قبل ان نتحدث عن الرأي العام سأتحدث في ايجاز شديد عن الديمقراطية على الطريقة السودانية، الديمقراطية أيها السادة كما يعلم الجميع هي اصلها يوناني وهي تعني ان يحكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق ناخبين ينتخبوا النواب وصناديق الانتخاب هي الفيصل، والحزب الذي يحصل على اغلبية يحكم ويختار وزراءه، والاحزاب التي لم تحصل على الاغلبية فإنها تعد كما هو الحال في المملكة المتحدة تكوين حكومات الظل ويعدون انفسهم لكي يحصلوا على الاغلبية في الانتخابات القادمة ووجود المعارضة في البرلمان تعتبر من الامور الجوهرية والمهمة في ممارسة الديمقراطية وهي ليس هدفا في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق الامن الغذائي والصحي والتربوي وتحقيق الاستقرار والتنمية في كافة الميادين وفصل السلطات (التنفيذية والقضائية والتشريعية) ولكن الاحزاب التقليدية بكل اسف في السودان منذ الاستقلال تتشدق لتطبيق الديمقراطية ولكنها لم تحققها وهي متشرذمة ولا تمارس الديمقراطية في داخلها وهدفها الوصول الى السلطة، وكان من المنطقي ان تعمل هذه الاحزاب لتحقيق السلام المستدام في سوداننا العزيز وبعض هذه الاحزاب كونت مليشيات بالرغم من وجود الجيش السوداني الذي يعتبر في اعتقادي من أعظم الجيوش في العالم وقد حارب خارج السودان وفي حرب عام 1973م، اشترك العديد من الضباط والعساكر السودانيين في الدفاع عن مصر ومن بينهم الرئيس عمر حسن احمد البشير، وحين اندلعت ثورة اكتوبر عام 1964م، وهي في اعتقادي من اعظم الثورات في العصر الحديث ولكن الذين تولوا الحكم لم يجسدوا تطلعات الشعب السوداني في كافة الميادين وحين تقلد حزب الامة والحزب الوطني الاتحادي دفة الحكم ولكن هذين الحزبين لم يعملا في تحقيق التنمية والاستقرار في السودان وحين قامت بانقلاب مايو في عام 1969م، والذين قاموا بها ونقول للتاريخ إنهم كانوا وطنيين ويضعون السودان في حدقات عيونهم وتم في عهدهم الانجازات التالية والتي سوف اذكرها على سبيل المثال لاالحصر: كبري القوات المسلحة، مشروع الرهد الزراعي، مشروع السوكي الزراعي، طريق بورتسودانالخرطوم «وعن طريق بورتسودانالخرطوم يقول الاستاذ الكبير الدكتور منصور خالد اطال الله في عمره ومتعه الله بالصحة لا يستطيع ان ينكر اي انسان عن اهمية طريق بورتسودانالخرطوم»، مصنع كنانة لإنتاج السكر والذي يعتبر من المصانع الحيوية التي توفر السكر وقد شاركت في إنشائه بعض دول الخليج التي نحترمها ونقدرها ، جامعة جوبا، جامعة الجزيرة، قاعة الصداقة ، مبنى المجلس الوطني «وقد ساهمت الحكومة الرمانية في بنائه»، قصر الشباب ، مسجد النيلين، مستشفى سوبا الجامعي «وقد ساهم في إنشائه الاتحاد السوفيتي». الحضارة أيها السادة لها جانبان الجانب المادي والجانب المعنوي والمادي يتمثل في مختلف الإنشاءات مثل الكباري والمنازل والطرق.. الخ والجانب المعنوي يتمثل في التقاليد والدين والقيم والموروثات... الخ. فالمايويون اهتموا بالجانبين اللذين ذكرناهما آنفا وكان لهم الفضل في اغلاق البيوت السيئة السمعة والتي كانت وصمة عار في جبيننا ، وتم تطبيق اتفاقية اديس ابابا عام 1972م، التي حققت السلام لمدة عشر سنوات ولم تنص على حق تقرير المصير...! ولكن كان لهم عيوب واخفاقات مثل الزجر لبعض الذين كانوا يطالبون بالحريات وتحقيق الديمقراطية على طريقة وست منستر وقد واجهوا العديد من الانقلابات ولكن لا يمكننا سرد هذه الانقلابات وهي معروفة للكل نظرا لضيق المساحة. والإنقاذيون الذين تولوا الحكم عام 1989م، قد حققوا الانجازات التي سوف نذكرها في إيجاز على سبيل المثال لا الحصر ومنها: سد مروي الذي يعتبر من اكبر السدود بعد السد العالي، مد انابيب البترول من مناطق انتاجه الى شرق البلاد للتصدير، إنشاء الجامعات في مختلف ولايات البلاد، رصف الطرق والجسور، تحقيق السلام، طريق الإنقاذ الغربي وإن لم يكتمل، إنشاء مصافي لتكرير البترول «مصفى الجيلي ومصافي بورتسودان»...