شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل تحيي حفل غنائي داخل أحد الأحياء في وضح النهار وتحصل على أموال طائلة من "النقطة"    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    إصابة 32 شخصاً بالكوليرا بينها 3 حالات وفاة بمعسكر "مسل" للنازحين في شمال دارفور    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرسان الكبابيش من ( أبو سبيب إلى المر)
نشر في الصحافة يوم 11 - 09 - 2011

أنجبت قبيلة الكبابيش كثيراً من الرجال والنساء وقد برع هؤلاء الأبناء والبنات في مجالات كثيرة ومتعددة سواءً في الشجاعة والإقدام أو الكرم وقد مثل الفارس في القبيلة في وقت من الأوقات وزمن من الأزمان أهمية قصوى لا تقل عن الأهمية التي مثلها الشاعر لدى قبيلته عند العرب في الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام . وسواء إختلفنا أو إتفقنا مع أهمية الفارس بالنسبة لقبيلته في بوادي السودان أو لم نتفق كمثقفين نفكر بمنطق العصر الحديث إلا أن كثيراً من الفرسان قد دخلوا تاريخ مجتمعاتهم من أوسع أبوابه وتجاوزوه ليكونوا رقما في تاريخ السودان، وقد فرض هؤلاء الفرسان إحترامهم وتقديرهم عند قبائلهم وامتد حبهم لمن تحالف مع القبيلة وتعاون معها من القبائل في زمن سيادة القبيلة وعنفوانها ومرجعيتها . وهناك من خاصم هؤلاء الفرسان وحاربهم بناء على موقف مجموعته من مجموعة الفارس ورغم ذلك يكن له الإحترام والتقدير لشجاعته وإقدامه وهذا يدل على أصالة المعدن الذي تنطوي عليه كثير من قبائلنا التي مارست الدور القبلي حتى نشؤ دولة السودان الحديث وما أعقب ذلك من تفاعلات وحراك إجتماعي، وقد عبر الخصوم عن إعجابهم بخصمهم ومجدوه لذاته شعرا كان أم نثرا والفضل كما يقول المثل ما شهدت به الأعداء وخير نموذج لهذا هما الفارسان من قبيلة الكبابيش أبو سبيب ومحمد علي التوم الشهير بالمر وقد عاش الفارسان في أوقات مختلفه والفاصل بينهما حوالي ثلاثة قرون من الزمان حيث عاش ابو سبيب في نهايات السلطنة الزرقاء بينما عاش الشيخ محمد علي التوم الشهير بالمر في القرن العشرين وتوفي عليه رحمة الله في نهايات الثمانينيات منه .
وأبو سبيب هو عوض السيد محمد نور ينتمي إلى مجموعة النوراب من الكبابيش والتي عرفت بمجموعة ( الباعج) وهو الوسم العام الذي تضعه هذه المجموعة على إبلها . والباعج هو كيان يضم إلى جانب النوراب الربيقات والحواراب والكبيشاب ولا فضل لفرع من الكبابيش على آخر حيث ساهم الجميع في تحقيق أهداف القبيلة وخاصة تبريد الدار ولكن الكيان النورابي كما يقول الكاتب د0 عبد الله علي إبراهيم هو الذي وقف يناوئ المهدية بقيادة صالح فضل الله المتوفي عام 1887م ولا تفضل الجماعات النورابية التاريخية من غير أولاد فضل الله سابقا وأولاد علي التوم حاليا فروع