياتهم وفقدوا عقولهم وذات الطرقات اصبح وجود اللقطاء في مواقع القمامة شيئاً عادياً وطبيعياً.. واهل الانقاذ يواصلون حديثهم مع باقي الفعاليات السياسية وحركات التحرير ومنظمات المجتمع المدني وعلى كل تغلب طبائعه الاصلية.. ولا تذوب او تتفتت إلا بالزلزال والديناميت.. فهل لنا ان نحلم بديناميت من نوع رحيم يفتت في رفق ويغير الطباع ويترك اهل الانقاذ تكتيكاتهم القديمة. المناسبة كانت الحكاية التي استوقفتني في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف ولنقرأها معاً: ٭ حكى بعضهم قال كنت في سفر فضللت الطريق.. فرأيت بيتاً في الفلاة فاتيته فاذا بها اعرابيه فلما رأتني قالت من تكون قلت ضيف قالت أهلاً ومرحباً بالضيف انزل على الرحب والسعة.. قال نزلت فقدمت لي طعاماً فأكلت وماء فشربت بينما أنا على ذلك إذ اقبل صاحب البيت فقال من هذا؟ فقالت ضيف فقال لا أهلاً ولا مرحباً ما لنا وللضيف فلما سمعت كلامه ركبت من ساعتي وسرت فلما كان الغد رأيت بيتاً في الفلاة فقصدته فاذا فيه اعرابية فلما رأتني قالت من تكون؟ قلت ضيف قالت لا اهلاً ولا مرحباً بالضيف مالنا وللضيف فبينما هى تكلمني إذ اقبل صاحب البيت فلما رآني قال من هذا؟ قالت ضيف قال مرحباً وأهلاً بالضيف ثم اتى بطعام حسن فأكلت وماء فشربت فتذكرت ما مر بي بالامس فتبسمت فقال مم تبسمك فقصصت عليه ما اتفق لي مع تلك الاعرابية وبعدها وما سمعت منه ومن زوجته فقال لا تعجب ان تلك الاعرابية التي رأيتها هى اختي وان بعلها اخو امرأتي هذه تغلب على كل طبع أهله. هذا مع تحياتي وشكري