صورة مأساوية تلك التي شهدتها بمستشفى ودمدني بعنبر الباطنية الذي كان يخيم عليه الموت تذكرت اولئك النفر الكريم من الاهل والاخوان تذكرت اخي محمد وابن خالي علي ابراهيم الماصع وابن خالي أحمد محمد الماصع الذين توفوا بسبب داء البلهارسيا اللعين ولازالت اتذكر اخي الذي كان يتقيأ دما احمر قاتما وعندما نقل الي مستشفى ودمدني وجدنا ان كل نزلاء عنبر شيخ العرب كانوا يتقيأون دما بعد ان تمكن منهم داء البلهارسيا وبعد مضي اكثر من عشرين عاما تعود ذات الصورة بعد ان تمكن المرض من تلك الاجساد الهشة في ظل غياب الجهات الحكومية . ان طول شبكات الري بمشروع الجزيرة الذي يتجاوز «60» ألف كيلومتر ، و تتباين الطاقة الاستيعابية بين مواعين الشبكة التي تبدأ بترعتي الجزيرة والمناقل والترع الفرعية الي المصارف وابوعشرينات ،واذا كانت شبكات الري الانسيابي قد ظلت احد اهم مميزات المشروع فقد كانت لها سلبياتها والتي يأتي في صدارتها انتشار مرض البلهارسيا ومضاعفاته التي اهمها النزف المعوي الذي بدأ ينتشر بمنطقة المناقل وبلغت نسبة مرضي النزف المعوي القادمين من مناطق المناقل في مستشفيات ابن سينا وودمدني ومركز النيلين «90%»من جملة المرض ،ووفقا لدراسة اعدها معهد الطب النووي والاحياء الجزيئية وعلاج الاورام بجامعة الجزيرة ببعض قرى الكريمت ثبت ان البلهارسيا تعتبر أهم الامراض التي تتسبب في اعاقة النمو الاجتماعي والاقتصادي على مستوى المنطقة وقد ارتفعت معدلات الاصابة ووصلت نسبة المصابين بالمرض بالمناقل الي «50%» من جملة سكان المنطقة الذين يتجاوز عددهم المليون مواطن ، وما زاد من ارتفاع معدلات الاصابة انهيار مشروع النيل الازرق الصحي الذي تمكن وفق استراتيجية علمية من خفض معدلات الاصابة الي «10%» بين الاهالي كما يري الدكتور عثمان خلف الله سعيد عميد كلية طب الجزيرة السابق. كانت الصحافة قد اشارت في تحقيق صحفي سابق الي انتشار النزف المعوي و تليف الكبد ببعض القرى حول الكريمت اذ بلغ عدد المرضى الذين اجريت لهم موجات صوتية «1893» منهم «553» بكمبو ودالامين و«525» بالكريمت و«792» بكمل نومك و «172» بالعوامرة و«151» بكترة حمدان فيما بلغ عدد حالات تليف الكبد المتقدم «487» منهم «851» بكمبو ودالامين لوحده، وتبقي الصورة قاتمة جدا. ويري الدكتور الفاضل ابراهيم ان تفشي النزف المعوي المتصاعد في قرى المناقل يتطلب التدخل عبر حملات العلاج كما يتطلب الامر ارادة سياسية تقوم بتوفير الموارد المادية وتوفير العلاج عبر الدولة ، فيما ذهب المهندس عمر عبدالرحيم أحمد الي ضرورة استعجال نظم الري الحديثة والتي جاءت ضمن اصلاحات مشروع الجزيرة . خلال تواجدها بمستشفى ودمدني استمعت الصحافة الي انتقادات واسعة صوبها ذوو المرضي نحو والي الجزيرة بروفيسور الزبير بشير طه واصفين سياسته بالولاية بنها تفتقر للرؤي الاستراتيجية ولم تتضمن اي مشاريع يعول عليها سواء في مجال الخدمات الصحية او التنمية ، بينما سخر البعض من انتقادات الوالي للقيادات السابقة في الولاية، في وقت بات فيه مشغولا بافتتاح المشروعات التي قامت بتنفيذها تلك القيادات.