إلخ ولكن من عيوبهم موافقتهم على تحقيق تقرير المصير لجنوب البلاد ويشترك معهم في هذا الخطأ كافة الاحزاب التقليدية، ونقول للذين يحبذون من قادة الاحزاب ان يخرجوا للشارع لإقصاء حكومة الإنقاذ نقول لهم إن الشعب السوداني البطل لن يخرج للشارع لأنه بالرغم من الضوائق المالية ومختلف الإجراءات والغلاء المعيشي.. الخ إلا انهم لن يخرجوا لأنكم كما ذكرت من قبل لم تحققوا له طموحاته، لذا من اراد من الاحزاب الخروج للشارع لإقصاء الحكومة الحالية عليه ان لا يدعوا الشعب السوداني البطل في كافة ولايات السودان بل من حق كل زعيم حزب ان يخرج الى الشارع مع اسرته لإقصاء حكومة الإنقاذ..!! الجدير بالذكر وإني كما ذكرت في مرات عديدة وعلى صفحات جريدة الصحافة الغراء لا انتمي لأي حزب من الأحزاب السودانية وغيرها والله على ما اقول شهيد.. وسنتحدث في ما يلي وفي ايجاز شديد عن الرأي العام وأهميته وهو عبارة عن رأي الناس في قضية من القضايا وقد تكون سياسية، اقتصادية، اجتماعية رياضية، دينية، فنية... الخ وينقسم الرأي العام الى العديد من التعاريف وهناك الرأي العام والخاص والرأي العام اليومي والرأي العام الصفوي ويدرس الرأي العام في مختلف الجامعات لا سيما في الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة واليابان والولايات المتحدة وعن طريقه نعرف عن الرأي الحقيقي للشعب وفي بلد مثل سويسرا الحكومة السويسرية «تقوم كونتوناتها بإجراء الاستفتاء لمعرفة رأي مواطنيها حين ترغب في سفلتة الشارع !! واجهزة المخابرات في مختلف دول العالم تهتم أيما اهتمام لمعرفة الرأي العام في مختلف دول العالم وهناك معاهد متخصصة ولها سمعتها العلمية الرفيعة مثل معهد قولوب الأمريكي وهو يقوم بإجراء دراسات الرأي العام في مختلف دول العالم، والأحزاب السياسية الجادة هي الأخرى تقوم بإجراء دراسات الرأي العام ومختلف وسائط الاتصال «مثل الإذاعة المرئية والصحف» هي الاخرى تجري دراسات الرأي العام لمعرفة رأي قرائها في المواد التي تنشرها وبمقتضى معرفتها لرأي القراء والمشاهدين فإنها تهتم بنشر الموضوعات التي يرغبها قراؤها وكافة المؤسسات التعليمية هي الاخرى تهتم بإجراء دراسات للرأي العام. والله من وراء القصد.. خارج النص: أيها السادة الشعب السوداني البطل يمتاز بالتسامح ومن فلسفته ان يردد عفا الله عما سلف ويؤمن باحترام كافة مكونات البلاد وهو ديمقراطي بالسليقة ويمتاز بالكرم والشجاعة وعزة النفس، ومعروف محليا وعالميا واقليميا إنه شعب يعتز بكرامته ولا يسمح لأي فرد مهما كان ان يسئ إليه ولكن بكل اسف الذين حكموا البلاد لم يتمكنوا من فهم سيكولوجية الشعب السوداني وفي هذا الاطار نحن نستهجن ما صرح به احد قادة حزب المؤتمر تكوين كتيبة استراتيجية لسحق كل من تسول له نفسه الخروج الى الشارع وهذا يتنافى مع قيمنا وتقاليدنا لا سيما ونحن لدينا الجيش الذي نحترمه جميعا ويقوم حاليا بالدفاع عن السودان. وتصريح هذا القيادي يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا ونحن وبتوفيق من الله لدينا اجهزة امنية لها قدرتها وسمعتها ونحن قد عارضنا بشدة حل الاجهزة الامنية التي كانت من اعظم الاجهزة الامنية في العالم بعد سقوط النظام المايوي حيث طالبت الأحزاب التقليدية بحلها.. وأخيرا نرجو لبلادنا من الله سبحانه وتعالى الاستقرار والرفاهية إنه نعم المولى ونعم النصير.. * ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كيندي ويسترن الأمريكية