كنا حضورا عندما أطّل علينا الدكتور غازي صلاح الدين يشاورنا ويبحث عن تفويضنا له كاهالي جنوب كردفان ليفاوض الحركة الشعبية حول السلام نيابة عنا في كادقلي في صيف 2003. يماثل في ذلك الدكتور جون قرنق عند زيارته لأهلنا النوبة بكاودة للمشاورة واخذ التفويض منهم أيضا لمفاوضة الحكومة نيابة عنهم. خلافا لما أصّر عليه د. خليل ابراهيم حينما رفض مشاركة منظمات المجتمع المدني الدارفوري ولم يقبل باٍدراج بقية الحركات الدارفورية الاخرى في حلبة السلام ولم يلتق باهالي دارفور ليأخذ التفويض منهم. تحدث في ذلك اللقاء وزير مالية جنوب كردفان الاسبق عبد الرحمن كمبال أمير إمارة أولاد حميد وخاطبنا بقوله «أحفاد تاور ابو جردة» لم يقف أحد من الحضور كثيرا حول هذا الاسم ولم يلق له بالا ولكني تحفّزت ان أساله عقب اللقاء ولم اتمكن. سألت أحد الشيوخ فقال: الحوازمة الحلفة أصحاب الناظر الزبير قيدوم فزّعوا الروواقة دار جامع وطلبوا فارسهم تاور ابوجردة حيث يمدح بقولهم «احمر وبطنه زرقه»، فسألهم مستفسرا عن بعض فرسانهم أمثال: الحسب النصيبة ، يحيي شكلة بقوله هل ماتوا؟ رد لا بانهم أحياء ولكن الغرض مبايعة فارس أولاد حميد ابراهيم الملقب بالقوم. وافق الفارس تاور على ملاقاة فارس اولاد حميد بغابة جبل دلامي، وعلم اولاد ابوحميد بالخبر، فبعثوا بصاصيهم، كعادة الزعماء، لمعرفة من هو تاور ابو جردة قبل ملاقاته؟ فجاءت المعلومات تشير الى انه احمر وله جواد اشقر خروبي «نسبة للون شجرة الخروب» ولديه كوكاب فكاكا الدرع ولديه درع وكأس، فوافق على مبايعته. اتفق الروواقة الحلفة على بعث الفارس الحسب النصيبة متنكرا ويدعي أنه تاور أبوجردة ثم يتظاهر بأنه يريد مبايعته «مبارزته» ثم يتظاهر بالخوف والجري ايضا فيستدرج الفارس إبراهيم القوم الذي حتما سيطلق حصانه خلفه. إلتقى الفارس الحسب - الذي تلّثم حتى لا يتعّرف عليه - وتظاهر بمبارزة الفارس ابراهيم القوم وعندما حمل عليه تظاهر بالفرار فاتبعه الفارس ابراهيم القوم طمعا في اللحاق به. دخل الحسب بحصانه تحت شجرة جميزة كبيرة لها فرع كبير فاحني رأسه ومر من تحت الفرع، لكن الفارس ابراهيم القوم بطبيعته لا ينحني ابدا حتى من فرع الشجرة حتى ضربه في عنقه وسقط على الارض مرتكزا بيده اليمنى قائما كقيام التقل عند العسكريين!! ومفتوح العينين ووقف جواده بجواره لم يتركه وحده وفاء وقليل في الناس الوفاء،لان الخيل معقود على نواصيها الخير دائما الى يوم القيامة!!!. أحاط به نفر من الروواقة والحوازمة الحلفة بحذر شديد إحاطة «السكسك بالرقبة»، لم يصدقوا وهمسوا بقولهم ،«ما مات هذه مكيدة ورأي»، تقدم واقترب منه الفارس تاور ابو جردة لكزه بالعصا فسقط على الارض فتبّين القوم أنه قد مات مثل ما فعلت الجن مع سيدنا سليمان عليه السلام عندما خر بعد ان اكلت منسأته وكما فعل البطل الشهيد ملازم أول عبد الفضيل الماظ حينما فاضت روحه الشجاعة وهو ممسك بزناد مدفعه المكسيم الذي كان يحتضنه بكلتي يديه في وجه الانجليز بعد ان هدّوا عليه مبنى المستشفى ولم يجروء احد من الاقتراب منه ظنا منهم انه لم يمت بعد، في ملحمة بطولية نادرة لم يسّجل التاريخ لها مثيلا. قال تاور ابو جردة بحزن «ان الرجل لفارس ما كان يقتل هكذا» ثم أرقده على بطنه فجاءوا«بقرع مر» «بخسة» واستطاعوا تمريرها من تحت بطنه لقياس ضمره فوصفه بانه اسدي ذلك لان الرجل الافزر عندهم افزر في كل شيء، فامر تاور ان يغطي بالشوك حتى لا تأكله الذئاب ونادوا في اهله ليدفنوه أكراما له. سافرت أمه حتى