الكبابيش الأخرى في شئ حيث ظل هؤلاء ينفردون بالسلطة ويدفع الكبابيش وكثر فروع النوراب ضريبة الطلبة . وحسب الروايات فإن أبو سبيب هو من باكورة فرسان النوراب الذين عرفوا مؤخرا بفرسان كنجرت وهي لفظة كما يقول الباحث عبد الله علي إبراهيم في كتابه الذي حمل ذات الإسم ( فرسان كنجرت .. ديوان نوراب الكبابيش وعقالاتهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) أن اللفظة مأخوذه من عاداتهم في الحرب والمتمثلة في الهروب للوهلة الأولى من وجه خصمهم ثم مجابهته والتصدي له لدى صيحة كنجرت . ومن جسد أبي سبيب الشهيد بدأ نسج الأساطير فلم يكن السلاح يخترق جسم أبي سبيب رقم ما خاض من معارك ضد أعداء قبيلته في ذلك الزمن ولم يكن ذلك عائدا إلى عامل خارجي كالكجور أو الحجبات ولكنها لطبيعة في الفارس والذي لجأ قاتله إلى وسيله أخرى لكي يقضي عليه وهي أن أخرج القاتل خاتمه الفضي وعجنه وسدده بالبندقية وعندما سقط أبو سبيب صريعا لم تستطع خيل الأعداء الإقتراب من جسده وهو هامد فما بالك وهو على قيد الحياة . وقد عبر الأعداء عن ذلك بالقول ميت حي يابنك .... يعني أنت حي تطرد الخيل ميت تطرد الخيل وقد شق القتلة صدر أبو سبيب ليعلموا سره فوجدوه عصبه ساكت على حد قول الرواة وهو إنسان لم يعرف الخوف قط فعن أمه ( درمه) أن حنكه لم يقف عن الرضاعة والصاقعة لها دوي وقدة تغالط إخوة أبو سبيب (أولاد عوض السيد) وهم صالح وتنيبور والزين أيهم أشطر وأفرس ولدي هذا الغلاط قالت درمه : أبو سبيب من ولد ما سميت علي ( قلت باسم الله) إتو البرضع فيكم ماسك الشطر كان الكركاعة ( الصاقة) طقت حنكو بقيف واللاوقف واللافك الشطر واللاكدي واللارعرش أبو سبيب كان برضع ما بقيف من خلق ما رعرش سميت عليه . وشق مقتل أبو سبيب على كل قبيلته وعلى رأسهم زعيم القبيلة وقتها الشيخ الساني ود فضل الله وهو إبن عمه وهو من قاد عملية الثأر بنفسه بعد مرور حول على مقتل الفارس وظل كل تلك المدة يتحين فرصة الإنتقام من قاتل الفارس أبو سبيب ويدعي بيشاوي حيث جاء في قول الشاعر :
بيشاوي ( القاتل) أخو أم سلامه
كتل أبو سبيب كرامه
لا دين لا غرامه
وهذا القول فيه إستنكار لعدم الأخذ بتار الفارس أبو سبيب . وكان الشيخ الساني طيلة العام يقاوم ضغوطا رهيبة تدعوه للإنتقام من قتلة الرجل المكنى أبو صالح والمعروف بجبل ألبل ولكنه صبر حتى حانت الفرصة للثأر للفارس والقائدالميداني لقبيلته والذي واجه مؤامرة كبرى للتخلص منه بإيجار بيشاوي القاتل تحت تحالف قبلي أوقع به في جهة ما غرب النيل في منطقة المجر أو الموقع المعروف بأبي سبيب غرب أم درمان وكان التخلص من الفارس أبو سبيب لشهرته وشجاعته التي حيرت الأصدقاء قبل الأعداء والخصوم وكان دفاعه المستمر عن ثروة أهله وإبلهم هو من أسباب التآمر على حياته . وعرف عن الطامعين أنهم