٭ أردت ان اعالج ظاهرة الشماشيات في المجتمع السوداني هذه الايام.. ولكن وجدت ان الزمن واقف بالرغم من البنايات الزجاجية المتطاولة وبالرغم من الرهق الذي أصاب عيوننا جميعاً من متابعة ما يحدث في العالم العربي من احتجاجات ومظاهرات ذات شعار واحد الشعب يريد تغيير النظام.. والمطالبة برحيل الحكام وهذه شعارات جديدة تستوجب البحث الدقيق عن مصدرها. ٭ وسط هذا الزخم السياسي واعادة (الجزيرة) الى ما يقوله ذاك المواطن التونسي.. هرمنا.. هرمنا في انتظار هذه اللحظات تذكرت انني في مايو من عام 2002 كتبت على مدى ثلاثة ايام في عمود صدى بصحيفة الحرية عن بنات الشوارع ورأيت ان اعيد هذه الثلاثة أعمدة في زمن الاحتجاجات الداوية.. ٭( في ألوان عدد 13/5/2002 جاء خبر يقول (شيعت مشرحة الخرطوم امس 92 جثة من مجهولي الهوية تراوحت اعمارهم ما بين شهر الى سبعين عاماً لقوا مصرعهم. تسعة منهم لاسباب متفاوتة من حوادث المرور والحريق والغرق والانتحار والمشاجرات والعشرون الباقون اطفال حديثو الولادة تمت مواراتهم الثرى بمقبرة (أبو سعد). وكشف مصدر مطلع بالمشرحة ان معظم وفيات الاطفال ناتجة عن حالات الاجهاض الاجرامي وتعرضهم لنهش الكلاب الضالة واشعة الشمس الحارقة والجوع والعطش بسبب رميهم على الطرقات والمستشفيات، واضاف المصدر ان هذا العدد اصبح في تزايد وتكررت هذه الظاهرة بصورة واضحة في الآونة الاخيرة. ٭ الجدير بالذكر ان منظمة حُسن الخاتمة الطوعية قد تولت دفن هؤلاء المجهولين واعدت لهم احصائية دقيقة بسبب الوفيات). ٭ انتهى الخبر وهو بالطبع خبر يشير الى واقع مخيف واقع يتحدث عن موتى في الطرقات بلا أهل وهذا في السودان حدث يشكل الزلزال في النسيج الاجتماعي ولكن الزلزلة الكبرى تفاصيل الخبر 92 جثة تسعة منهم راحوا بفعل الحوادث والانتحار والغرق والمرور أما العشرون فهم اطفال حديثو الولادة اما تمت محاولة اسقاطهم او جاءوا الى الحياة والقيوا في الطريق لتنهشهم الكلاب. ٭ أمهات هؤلاء الاطفال حالة مزعجة وخطرة يجب ان تلاقي الاهتمام. ٭ في صحيفة الايام عدد 41 ابريل 2002 اجرت الزميلة انعام محمد الطيب تحقيقاً عنوانه (حياة الفتاة المشردة على ارصفة الشوارع ماذا تعني؟) قالت فيه في زيارات ميدانية لاماكن تجمع الفتيات المشردات قامت بها مجموعة مكلفة باجراء بحث ميداني من مركز الدراسات والبحوث بمركز الجندر وباستطلاع عدد منهن بلغ اكثر من سبعين مشردة يتم رصدهم في الاسواق واماكن التجمعات. ٭ يتضح انه بدأت مشكلة الاطفال المشردين كظاهرة في اواسط الثمانييات واوضحت نتائج البحث الذي قامت به الرعاية الاجتماعية ان عدد المشردات في تزايد مستمر حيث ارتفع من 35 في عام 4891 الى 177 في عام 0991 ليصل في 1002 الى حوالي 4 ألف فتاة وبالتأكيد تشرد الفتيات له عواقب ومؤثرات تختلف عن تشرد الاولاد ذلك لأن الفتيات بحكم التقاليد المقيدة لحركتهن اقل خبرة بما يدور في الشارع من مخاطر عليهن اضف الى ذلك ان السلوك العام للمشرد من اضطهاد وتمييز كما ان وجود الفتيات في الشارع قد يعني بالنسبة للرجال فرصة استغلالهن للاشباع ا لجنسي وهذا وارد في ظل ظروف وجود ملايين من المهاجرين دون اسرهم فالمشردات قد يصبحن صيداً سهلاً ومتاحاً وكل ذلك يعني ممارسة الاستغلال والعنف ضد الفتيات. ٭ وقالت انعام ( من خلال الدراسة الميدانية التي اجرتها عدد من الباحثات من مركز الجندر الاستاذة امينة محمد واخرون اتضح في الفترة الزمنية من يناير 1002 الى اغسطس 1002 ان الغالبية من الفتيات المشردات تقع اعمارهن في الفئة 81 سنة واكثر 7،13 بلغت اعمارهن ما بين 51-71 سنة ونسبة 7،12 تراوحت اعمارهن ما بين 21-41 سنة ومن ذلك نخلص الى ان غالبية الفتيات المشردات في سن المراهقة وهذه السن تؤدي الى التغييرات في الشخصية والرغبة في التعبير عن نفسها بصور شتى خاصة في ظل انعدام وسائل استيعاب متطلبات هذه المرحلة لذا يكون التعبير عنها بطرق غير مقبولة اجتماعياً. ٭ وتمثل المسلمات نسبة 2،47% والمسيحيات 7،52% وغالبية الفتيات اللاتي اجريت عليهن الدراسة كن من الولايات الجنوبية 7،54% و 4،13% من كردفان ودارفور وهذا يعني ان الفتيات اللاتي شملتهن الدراسة هربن من ولايات متأثرة بالحرب والنزاعات المسلحة والصراع القبلي والغبن التنموي. أواصل مع تحياتي وشكري