حذرت مجموعة الأزمات الدولية أنه ما لم تعالج المظالم في السودان من قبل حكومة تعددية شاملة، فان البلاد ستتعرض إلى مزيد من العنف والتفكك حتى بعد انفصال الجنوب رسميا في يوليو المقبل. وقالت المجموعة الدولية في تقرير صدر أمس تحت عنوان «انقسامات في الحزب الحاكم في السودان والتهديد لمستقبل الاستقرار في البلاد» أن حزب المؤتمر الوطني لم يعالج الأسباب الجذرية للصراعات المزمنة في البلاد، وبدلا من ذلك فقد فاقم الانقسامات العرقية والإقليمية وعمق تناقضاتها. ورأى التقرير أن المؤتمر الوطني يواجه تحديات أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية، ولكنه منقسم بشدة بشأن الطريق إلى الأمام، كما حشد الحزب أجهزته لكبح أي تغيير داخلي محتمل أو انتفاضة، وخنق النقاش الدائر حول مسألتي التنوع والهوية في السودان، ومازال على استعداد إلى تقسيم ولايات رئيسية لإرضاء «البارونات» السياسية. وأضاف التقرير أن قادة الحكم باتوا يخشون من تفكك حزبهم، وأصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على الولاء الشخصي والقبلي للبقاء في سدة الحكم»، وقال كبير مستشاري مجموعة الأزمات لشؤون الاتحاد الإفريقي والسودان فؤاد حكمت أن السلطة تتركز الآن وعلى نحو متزايد في أيدي مجموعة ضيقة حول الرئيس. وحمل حزب المؤتمر الوطني مسؤولية إهدار فرصة للحفاظ على الوحدة الوطنية وإقامة دولة مستقرة وديمقراطية، كما قاوم التنفيذ الجدي لكثير من بنود اتفاقية السلام لأن من شأن ذلك إضعاف قبضته على السلطة على نحو كبير. وذكر التقرير أن المناطق في الهامش التي تشهد توترا لا تقتصر على دارفور فحسب، بل تشمل جنوب كردفان والنيل الأزرق وشرقي البلاد ،وبدأ يتشكل قطاع جديد مستاء من هيمنة الحزب الحاكم ،كما يطالب الكثير من السودانيين بترتيبات دستورية واسعة من شأنها توزيع السلطة والموارد والتنمية بصورة عادلة بين المناطق،وأشار إلى أنه يمكن معالجة هذه القضايا من خلال حوار وطني حقيقي تديره حكومة تعددية شاملة ومقبولة إذا أراد السودان تجنب المزيد من العنف والانقسام. ودعا التقرير المجتمع الدولي بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة،إلى الضغط على حزب المؤتمر الوطني لإشراك المعارضة في مثل هذا الحوار الوطني من أجل تعزيز الأساس لبرنامج وطني لإرساء الاستقرار يتضمن مبادئ واضحة لإنشاء عقد دستوري شامل متفق عليه من قبل كل القوى السياسية. من جانبها قالت مديرة برنامج أفريقيا لدى مجموعة الأزمات الدولية كمفرت ايرو أنه مع اقتراب انفصال الجنوب فان الوضع في بقية أنحاء البلاد يتطلب إعادة ترتيب بشكل كامل ،موضحة أن حزب المؤتمر الوطني يعتزم مواصلة الوضع الراهن للحفاظ على النظام السياسي كما هو، وعقد صفقات سلام منفصلة مع كل من يرفع السلاح ويحشد الإسلاميين ضد من يعارض حكمه «الأمر الذي سيؤدي لمزيد من المشاكل في بلد طالت معاناته».