لا يقدمون على التفكير في الثروة من ألبل إلا بعد سؤالهم ما إن كان أبو سبيب قريباً أم بعيداً من ألبل وقيل أن سيدا في قومه وقبيلته كان يمسك بنعم الكبابيش ولا يتركها إلا لقاء شئ منها وقد جاء السيد ذات مرة وأمسك بأحد الكبابيش كقبيض والقبيض هو المحبوس لكي يدله على نعم القبيله وسأل السيد الرهينة ما إن كانت ألبل قريبة أم بعيده فرد عليه الرجل أو الرهينة شعرا :
يا أرباب لا تكتر المنشاد
بت الماصع أب لباد
هسع وقت تتوكها تلقاها حنضلة عقاد
أبو رأسا سبيبي معاهن ماد
أبو سيفا بوابر الزول أبو عداد
أبو شتوا لي الضلوع قداد
أبو قلبا صفاتا دملجو الحداد
تور بقر الجواميس الوسطن هاد
أنجع يا جلي وسع من اللبلاد
وفي واقع الأمر فإن الرهينة كان يمدح أبو سبيب بهذه الصفات بدءا من قوله أبو راسا سبيبي وأبو سيفا وأبو شتوا والشتو هو الرمح وقلبه صفاة يعني حجر أتقن الحداد صنعه والتور الهاد هو الذي يقوم بالتعشير وسط القطيع وبعد أن سمع السيد الطامع هذا القول من الرجل الأسير لديه سأله قائلا يا جنى أبو سبيب مع ألبل ؟فرد الأسير كمان أبو سبيب بفارق ألبل ؟قال السيد أبو سبيب مع ألبل ما بديني إياهن يا كتلني . ومن أمثلة إعجاب القبائل الأخرى بشجاعة أبو سبيب وفروسته ما قاله عنه معاك أبو معاطي الشنبلي وقد سمع معاك ما قاله الفوارس من إخوة أبي سبيب وفرسان كنجرت بأنهم شجعان كشجاعة الرجل وإقدامه فقال لهم معاك
مزاباتكم لي الصميدة شر
كير خير الحبس خلفو ووقف في الحر
وقال عنه :
أرباب يا أبو سبيب أرباب
وفرسك ليلة الدعكاب
لقوح التيتل التكبس علي المتلاب
كان مو أولاد درمه قمرنا غاب
الفرسان البسو مشبك الكلاب
وهذا يدل عليى أن أولاد درمه جميعهم فرسان ولكنهم دون منزلة ابو سبيب ومكانته فهو أولا أرباب وفي ليلة الدعكاب والقتال يفعل فرسه كما يفعل التيتل ( بقر الخلا )أبو متلابا صغير وقد إشتهرت اللقحة من بقر الخلا بأنها تطرد الصائدين من صغيرها ولا تسمح لهم بالإقتراب منه وقال أبو معاطي أيضا :
يا ناقة أبو سبيب جازيه
أرويلو جوادو وبعد العتوم عشيه
والفارس البحادي في العجاج برميه
وكان أبو سبب قد فتح الباب لقبيلته لكي تتقدم وتلج الصدامات كغيرها من القبائل في ذلك الوقت ولكن ما يميزها أن لديها فارس مثل أبو سبيب وإخوانه من فرسان كنجرت وكانت المجموعات القبلية السودانية جميعها في حركة النزوح والتحرك في ظل دولة المسبعات والفونج ووقع خلال هذه الفتره عقال الحنيك الذي إنتظره الكبابيش لكي ينتشروا غربا إلى جبرة الشيخ وكجمر والصافية كما أكد ذلك الخبر المؤرخون بروس والتونسي وعبد الله علي إبراهيم وأدى جهد أبو سبيب الخارق لتمكين الكبابيش من الإحتفاظ بثروتهم الحيوانية والنزوح بها إلى موقعهم الحالي في شمال كردفان والذي بدأت فيه حياة الفارس الثاني للقبيلة محمد علي التوم المر.
