أوقع الحظ العاثر الاجزاء الشرقية لولاية نهر النيل تحت رحمة طبيعة قاسية وظروف معيشية أقرب الى الضنك، ومناطق مثل «سيدون، نهر عطبرة، شبابيت، وابعلوك»، قطنتها مجموعات منحدرة من شرق السودان منذ أزمان سحيقة، دون أن تعلم أن خيارها باللجوء الى تخوم ولاية نهر النيل يمكن ان يحرمها من عطايا المانحين لأهل الشرق التي بلغت 3,5 مليار دولار. وأقر والي نهر النيل بعدم وجود تنمية متوازنة بولايته خاصة في الأجزاء الشرقية بمناطق نهر عطبرة وسيدون، وأبان أن تلك الأجزاء تسكنها مجموعات تنتمي لقبائل شرق السودان منذ تاريخ بعيد ما يقتضي استفادتها من اتفاقية الشرق، بينما اكد صندوق اعمار الشرق تضمينه لتلك المناطق، بيد أنه تخوف من ضغوط سياسية تحول دون مد يد العون اليها. وأشار والي نهر النيل الهادي عبد الله إلى أن التداخل والترابط ما بين ولاية نهر النيل وشرق السودان قديم ويستوجب النظر إليه بعين الاعتبار. وأكد الوالي أن حكومته خاطبت جبهة الشرق تحالف مؤتمر البجا والأسود الحرة لوضع التدابير اللازمة لضمان إنفاذ حقوق المنتمين لقبائل الشرق وفقاً لنصوص اتفاقية أسمرا الموقعة في 14 أكتوبر 2006م. وتعهد والي نهر النيل بتحريك برامج تستهدف توفير وترقية وتركيز الخدمات بمناطق الغبن التنموي وفقر الخدمات، معلناً عن شروعهم في نقل وتطبيق تجربة ولاية البحر الأحمر بطرح التعليم مقابل الغذاء. وأقر مؤتمر مانحي الشرق بالكويت في ديسمبر الماضي، تنفيذ عدد من مشروعات التنمية والخدمات لإعادة إعمار شرق السودان بقيمة وصلت إلى 3.5 مليار دولار. من جانبه ، اكد مدير المشروعات بصندوق اعمار الشرق الامين عبدالقادر عن تضمينهم لمناطق سيدون ونهر عطبرة في المشروعات التنموية التي سينفذها الصندوق من تمويل المانحين، الا انه عاد وقال «هناك مجموعات ربما تعارض الامر احتجاجا على تضمين مناطق اخرى اسوة بنهر النيل». واضاف الامين ل»الصحافة»، ان لديهم مشاريع مقترحة للمنطقة تشمل بناء مدارس ومستشفى ريفي وكبري «سيدون»، واشار الى تخوفهم من استخدام بعض الاحزاب ضغوطا سياسية لمنع استفادة ولايات من خارج الاقليم الشرقي من اموال المانحين. وقال ان مجلس ادارة صندوق اعمار الشرق يرفض استفادة ولايات اخرى غير ولايات الشرق، الامر الذي ربما يقف حائلا دون اتمام المشاريع الا في نهاية السنة الخامسة وفق النظام الاساسي. وكشف الامين عن تخصيص مبلغ 50 مليون دولار من اموال المانحين للمشروعات الخدمية بولايات الشرق من بينها مناطق سيدون ونهر عطبرة، مضيفا ان المشاريع الخاصة بالمنطقة ربما سيشرع الصندوق بتنفيذها في نهاية السنة الخامسة. في السياق ذاته، حذر الخبير بمنظمات المجتمع المدني محمد الرشيدي من هشاشة الاوضاع في مناطق بولاية نهر النيل تشمل «سيدون، نهر عطبرة، شبابيت، وابعلوك». واوضح ان تلك المناطق هشة وفقيرة وتنعدم فيها ابسط مقومات الحياة العادية بسبب تأثرها بقيام خزان ستيت، اضافة الى غياب التنمية وغمر مياه الفيضانات التي خلفت خللا بيئيا يجعل من الصعوبة الاعتماد على الزراعة التقليدية. وقال الرشيد ل»الصحافة»، ان تلك المناطق تقطنها مكونات قبلية تنتمي الى شرق السودان مثل قبائل البشاريين والامرأر والرشايدة والهدندوة، كما انها متاخمة لولاية كسلا، لافتا الى ان تضمينها في صندوق اعمار الشرق ضرورة ملحة لانتشالها من الفقر والعوز والامراض البيئية الناجمة عن استنشاق الاتربة، واضاف «أعينهم وافواههم دائما ما تكون ممتلئة بالاتربة بسبب الطبيعة القاسية والزحف الصحراوي الكثيف». واشار الرشيد الى ان المساحات المزروعة تكفي فقط لاعانة السكان على الاستمرارية في الحياة وانتاج كمية ضئيلة من محصول الذرة لا تفي حد الكفاف. واكد ان اقتصاد المنطقة تحول الى اقتصاد يسعى الى توفير الحد الادنى من المعيشة. وقال ان السكان ينتظرون انحسار مياه الفيضان حتى شهر اكتوبر ليتمكنوا من الزراعة ما يلقي عليهم اعباء اضافية للتخلص من الحشائش التي خلفها الفيضان رغم وجود اراضي صالحة للزراعة في حاجة ماسة لتقنيات حديثة تمكنهم من الاستفادة من حوالي 12 مليار متر مكعب من مياه نهر عطبرة التي تذهب هدرا الى نهر النيل. واضاف انه في ظل تناقص المستشفيات والمدارس والخدمات المتهالكة ودائما ما يلجأ السكان لمستشفى الدامر ، مشددا على ان المنطقة تحتاج الى تدخل عاجل من قبل الحكومة والمنظمات الدولية. واوضح ان منظمات الاممالمتحدة فشلت في تحقيق طفرة تنموية في المنطقة، وعجزت تماما عن الدفع بحلول اسعافية او مستقبلية بسبب تقاعسها وعدم جديتها. وكشف عن وجود خطة من جانبهم للنهوض بتلك المناطق وتشجيع المرأة بالانخراط في العمل اسوة بالرجل لتوفير متطلبات معيشية من خضروات تساعد بشكل كبير في تغيير نمط الغذاء، عبر توفير غاز الطبخ والمعينات الحديثة لهن .