أكتب اليوم و فى قلبى أطياف من أحزان ، و فى اوراقى كلمات تشى ببعض من هذه الاحزان فى ذكرى أعزاء رحلوا عن دنيانا الفانية و بقيت معنا فقط ذكراهم..فيوم الاحد الماضي الموافق 24 ابريل حلت الذكرى الخامسة لرحيل العزيز محمد أزهرى كما كنا نناديه دون القاب منمّقه او مفخّمة كما يستمزج الاُمر اغلب الزعماء ، غض النظر ان كانت القابهم عن استحقاق و جدارة ام فرض مسميات موروثة او منزّلة مع سلطان السلطة و الجبروت ... و احيانا ، و ما اكثر هذه الاحايين، تجئ من اوسع ابواب هذا الزمان .. باب النفاق و الزلفى ، و لكن دعنى اقولها ، لك اخى حسن ، بملء الفم و انت من انت تعرف كل الاشياء ، الظاهرة و كثير من غير الظاهرة ،عن الاتحاديين خاصة و عن البلد عامة ، اقول اننا فقدنا زعيما حقيقيا كان قد نضج و اشتد عوده و تقدم ركب الوطنيين والاتحاديين عن كفاءة و مراس و اجتهاد فى سبر اُغوار القضية الوطنية عامة و قضية وحدة الحزب الاتحادى خاصة ، و لا أبالغ ان قلت ان نظراءه عزّوا و قلّوا . تلك حقيقة يعرفها تماما كل من عرف محمد الازهرى من قريب او بعيد، و الاهم ان اعداءه ، و هم قلة و الحمد لله ، يعرفونها و يدركونها و يقرونها ان جهرا او سرا و لا عزاء للمكابرين. رحم الله محمدا رحمة واسعة بقدر نيته و حبه وشغفه بوطنه السودان، و بقدر عطائه العلنى و السرى من اجل السودان ، و جزاه خيرا بقدر ما حمل من أمل و عمل ، متجردا و عفيفا و نظيفا و غير مساوم بالسلطة و الثروة وقتما طرحتا على الطاولة فى الزمن الصعب . زمن التزم بالاجندة الوطنية الاحرار الوطنيون ابناء الاحرار الوطنيين الذين ورثوا القناعة و الاباء و الوطنية الحقة عن قناعة لا توريثا لجاه أو مُلك أو صولجان . رحم الله محمدا و غفر له بشفاعة اهله و ابناء وطنه و اشقائه فى حزب عموم اهل السودان ، الازاهرة الخلّص المخلصين الانقياء من كل اشكال الدنس و الانزلاق الى هاوية المساومة بمستحقات الوطن مقابل مستحقات السلطة و الثروة. و رحم الله محمدا بشفاعة امة محمد صلى الله عليه وسلم التى دعت له عند العزيز الجبار المقتدر ان يرحمه و يتقبله شهيدا للوطنية و الوطن السودان ، الذى اوقف عمره عليه و افنى فيه زهرة شبابه و رهنه مقابل المسؤولية التى حملها على اكتافه طوعا و اختيارا و تكليفا ذاتيا . و تشاء ارادة المولى ان يرحل محمد الازهرى قبل حدثين هامين و ان كان احداهما خاص و الاخر عام. و الاول ان محمدا كان قد عقد قرانه على احدى كريمات الاسرة من جهة والدته الحاجة مريم اطال الله عمرها و متعها بالصحة و العافية و احسن عزاءها فى وحيدها محمد و الزمها و شقيقاته و اهله الصبر الجميل. و كان مقررا ان يتم العرس و الزفاف بعد اشهر ثلاثة او هكذا قبل رحيله. و الامر الاخر العام هو ان اتفاقا على الوحدة الاتحادية للتيارات الاتحادية الثلاثة الموجودة فى السودان انئذاك كان قد تم و شارك محمد فى الاعلان عنه فيما عرف لاحقا باعلان قاعة الصداقة، و لكن تشاء ارادة المولى ان يرحل محمد قبل زفافه و قبل اعلان ميلاد الحزب الاتحادى الديموقراطى الموحّد ، ثمرة جهده و سدرة منتهاه، و عزاؤنا اننا اتممنا ما خطط و عمل له الزعيم محمد، مكافحا و مناضلا من اجل ذات القضايا الرئيسة التى اجمعنا عليها، محمد ازهرى ، و نحن اشقاؤه الذين ما زلنا نحمل الجذوة الاتحادية عنوانا للوطن السودان ، ذلك الوطن الكبير الحر الابى المستقل الذى لا فيهو شق و لا طق .. وطن يسع الجميع ، و اننا عاهدنا انفسنا اننا لحافظون لذاك العهد و اننا سنعمل و نظل نعمل مهما بعد الهدف و طال الطريق و استوحش البعض مجاهل الدرب القاسى و ظلمة الليل الطويل و تساقط البعض من الرهق و الاحباط من عناء و اجهاد و مكابدة العراك غير المتكافئ طوال الحقب الطويلة التى تغيب او تغيّب فيها الديموقراطية ، و انّا ان شاء الله لواصلون الى تحقيق و استرداد السودان الحر المعافى الذى يتميز اهله بالكرامة و الفضيلة و العدل و الرفاهية و الرقى كما كان ، و الحمد لله من قبل و من بعد .