كيف يكون برئ الذمة من لا ذمة له ؟ ان الذين ظلوا يعتدون علي المال العام طوال حكم الانقاذ ويستفيدون من استغلال النفوذ واحتازوا علي الثروات الهائلة هم أصلاً عديمو الذمة ويحتاجون الي صدمة شديدة ترجعهم الي صوابهم ولذلك نحن نشفق علي الدعوات التي اطلقها حماة العدالة بهدف دفع المسؤولين كافة الي تقديم إقرارات ذمة مالية ولا يسعنا الا ان نقول ان إبراء الذمة وحده لا يكفي . وحينما نقول لا يكفي نضع في الاعتبار ان من سولت له نفسه ذات يوم الاعتداء علي مال الشعب السوداني ستسول له نفسه ان يكذب بشأن ذمته المالية وممتلكاته الحقيقية ويمكن ان يقوم بتسجيل العديد من الممتلكات وسحب الارصدة المصرفية قبل ان يقوم بكتابة ورقة تحتوي علي ما يملكه من مال حتي يظن الناس انه أفقر الخلق ، نعم كلما ابتكر الشرفاء وسيلةً لمحاربة الفساد طور المفسدون طرائق جديدة لمواصلة الطريق فهم اصلاً لا يؤمنون بأن يد العدالة ستطالهم لأنهم يظنون انهم قادرون علي تركيع العدالة وتطويعها بحيث لا تطالهم ، نعم هم الذين عناهم الحديث الشريف اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد فكيف ننتظر من مثل هؤلاء صدقاً في الذمة ؟ . نحن نشجع وزارة العدل ووزيرها مولانا محمد بشارة دوسة فهو علي الاقل اول وزير في الحكومة يتفاعل مع الدعوات المتنامية لمحاربة الفساد عكس كثير من الوزراء الذين يرون في الامر مجرد أماني سرعان ما يطويها النسيان بفعل المتاريس القانونية التي تحد من فاعلية مكافحة الفساد مالم تقترن الاتهامات بالادلة والاثباتات ، ان وزارة العدل بدأت خطوات جادة في سبيل محاربة الفساد عبر اجراء قانوني واضح بيد اننا نريد من الوزارات الاخري والمؤسسات المعنية بهذا الامر والتي تستطيع تقديم المساعدة مثل وزارة التخطيط العمراني وبنك السودان ووزارة الخارجية والداخلية ممثلة في المباحت وكافة الاجهزة الامنية بما فيها الامن الاقتصادي ..نريدهم ان يدعموا هذا الاتجاه الراقي الذي ابتدرته وزارة العدل وان يقوموا كل من موقعه بجمع المعلومات عن كل صغيرة وكبيرة تختص بكافة المسؤولين بمختلف درجاتهم وعمل مؤتمرات صحفية دورية لتمليك الرأي العام الحقائق حول اصحاب الحصانات ومدي تورطهم في مختلف التجاوزات ، نريد افعالاً تتناغم مع اقوال الخيرين من منسوبي الحكومة السودانية التي ما تزال تعتبر من الحكومات الراعية للفساد بحسب آخر تقرير صادر من منظمة الشفافية العالمية . المطلوب من كافة مؤسسات الدولة المعنية ان تدعم اتجاه وزارة العدل واذا انتظم الجميع في العمل من اجل محاربة ومكافحة الفساد فإن مستقبل السودان الاخلاقي قد يتغير نحو الافضل بعد ان شاعت الفاحشة والانانية والطمع وحب المال بين غالبية الناس بحكم موجة الفساد المتنامية التي غرقت فيها البلاد.