منذ بداية انطلاق الحملات الانتخابية لمرشحي رئاسة الجمهورية والخطاب السياسي قد ازداد عنفا وتنوعا. لقد ظهرت عدة تصريحات في الفترة الأخيرة من السياسيين الموالين للحكومة ومعارضين، جعلتني أقف أمامها، (أبحلق) فيها وأرفع حاجبيّ أمام التعبيرات المختلفة تملؤني الدهشة.. (خذوا) عندكم، أول تصريح كان للسيد رئيس الجمهورية وهو يرفض أصوات السكارى..ثم أعقبه الدكتور مصطفى عثمان أن حزب المؤتمر الوطني لا يرغب في أصوات (وسخانة)، وسخ وسكارى؟ هل صار هذا مكوناً اساسياً للشعب السوداني ليحذروا منهم؟ وهنالك أخيرا مقولة الدكتور نافع على نافع والتي هاجم فيها الأحزاب الأخرى المعارضة مسميا إياها.. بأحزاب :زعيط ومعيط» ولا أدري لماذا أول ما جاء في ذهني تكملة تلك المقولة الطفولية الذهبية و»نطاط الحيط»... لكن (ما علينا)!! من نماذج تصريحات الأحزاب المعارضة، ما جاء على لسان المؤتمر الشعبي الذي طالب بالحجر على المؤتمر الوطني واصفا إياه، (خلو بالكم معاي)، بالسفيه!! ومثال آخر، الرد الذي جاء به السيد رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد، مبارك الفاضل حينما سوئل عن تصريحات للدكتور نافع يقلل فيها من أهمية الأحزاب التي تخوض الانتخابات ضد المؤتمر الوطني. وذكر السيد مبارك أن «نافع يعتبر أكبر منفر للشعب» وواصل بأنه مجرد طبيب بيطري اعتاد التعامل مع «الحمير» لذا فهو غير قادر على التعامل مع البشر.» وبعيدا عن خطأ المعلومة، فالسيد مبارك لم يحاول حتى أن يحفظ لغريمه لقبه أو يخاطبه به مناديا إياه باسمه المجرد قبيل توجيه الإهانة. وذكرتني تصريحات ساستنا وهم في خضم المعركة الانتخابية بموقف جرى في خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة. فحينما كان الرئيس الأمريكي الحالي (باراك أوباما) يلقي خطابه متقبلا ترشيح حزبه لرئاسة الجمهورية، كان غريمه (جون مكين) قد قام بتسجيل خطاب تهنئة لغريمة وأذاعه على شاشات التلفاز. في ذلك الخطاب قام مكين بتهنئة أوباما على الإنجاز التاريخي الذي قام به كونه أول مرشح من أصول أفريقية يصل إلى قمة الحزب الديمقراطي قائلا له:» تقبل التهاني على إنجازك عمل جدير بالاحترام». لقد خرجت ميزانية ڤيديو التهنئة الذي أذاعه مكين من ميزانية حملته الانتخابية والتي كانت تواجه ضائقة مالية، لكنه وجد أنه لا بد وأن يهنئ غريمه أمام الشعب الأمريكي والعالم حينما يقوم ذلك الغريم بعمل لا مثيل له. ولكن، كحال السياسة، لم تدم لحظات العسل طويلا، فبعدما قام مكين بتهنئة أوباما على شاشات التلفاز، قامت إدارة حملته الانتخابية سريعا بتحليل خطاب أوباما الذي ألقاه وأوضحت أماكن الضعف فيه. إن انتقاد فريق يسعى للفوز بالانتخابات للفريق الآخر لهو أمر متوقع، بل أن هذه هي (عصبة) الانتخابات. أن يعرف المرشح نفسه وأن يبين للناخبين الفرق بينه وبين الآخرين..كذلك يسعى المرشح لتوضح برنامجه الانتخابي وخطته الكاملة لتقديم العون للشعب والدفع بعصى التنمية.. بل أنه من المتوقع أيضا أن يبين كل مرشح الأسباب التي يعتقد أن على أساسها لا يصلح المرشحون الآخرون لقيادة البلاد.. لكن كل هذه النقاط يمكن أن تقام وأشجار الاحترام وارفة الظلال.. ورجاءً رأفة بنا نحن أبناء الشعب.. فالملافظ، وخاصة من السياسيين، سعد!!