ولد الشيخ محمد علي التوم الشهير بالمر في عام 1909م وعرف ذلك التاريخ عند قبيلة النوراب بشعبة كجمر الوسطانية وهو وكيل نظارة الكبابيش والوصي على الناظر حسن التوم لسنوات 1945م إلى 1952م وقبل هذا التاريخ كان المر إلى جوار والده الشيخ علي التوم وأخيه الأكبر التوم علي التوم جد الناظر الحالي للكبابيش التوم حسن التوم ولم يكن الشيخ محمد علي التوم معنيا بالحكم لولا وفاة ناظر القبيله ولصغر سن الناظر حسن صار عمه المر وصيا عليه وهذا أيضا شأن قبلي وظاهرة جديرة بالدراسه في ظل التهافت والتشظي القبلي والضعف المريع في الإدارة الأهلية الذي نشاهده اليوم في قبائلنا السودانية . ومضى الحاكم الوصي قويا مهاب الجانب وقد ملأ المر مثل جده أبو سبيب الدنيا وشغل الناس وعرف عنه إعتنائه بكل بشيء فهو لا يختار من الرجال إلا القوي الأمين ليكون بجانبه ولا يميل للقضاء التقليدي لفض النزاعات بين أفراد قبيلته في محكمته ولكنه يسعى لإصلاح ذات البين وإذا أوقع حكما فإن حكمه قاسيا وناجزا وإذا دعا مطلوبا للعدالة عنده يأتيه مسرعا ترعد فرائصه من الخوف لكونه سوف يمثل أمام المر خاصة إذا كان من العابثين أو المسيئين للقبيلة أو المتلاعبين بالبيئة حيث كانت البيئة عند المر من أولى الأولويات ولا يسمح أبدا بقطع شجرة أو زراعة عشوائية أو حرق غابات من أجل الفحم أو غيره وله نظام صارم حيث لا يسمح لأصحاب البهائم بالبقاء في أماكن الدمر في الخريف ولا يسمح بحفر الآبار في الفلوات ومرعى البهائم لأن فيه جور على المرعى وكان يميل لتربية الكلاب وهي أي كلاب المر معروفهة من فصيلة النمور كما يقولون وكان كلبه عكام ضخم الجثة قوي البنية وكأن المتنبئ قد عناه بقوله :
كأنه مضبر من جرول موثق على رماح زبل
ذي ذنب أجرد غير أعزل يخط في الأرض حساب الجمل
كأنه من جسمه بمعزل لو كان يبلي السوط تحريك بلي
وقد إشتهر الشيخ محمد علي التوم بألغابه الكثيرة فهو يكني بأبي يعقوب دون أن يكون له ولد بهذا الإسم ثم المر وأبو معزين وقال عنه الحاج صالح الحاج محمد الفكي صالح :
أبو يعقوب جليس الديمة عرضانات
ود كحلة القنت وأمات جن عاصمات
ويقول عنه أيضا :
أبو معزين ضراع دود الخلا القنات
يات من صاولك طيعتو لي الخطرات
البكري الهاج رشاش ورك علي اللقحات
أبو عينا شرارة النمر أبو عاجات
تمساح أتبره الفايت العشاريات
قراش للفقر بمسح مع الموجات
وأم عزين هي بنته البكر حياها الغمام و يكاد يكون إسم أم عزين من الأسماء حكرا على الكبابيش والنوراب على وجه التحديد وكانت عمتي الوحيده أم عزين تلقب باللننقتيره لكونها عاشت عيشة الأميرات عند الإنجليز .وقد نسج الناس حول الفارس المر الأساطير كما نسجوها حول أبو سبيب وهذا هو شأن كل الفرسان تقريبا فقيل أن المر له نظرة لخصمه يتملكه الرعب ويتمنى لو أن الأرض خسفت به بدلا من أن ينظر إليه المر بعينه الحمرة وشرارة دائما وإذا حل المر بمكان من الأمكنه ملأ المكان هيبة وقالت إحدى شاعرات القبيلة :
العقدة الحابس ماها
الليلة المر طلاها
أم سيدا ما جازاها
مع البواح نشاها
