عندما اطلعت أمس على تصريحات دكتور نافع النافية لما ورد عنه في صحيفة حريات الاليكترونية التي جاء فيها أنه هدد بعدم إطلاق سراح زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور الترابي إلا محمولاً على عنقريب، كان لابد لي من استكمال صورة هذا النفي بالاطلاع على النص المنفي كاملاً، حيث إنني لم أكن قد وقفت عليه من مصدره حتى لحظة إطلاعي على تصريحات نافع المشفوهة وبيان مكتبه المكتوب، فليس من الحصافة ولا الصحافة أن تكتفي بالاطلاع على نفي شئ أنت لم تعلمه إبتداء، وقد حفزني ذلك للنقر على موقع «حريات» الذي تحول بيني وبين الاطلاع عليه وغيره من مواقع اليكترونية بصورة راتبة ومنتظمة أسباب شخصية شتى لا تمكنني من معاقرة النت يوماً بيوم دعك من ساعة بعد ساعة، وكان أن وجدت الآتي في «حريات» حول الواقعة: «أفادت مصادر مطلعة بأن نافع علي نافع مساعد المشير عمر البشير قد عقد إجتماعاً خاصاً مع أمنيين وقادة كبار في جهاز الأمن الوطني خلال الأيام الماضية، وذلك بغرض تقييم الأوضاع ومعرفة مدى تأثير اعتقال الدكتور الترابي على فعالية المعارضة والساحة السياسية السودانية بمجملها، وذكرت المصادر ذات الصلة أن السيد نافع أظهر غضباً شديداً عندما أكدت إفادات القادة الأمنيين بأن الساحة السياسية في السودان لم تشهد إنفراجاً ملموساً، وأن السودان ما يزال مرشحاً بقوة للإنضمام إلى باقة الدول التي عصفت بها الانتفاضات الشعبية في المنطقة، وأبدى القادة الأمنيون ملاحظة ذهبت إلى أن اعتقال الترابي أصبح يمثل دافعاً ومحفزاً لنشاط المؤتمر الشعبي الذي تزداد وتيرة مناشطه وأدائه السياسي والتنظيمي بصورة جلية في أعقاب كل اعتقال للدكتور الترابي، الأمر الذي جعل الرجل الأكبر نفوذاً في الحزب الحكومي يستشيط غضباً وهو يقول منزعجاً: «كأنكم تريدون القول إن الترابي سيخرج من معتقله محمولاً على الأعناق كما خرج في أبريل 1985م، هذا لن يحدث، هذا ليس نظام مايو ولسنا في أبريل» وزاد المصدر بقوله: «وأضاف نافع بكثير من الحنق قائلاً: «الترابي ما حيطلع المرة دي إلا محمولاً على عنقريب» يقصد ميتاً - قبل أن يقطع اجتماعه ويخرج غاضباً.... هذا ما كان بشأن ما ورد في «حريات» ونفى نافع الذي أحوجنا للبحث عن ما نفاه، بعكس ما جاء في صحيفة الوطن من إتهام نجل الترابي للسلطات بدس مادة كيميائية له في مطعمه أو مشربه، فهذا الاتهام لم يكلفنا مشقة البحث له عن نفي أو نافٍ، فمن البداهة أن تنفيه «السلطات» جملة وتفصيلاً، وبهذا يجتمع لدينا نفيان، نفى نافع للاجتماع الخاص الذي قال فيه بحسب حريات «الترابي ما حيطلع المرة دي إلا محمولاً على عنقريب»، والنفي البدهي بأن «السلطات» لم تدس له مادة كيميائية لا في طعامه ولا شرابه، حسناً، فهل هذا النفي ينفي حقيقة أن الترابي قد بقى في المعتقل حتى تجاوز أمد إعتقاله ما يجيزه القانون؟، وإلى متى سيبقى رهن الحبس مادام أنه لن يقدم لمحاكمة ولم يطلق سراحه؟، هل سيبقى فيه إلى يوم يبعثون إن لم نقل «إلا محمولاً على عنقريب» مع أن هذه مثل تلك، هذه هي القضية، قضية أن يظل الدكتور الترابي وآخرون من بينهم زميلنا الصحفي جعفر السبكي في المعتقل بلا سقف زمني وبلا تهمة محددة، هذه هي القضية واضحة المعالم وليس ما قال نافع أو لم يقل، فالعبرة بالأفعال الماثلة وهي بقاء هؤلاء في الحبس دون أن يقدموا لمحاكمة أو يطلق سراحهم، فهل يستطيع نافع نفي ذلك؟!...