بلغت دار جماع والتقت بتاور وسألته مباشرة: كيف تمكّنت من قتل ابني وهو فارس؟؟!! فقص عليها القصة فقالت: الحمد الله انه مات بفرع شجرة ولم يقتله احد!!. كافأت الحوازمة الحلفة الفارس تاور باهدائه فتاة جميلة اسمها امو «التحية للمرأة السودانية في عيدها العالمي لكي تشارك في اختيار شريك حياتها» وهي جدة الناظر سومي ناظر قبيلة دار جامع الآن. علمت فيما بعد أن عمدة أولاد ابوحميد زار منطقة الليري وكان يمتطي جوادا «اظن ذلك في أواسط الستينيات من هذا القرن حيث انتشر مرض «الدلك» فيما بعد وأصبحت البيئة غير صالحة لتربية الخيول حتى الآن» فبينما هو و«الراوي» يسيران على ظهور خيولهم في الطريق مروا على شجرة بها بيت أم تركش «نوع من النحل ليس له عسل ذو لسعة مؤلمة وهو يشبه الزنبور لكنه برتقالي اللون»، فقد سمي عليه أشهر وأقدم متشرد بكادقلي«ام تركش»، فانحنى الراوي ولكن عمدة اولاد ابوحميد رفض ان ينحني من بيت ام تركش!!! فهجمت عليه وظلت تلسعه حتى توّرم رأسه بإبرها المسمومة فشابه مصيره مصير جده ابراهيم القوم . جاء في الاثر أن الكاتب الامريكي الشهير ارنست همنقواي «1899-1961» الحائز على جائزة نوبل في الآداب في عام 1954 من أشهر أعماله «لمن تقرع الاجراس1940» و «العجوز والبحر». كان لا ينحني ابدا، فبينما هو في عرض المحيط على ظهر سفينه هبت عليه ريح عاتية فطلب منه الربّان ان ينحني حتى تمر العاصفة لكنه رفض فاقتلعته والقت به في عرض المحيط فغرق فمات «خلاف رواية انتحاره على الايدي الخفية» فشابه مصيره مصير إبراهيم القوم وحفيده. الكل شاهد لاعب المريخ اندراوس ايداهور وهو يمسك ببطنه وينحني ثم يقف من الانحناءة ويسقط على بطنه من طوله ثم يفارق الحياة كما فعل ابراهيم القوم وحفيده، اما الرئيس الامريكي حسين اوباما فانحنى للامبراطور الياباني ما اثار حفيظة شعبه الامريكان الكايبويات، فكلهم فرّاس والفراس دائما مصائرهم متشابهة وإن اختلفت السبل فالعزاء موصول لجماهير المريخ في فقدهم. ما أعظم الانحناءة لرب العباد!. يا قادة الاحزاب المتنافسين على السلطة بالانتخابات، تخيّروا في اختيار قياداتكم كما يتخّير الحصيف الذكي لنطفته في الزواج، فإن العرق دسّاس فالكريم كريم في لسانه وهندامه وحتى في مشيته ويده بل وفي خصومته ايضا. الرجال والنساء الذين ليس لهم قديم لا تنتظروا منهم جديدا ايضا والخوف كل الخوف من المتسلقين كشجر السلعلع ليس لهم سيقان يقفون عليها الا على غيرهم فيضّيعوا على الوطن الكبير الكثير المثير!!! ذلك كله حتى لا يحكمنا النكرات الذين لا أصل لهم ولا فصل، الذين لا يردهم القانون ولا يعيبهم العيب تخذلهم انفسهم ولا تعصمه من اكل ابل الصدقة وسؤال جلباب سيدنا عمر بن الخطاب وإخلاص الوطن العام، خفيفي اليد (تخيني) الجلد لا يستفزوا ولا يستفزوا«بفتح السين في الاولي وكسرها في الثانية» فيسّبوا الناس والحزب عدوا بغير علم والحزب في توجهه وفكره وقياداته براء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب نبي الله يوسف عليهما السلام. أخي دكتور خليل ابراهيم، قديما قال الحكماء «الشغل السمح ما تشيله من اخوانك بعفنك ليك في أيدك» أهديك تجربة الدكتور محمد هارون كافي في اتفاقية قطاع جبال النوبة 1997 حينما اصر على أن الاتفاقية حصريا على عضوية الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة، فكان الرد على لسان أخي السياسي، الخير الفهيم من تحت قبة البرلمان«نحن نطالب بقيام دولة البقارة!» واين هذه الاتفاقية الآن واين رجالها؟؟؟