ولا يستطيع أحد من النظار الآخرين أن يصل إلى المكان الذي يحل فيه المر بقبيلته وقال راوي القصيدة وهو من الرازقية النوراب أنه دخل على المر واستأذنه لكي يلقي عليه قصيدته في مدحه وهي من ستين بيتا من الشعر فأذن له وكان المر يجلس علي سرير من جلد البقر( القد) وكان كلما إستمع لمدحه في القصيده تقطع العنقريب من تحته حتى قضى عليه في آخر الأمر . وعرف عن الشيخ المر كرمه وسخائه في بذل المال وقد كتب الصحفي محمد المر قور حامد وهو من أبناء قبيلة المسيرية وقد سماه والده علي الشيخ المر وهو صديقه قال المر الصحفي إن والده عليه رحمة الله قام بزيارة لصديقه الشيخ المر في الستينيات من القرن العشرين في مقره بحمرة الشيخ وقد اهداه المر هدايا ثمينة من بينها عربة أحضرها معه للمجلد وأهداها لأحد أبناء عمومته بمناسبة فوزه في البرلمان عن دائرة المجلد في ذلك الزمان وكان للمر عطايا كثيرة من الذهب الخالص وألبل خاصة لرجال الطرق الصوفية الذين كانوا يزورون المنطقة إنطلاقا من العاصمة والجزيرة وغيرها وكما قال عنه الشاعر :
عندك رأي سمح عندك معاهو أفكار
عندك فوت كتير فايت علي النظار
ود الفنجري اللام القريب والجار
وقد هاب كبار الموظفين والنظار الرئيس نميري عندما سألهم في إحدى زياراته للمنطقة عن ما يمكنه فعله لمواطني سودري وشمال كردفان ولكن المر قال للرئيس نميري يا رئيس هذا العام عام جدب وجفاف وقبائلنا معثرة ونطلب منك أن تعفي لنا ضريبة القطعان لهذا العام لكون السنة مجدبة وقد كان أن إتخذ الرئيس قرارا بإعفاء الرعاة في المنطقة من ضريبة القطعان لمدة عام بكامله إستجابة لرغبة الشيخ المر وإكراما له . وعندما رحل الشيخ المر عن الدنيا في العام 1980م نعاه الناعون وبكاه الناس بدمع سخين وكان موته مصيبة وقعت على بنات عمه وقبيلته حتى أن المنطقة بكاملها صارت مأتما الكل يبكي بمجرد سماعه النبأ وهي أشبه بالمصيبة التي قيل إنها وقعت على نساء الشكرية وهن يبكين أحد فرسان القبيلة ويدعي راس الهام بقولهن :
تب الحركة الجات من قدام
الكتلت راس الهام
يا راس الهام وا هانتي
السكن البوم في دانتي
أما عزاية المر التي لم تدخل الضل إلى يومنا هذا فقد قالت :
خبر إيش آ النمر أب قوف
خبر إيش آ كي الشرشوف
كان صبحنا بطردونا
وكان غربنا بضربونا
ولم تعد حياة أي من الفارسين ( أبو سبيب والمر) حياة عادية لما تحتوي عليه من إثارة ومواقف ومشاهد تجعل أية قناة تلفزونية شاطرة تتصدى لإنتاج فيلم حول أحدهما أو كليهما لا يقل عن فيلم تاجوج والمحلق الذي وقعت قصته في منطقة كسلا وكانت تاجوج هي عشيقة ود المحلق وأبو سبيب أيضا له عشيقة من قبيلة الشنابلة تدعي أم واطي وقد كان أبو سبيب يوما ما في نصرتها بعد أن أعاد الثروة التي نهبها الأعداء من ديار الحبيبة. لما لا وكتاب فرسان كنجرت لعبد الله علي إبراهيم نفسه يصلح ليكون مسلسلا على شاكلة المسلسلات البدوية التي ينتجها السوريون عن البداية السورية ويقدمونها للمشاهد العربي مثل غضب الصحراء وغيرها ولا تقل قصة فرسان كنجرت عنها من حيث الصراع ولا الرعب ولا المعاناة التي واجهها الكبابيش وهم يفقدون فرسانهم في ملاحم بطوليه راح ضحيتها شهداء هم علية القوم وسادتهم بدءا بأبي سبيب وهلال ود بخيت وعجور ود شطيطة ثم الشيخ التوم فضل الله سالم والشيخ صالح الشهير بجلطة والذي كان بطلا لكتاب سجين المهدي ...
أهل الخيول الجن وين سد بهانا
فوق أم علوقا كيل كايس الفتانه
بقطع سبع عيقان فوق أم عنانه
وقرعه تقيلة جات ما فات بكانه
وقبل طواقي الغرب ( شتت كنانه)
زنطير وكير خلفات وجب زمانه
قمرا مضوي وغاب فرقك شوانا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.